فى بداية يوليو 2012، نشر الجيش العراقى موارد إضافية لدعم مواقعه على الحدود السورية، وفى الأنبار تم إرسال وحدات من اللواءين الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والعديد من سرايا الصاعقة إلى قواعد دوريات بالقرب من الحدود، بينما تم نقل عناصر من اللواء الثامن والثلاثين من محافظة ذى قار الجنوبية إلى "معبر ربيعة" الحدودى (الجانب العراقى من "معبر اليعربية" الحدودى)، فى شمال غرب محافظة نينوى. فبالإضافة إلى الدفاع عن المدن الحدودية من انتشار عدوى العنف، كان الهدف من عمليات الانتشار هذه تضييق الخناق على التعاون الحدودى بين القبائل العراقية والثوار السوريين وكذلك تيسير مرور المعونات العسكرية إلى النظام فى دمشق. وتظهر الأحداث الأخيرة فى منطقة الربيعة كيف أن الوضع الحدودى أصبح أكثر هشاشة، مع دخول قوات الجيش العراقى فى مصادمات مسلحة أكثر تكراراً مع الثوار السوريين. خاصة أن القوات التى يهيمن عليها الشيعة فى منطقة الربيعة تعد جديدة نسبياً على المنطقة وتعرضت بشكل متكرر للاستهداف من قبل تنظيم القاعدة فى العراق، بما فى ذلك عن طريق تفجير سيارة انتحارى فى نوفمبر أدى إلى إصابة ستة أفراد. ويمثل الهجوم عدداً من السوابق فى المنطقة. إذ أن منطقة الرطبة فى محافظة الأنبار هى مركز للشاحنات على الطرق المؤدية إلى سوريا والأردن، وقد عاود تنظيم «القاعدة فى العراق» الظهور هناك مجدداً منذ عام 2010. كما كانت منطقة الصحراء الغربية غير الخاضعة للسيطرة مسرحاً للعديد من الأحداث المروعة، أبرزها اكتشاف قطع رءوس ثلاثة مشايخ بارزين فى يوليو 2011 وتفجيرهم لمنع دفنهم، ومجزرة سبتمبر 2011 لواحد وعشرين حاجاً شيعياً كانوا يستقلون حافلة فى النخيب. وربما يشير الترتيب المسبق لكمين 4 مارس أن المواكب السورية أمر منتظم الحدوث فى المنطقة، وأن المهاجمين تلقوا معلومات مسبقة من مصادر محلية فى صفوف السكان المحليين أو قوات الأمن. ما سبق يعنى أنه أصبح من الواضح أن اندماج حركات التمرد السورية والعراقية سيضر بمصالح العراق وسوريا والولايات المتحدة على حد سواء. لذا يجب على واشنطن أن تشرك بغداد لمنع انتقال الحرب من سوريا إلى أكثر من ذلك داخل العراق، وهو ما قد يبث الحيوية مجدداً فى تمرد العرب السنة المحتضر. وعلى وجه الخصوص، يجب على واشنطن أن تذكر بغداد بقوة بالتبعات المزعزعة للاستقرار فى حالة المبالغة فى ردود فعل القوات الحكومية أو الجماعات الشيعية، لا سيما لو أخذوا إجراءً ضد مجتمعات السنة الداخلية فى محاولة لاستئصال الجهاديين العراقيين والسوريين. كما ينبغى على واشنطن أن تحجم من رواية بغداد المتصاعدة بشأن احتجاجات السنة فى العراق ووصفها بأنها مجرد "انتشار للعنف من سوريا"، وهى رواية أعلن عنها مستشار الأمن القومى فالح الفياض فى 25 فبراير. فتصريحه بأن "الانقسامات فى سوريا قد تؤثر على وحدة العراق" تخفى وراءها حقيقة أن فشل بغداد فى دعم المصالحة الطائفية منذ عام 2009 كان محفزاً رئيسياً لغضب السنة وأن ذلك الوضع يجب تصحيحه. إن الموجة الحالية من الاعتقالات "الوقائية" فى أجزاء يقطنها السنة فى العاصمة وحولها لا تعمل سوى على زيادة مخاطر انتشار العنف التى حذر منها الفياض. وسوف يطمئن مجتمع السنة لو تعاملت بغداد بحزم مع الجماعات الأمنية الشيعية الجديدة، مثل "جيش المختار"، التى تسعى إلى استغلال الخوف الطائفى المتزايد داخل المجتمع الشيعى من خلال التهديد بتطهير المناطق المختلطة من السنة. كما قد تأتى لحظة انفجار حقيقية بعد الإطاحة بنظام الأسد، حيث قد تتصادم حينها فرحة السنة العراقيين مع القمع الحكومى فى بغداد والمناطق المحيطة. ولو جاءت تلك اللحظة، يجب أن يكون القادة والدبلوماسيون الأمريكيون على استعداد لتكريس جهودهم لدى الحكومة العراقية فى وقت سيتجه فيه كل الاهتمام إلى الأحداث الجارية فى سوريا. وستحتاج واشنطن أيضاً فى ذلك السيناريو إلى الضغط على الفصائل فى سوريا ما بعد الأسد لعدم التدخل فى العراق. نقلاً عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى