وصلتني رسالة تقول: كنت في الثلاثين من عمري عندما تقدمت لخطبة زميلتي في العمل، أعجبت بجمالها وأناقتها، تمسكت بها بالرغم من أنها لم تنل إعجاب أهلي، ارتبطنا وكانت فترة الخطوبة قصيرة، اقتصرت على إعداد بيت الزوجية والتحضير للفرح، بدأت تنشب بعض الخلافات بيننا، بدأت أشعر أنها مغرورة وأنانية تعيش فقط لنفسها حيث تربت وحيدة والديها، دللاها خلالها تدليلا مفرطا، لم يرفضا لها طلبا، ظنًا منهما أنهما يحققان لها السعادة. لم أقف عند تلك الصفات ومدى تأثيرها على حياتنا فيما بعد، تزوجنا وتصاعدت الخلافات بيننا، فهي تريد السيطرة على، وتحاول إبعادي عن أهلي بشتى الطرق، تحارب دون كلل لتحقيق ذلك، مع العلم أنهم كانوا يحسنون معاملتها، تحول البيت لجحيم، فكانت الأسرتان تجتمعان دائما للإصلاح بيننا لكن دون جدوى، تحول الحب الذي في قلبي لها، فأصبحت أكره الرجوع للبيت تجنبا لوصلة النكد، استحالت الحياة بيننا فاتفقنا على الطلاق وبالفعل طلقتها منذ عدة سنوات، أهلي حريصون على أن أرتبط من جديد ويسعون لتزويجي، والمشكلة أن تجربتي هذه جعلتني أخشى الزواج أو الوقوع في الحب مرة ثانية، خاصة أني أجد نسبة كبيرة من أصدقائي انفصلوا عن زوجاتهم ومنهم من طلق بعد أن أصبح أبًا، أود التخلص من حيرتي، وأحلم بحياة سعيدة لكني لا أعلم ماذا أفعل؟ ولصاحب هذه الرسالة أقول: حاول أن تخرج نفسك من القصة، ولتنس أنك الشخصية الرئيسية فيها، ولننظر سويًا من نفس الموقع، موقع تحليل جوانب المشكلة وتقييمها لنصل للنتائج الصحيحة. عناصر المشكلة: كان الاختيار مبنيًا على المظهر فقط ولم يتعده - عدم الاستفادة من تقييم الأهل لزوجتك مع أنهم أصحاب التجارب والخبرات- خسارة فترة الخطوبة وعدم اغتنامها لدراسة جوانب الشخصية ووضع أسس بناء الحياة الزوجية - عدم الاهتمام بمعالجة جوانب الشخصية السلبية بالرغم من ظهور لمحاتها في فترة الخطوبة - استسلامك للأثر السلبي الناتج من فشلك في تجربة. نعم يمكنك الارتباط من جديد مع الأخذ في الاعتبار أن يكون اختيارك هذه المرة مبنيًا على جوهر الشخصية ودراسة طبائعها، ولا شك أن رأي الأهل مهم جدًا، كما أن إرضائهم فيه خير كبير. أخي الفاضل ليس العيب في الزواج، لكن المهم كيف نختار شريك الحياة، فالزواج عن طريق الحب وحده دون إعمال العقل يؤدي إلى التجاوز عن عيوب الآخر والتغاضي عنها بما فيها العيوب الجوهرية التي تقتل الحب، فيضيع ويصبح الحب (الذي كان) وقت لا ينفع الندم. وفي نفس الوقت فإننا لسنا آلات حتى نضع مواصفات ونقيس عليها دون أن يكون هناك دور للمشاعر، فحياة تقوم على العقل فقط هي حياة جافة لا طعم لها، ومع الحب والمودة تتضاءل الخلافات، لذلك ينبغي أن يتمازج ويتماهى العقل مع القلب فينتج التوافق النفسي والارتياح والتفاهم والاقتناع التام بجوانب الشخصية. ومن الأمور المهمة التي تساعد على نجاح الزواج، المصارحة بين المخطوبين تفيدهم بكل المقاييس، إذ أن فتح القلوب يزرع الثقة بين الطرفين ويقيهما الشعور بالخيانة والكذب والتضليل، فالأفضل أن يصارح كل من الخطيبين الآخر بكل تفصيلات شخصيته بلا تزويق أو تزييف، يحكي له عن صفاته وطبائعه، عاداته، هواياته، إذ أن أخفاء شخصية الخطيب عن خطيبه والتمويه بشأنها من شأنه أن يهدم الحياة الزوجية وينقض أساسها عند اكتشاف تفصيلاتها بعد الزواج، لكن يفضل أن تكون المصارحة في مرحلة تالية لمرحلة التعارف والتآلف طالما أنها ليست أمورا خطيرة توجب المصارحة من أول يوم. ومن أهم خطوات نجاح الزواج، هي الاتفاق على وضع ضوابط عامة للحياة الزوجية من الأيام الأولى في فترة الخطوبة، كالاتفاق على الاحتفاظ بأسرارهما، كيفية تربية الأبناء وتنشئتهم النشأة السليمة، الاتفاق على ميزانية البيت، وشكل الإنفاق، والمصارف الضرورية التي توجه الأسرة ميزانيتها إليها ووسيلة الادخار، طرق الترفيه، عمل المرأة، التعاون في إنجاز أمور المنزل، طريقة فض الخلافات، الاحترام المتبادل، كيفية اتخاذ القرارات. هذه بعض الوصايا لك ولأصدقائك وللمقبلين على الزواج بشكل عام.