صادق البرلمان الماليزي، اليوم، على قانون لمكافحة الإرهاب يشمل التنظيمات الإسلامية المتطرفة في خطوة وُصفت بأنها تشكل انتهاكا واسعا لحقوق الإنسان. وتزامنت المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب مع إعلان الحكومة عن أن 17 شخصا تم توقيفهم نهاية الأسبوع الماضي، خططوا لاختطاف شخصيات مهمة وتنفيذ هجمات إرهابية تأثرا بتنظيم الدولة الإسلامية الجهادي. ويسمح القانون الجديد للسلطات باعتقال مشتبه بهم بالإرهاب من دون توجيه تهمة. وأدانت المعارضة السياسية ومنظمات حقوق الإنسان المصادقة على القانون وطالبت بإلغائه على اعتبار أنه يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان. وقال النائب المعارض نجارجان سوريندران إن القانون "ينص على احتجاز طويل الأمد ومن دون محاكمة"، وبالتالي فإنه يشكل انتهاكا خطيرا للديمقراطية. وكانت الحكومة أكدت في وقت سابق أن القانون لن يُستخدم ضد أي شخص على خلفية مواقف "سياسية". اما سوريندران فقال "لا أعتقد أن هناك أي أساس لادعاء الحكومة بأن هذا القانون ضروري لاحتواء "داعش". وطالما حذرت السلطات الماليزية من الخطر الوشيك للهجمات الإرهابية تزامنا مع صعود تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، مشيرة إلى أن العشرات من هذا البلد ذات الغالبية المسلمة تطوعوا للقتال إلى جانب التنظيم الجهادي. ووسط الجدال المشتعل حول القانون الجديد، أعلن رئيس الشرطة الماليزية الوطنية خالد أبو بكر، أن المعتقلين يوم الأحد استوحوا أفكارهم من تنظيم الدولة الإسلامية وكانوا يخططون لاختطاف شخصيات مهمة وشن هجمات إرهابية. وأضاف أنهم خططوا لسرقة مصارف بهدف تأمين التمويل واقتحام منشآت عسكرية ومراكز للشرطة للحصول على السلاح. وأوضح المسئول في بيان أن "17 شخصا تتراوح أعمارهم بين 14 و49 عاما اعتقلوا خلال اجتماع سري للتخطيط لهجمات إرهابية في منطقة كوالالمبور". وتابع أن "هدف هذه المجموعة الإرهابية الجديدة كان تشكيل تنظيم مشابه للدولة الإسلامية في ماليزيا، وتضمنت مخططاتهم خطف شخصيات رفيعة المستوى". وكان من المفترض أن تستهدف الاعتداءات مواقع خارج العاصمة كوالالمبور ومنطقة بوتراجايا القريبة التي تشكل مقرا لدوائر الحكومة الفدرالية. وبحسب خالد، بلغ عدد الأشخاص المعتقلين على خلفية الاشتباه بالتورط مع تنظيم الدولة الإسلامية 92 شخصا. وتحتج المعارضة السياسية على عدم إفصاح الحكومة عن تفاصيل بشأن عشرات الاعتقالات أو حتى عن حجم الخطر الإرهابي الذي تحذر منه. وفي هذا الصدد أشار سوريندران، إلى أنه ليس مصادفة الجمع بين الإعلان عن الاعتقالات وطرح قانون مكافحة الإرهاب. ويخشى معارضون للتحالف الحكومي الحاكم منذ الاستقلال في العام 1957 أن يستخدم لتبرير الاعتقالات من دون محاكمة. وعادة ما لجأت السلطات إلى قانون أمني سابق يسمح بهذا النمط من الاعتقالات، وكان يُستخدم أساسا لاعتقال معارضين سياسيين لفترات طويلة. وتم إبطال العمل به في العام 2012 إثر ضغوط سياسية واسعة. ومن جهته، قال فيل روبرتسون، نائب مدير مكتب آسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، إن "تمرير هذا القانون يشكل تراجعا مهما لحقوق الإنسان في ماليزيا"، وأضاف أنه "يثير القلق من أن ماليزيا ستعود إلى ممارسات الماضي حين كان رجال الحكومة يستغلون الخوف من الاعتقالات غير محددة المدة لإثارة الرعب بين منتقدي (السلطات) وإسكاتهم". وواجه حزب المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة، المسيطر على التحالف الحكومي الحالي، تراجعا في الانتخابات الأخيرة مقابل تقدم حزب معارض يتهمه بالفساد واستغلال النفوذ. وتعهد رئيس الحكومة نجيب رزاق في العام 2011 بتعزيز الديمقرطية وأطلق حملات للانفتاح السياسي، إلا أنه تغير بالكامل منذ التراجع الذي تم تسجيله في انتخابات العام 2013. واتُهم العشرات من المعارضين السياسيين والأكاديميين والناشطين والصحفيين بالتحريض فضلا عن اتهامات أخرى في حملة يقول محللون سياسيون إن هدفها الضغط على المعارضة. وصادق البرلمان على القانون المثير للجدل في وقت مبكر من صباح الخميس بعد نقاش استمر طوال الليل. وفي أغسطس الماضي قالت الشرطة إنها أحبطت هجمات مستوحاة من "الدولة الإسلامية" لتفجير حانات ونواد ليلية ومصنع لإنتاج الجعة، واعتقلت أكثر من عشرة أشخاص. وفي يناير أعلنت الشرطة توقيف 120 شخصا في الإجمال للاشتباه بصلتهم بتنظيم الدولة الإسلامية أو السعي للذهاب إلى سوريا أو العراق. وأوضحت آنذاك أن 67 ماليزيا توجهوا إلى الخارج للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية وخمسة منهم قاتلوا في صفوف التنظيم الجهادي وسقطوا قتلى.