شاركت المرأة المصرية فى ثورة يناير جنبا إلى جنب مع الرجل، واعتصمت وهتفت، وأسقطت النظام، ونادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وتعرضت للخرطوش والسحل، وأحذية الجنود التى لم تفرق بين رجل وامرأة، والتى لم تحترم قدسية أو حتى عورة المرأة. تحملت كل ذلك لتنال حريتها وتحصل على المزيد من الحقوق التى تجعلها تصل لما وصلت إليه المرأة فى العالم المتقدم. وبعد إسقاط النظام القديم، ظنت المرأة أنها أمام عهد جديد سينصف المرأة ويجعلها بالفعل جنبا إلى جنب مع الرجل لننهض ببلادنا، ونلحق ركب الدول المتقدمة.. وكانت هناك بقع ضوء أعطتنا الأمل.. كحصول المرأة على مقاعد فى النقابات المهنية، وإلى الاتجاه لتأسيس عدد من الأحزاب النسائية، وانتشار العديد من الحركات النسائية. لكن ما حدث هو مزيد من الانتهاكات لحقوق المرأة.. بل إن الأمر وصل لحد التطاول على عفتها، وحرمتها وقدسيتها.. والأمر بدأ بالقبض على الفتيات والنساء المتظاهرات بميدان التحرير، وسحلهن واعتقالهن، وتعريضهن لأسوأ ألوان التعذيب المهين.. بدءا من إسماعها أحط وأقذر الألفاظ التى تخدش حياءها، إلى حد التطاول على جسدها بكشوف العذرية، التى تعرضت لها من قبل جنود المجلس العسكرى. والأمر بلغ ذروته بعد وصول التيار الإسلامى للحكم، والبداية كانت مع برلمان الثورة الذى عقدت عليه الآمال لتحقيق مطالب الثورة.. فوجئنا باتجاه متعمد لإقصاء المرأة، فألغيت الكوتة، واكتفى القانون المنظم للترشح فى الانتخابات بإلزام الأحزاب بوضع امرأة على الأقل بقائمة كل حزب، فجاءت النساء فى ذيول قوائم الأحزاب الدينية. فجاء برلمان الثورة بعدد قليل من النساء اللاتى لم ينصفن المرأة.. بل إن إحداهن طالبت بإلغاء قانون تجريم الختان، وكذلك أرجعت الذنب على الفتاة فى جرائم التحرش. ولا ينسى النائب الذى طالب بتخفيض سن زواج الفتيات، وربطه ببلوغهن، حتى وإن كانت فى التاسعة من عمرها. وبعد تولى الرئيس محمد مرسى رئاسة الجمهورية، ووصول الإخوان للحكم أصبح حال المرأة أكثر سوءا، فزادت فى عهده حالات التحرش بشكل مبالغ فيه، حتى وصل الأمر إلى حالات التحرش الجماعى الممنهج، والذى يعكس خطة ممنهجة لإرهاب الثائرات المصريات لكتم أصواتهن، وتكميم أفواههن.
وأكدت التقارير التى أعلنها كثير من المنظمات ومراكز الرصد، أن أحوال المرأة المصرية بعد الثورة، تدهورت، ورصد تقرير مركز "سيداو للديمقراطية وحقوق الإنسان"، أن هناك ما يقرب من 1560 حالة تحرش، وما يقرب من 50 حالة اغتصاب، بعضا منها يليه قتل الضحية خوفا من افتضاح أمر الجانى، فى ثمانية أشهر هى مدة تولى مرسى الحكم. ولكن ما يجهله كل من تسوى له نفسه أنه يمكن إعادة المرأة لعصر المشربية، واليشمك، أن المرأة المصرية قد عرفت طريق النضال الوطنى، وأصبحت أكثرا وعيا بحقوقها، وأنها لن ترضخ، ولن تسمح أن يسلب منها أى حق من حقوقها.