خمس دقائق مرت قبل أن ينطق عبده المهللاتي بكلمة وهو بصحبة صديقه سيكا المقللاتي الجالس إلى جواره بذات المقهى العتيق, الذي شهد المئات من المناظرات الساخنة بين العدوين الودودين, لكن يا ترى ماذا قال الأول للثاني.. وهو يتململ في جلسته قال المهللاتي أفندى إنه مبسوط للغاية من قرار الرئيس محمد مرسي بإبعاد النائب العام المستشار عبد المجيد محمود عن منصبه, فلما سأله المقللاتي عن سبب انبساطه, راح صاحبنا يعدد مبرراته قائلاً: ببساطة لأن الرجل هو عين الطرف الثالث الذي طالما نصر الفساد والمفسدين على حساب الشرفاء, بل إنني لا استبعد أن يكون هو ذاته اللهو الخفي الذي يقتل ويخرب دون أن يترك وراءه دليلاً. بنظرة ذائغة ومطة بوز, عبر المقللاتي عن عدم ارتياحه لما يقوله صديقه, لكن الرجل لم يهتم وأخذ يشرح وجهة نظره بعبارات أخرى: أعلم أن هذا النائب العام هو رأس الفساد, بل شيطان رجيم, فهو من طمس أدلة إدانة قتلة الثوار, فقد نجح في إتلاف السيديهات المسجل عليها الأوامر والمكالمات الهاتفية بعدما جمعها من كل الأماكن التي كانت مخبأة فيها, وذلك بمساعدة ساحر هندي, استخدم سحره الأسود وسخر الجان لإتمام المهمة بنجاح. لم يصمت المقللاتي إزاء ما يسمع فقرر إطلاق مدافعه الكلامية صوب أذن صديقه, قائلا: يا أخي لقد ظلمت الرجل ظلما بينا فالمستشار عبد المجيد رجل ولا كل الرجال, بل أحسبه ملاكاً بجناحين, وهو عين العدالة الساهرة, فكان سباقاً بالحق وإلى الحق وكثيراً ما قال للغولة «يا غولة عينك حمرا»! ضحك المهللاتي ساخراً من حديث صديقه, لكن المقللاتي لم يهتم لقهقهة صاحبه وواصل كلامه: لا يهم رأيك فأنت مخدوع ومخادع, أما النائب العام الذي يريد مرسى «خلعه» فهو الرجل المناسب في المكان المناسب وفكرة تعيينه سفيراً لدى الفاتيكان ليس سوى محاولة إخوانية للتغطية على جرائم الجماعة وأتباعها, فهم الطرف الثالث وهو من يعمل على كشف فضائحهم أمام الناس. إلى هنا لم ينته الحوار الساخن بين المهللاتي والمقللاتي, فكلاهما يرى أن وجهة نظره هي الصحيحة وأن صاحبه مغيب وجاهل أو مدلس وفاسد, ولهذا لم يخرج متابعو تلك المناظرة في المقهى العتيق بنتيجة, وانتهى الأمر بأن خرجوا جميعاً وكل منهم يضرب أسداسا في أخماس!