عقب نشر «فيتو» تحقيقاً فى عددها الماضى كشفت فيه عن مافيا الجزر النيلية وتحويل تلك البؤر المنتشرة بطول النهر الخالد إلى أوكار ليل ومصدر لترويج المخدرات وتجارة السلاح والآثار فوجئنا بشخص ممن شملهم التحقيق يحضر إلى مقر الجريدة معلناً عن توبته وكاشفاً عن أسرار جديدة. فعقب نشر التحقيق الموثق بالصور والمستندات والذي لعب فيه احد الخارجين على القانون والساعي للتوبة دور الوسيط , انزعج عدد من أباطرة تلك الجزر وتجار الحرام, فقاموا بإحراق أراض زراعية خاصة بالوسيط «وليد عثمان» وسط وابل من طلقات النيران, ليسقط شقيقه مصابا قبل أن ينقل إلى مستشفى قصر العيني ليرقد فى الفراش بين الحياة والموت, غير أن الأمر لم يزد عثمان إلا عنادا وعزيمة على مواصلة مشوار التوبة. هدية عثمان ل «فيتو» والقربان الجديد الذي يتقرب به إلى أحضان التوبة كانت الكشف عن مافيا تجارة الآثار المقلدة والتي يتخصص فيها بعض من الخارجين على القانون بتلك الجزر الواقعة على نيل القاهرةوالجيزة. بداية المغامرة الخاطفة كانت على «موتوسيكل» يقوده عثمان مخترقا إحدى الجزر الجيزاوية ليتمكن محرر «فيتو» من التقاط صور فوتوغرافية غاية فى الخطورة ترصد مخازن وورش تصنيع القطع الأثرية المقلدة والتى تستخدم فى النصب على راغبي الثراء السريع وعديمي الخبرة ممن يقتحمون تجارة الآثار, حيث يتم وضع قطعة أثرية أصلية وسط العديد من القطع المزيفة تقدم للزبون الذي يحضر معه احد الخبراء المتخصصين للتحقق من «التمثال» وبعدها تتم الصفقة بقطعة مشابهة لكنها مزيفة. عثمان كشف أمرا مهما يدور حول الاستيلاء على العديد من القطع الأثرية النادرة من مخازن منطقة سقارة بالجيزة ومخازن أخرى فى غير محافظة مصرية عقب ثورة يناير استغلالا لحالة الغياب الأمني التام عن كثير من تلك المخازن, وقام عثمان بتزودنا بمقطع مصور يستعرض فيه العديد من تلك القطع الأثرية الأصلية. وفقا للمصدر ذاته, يتم دفن قطعة أثرية فى باطن الأرض بإحدى المناطق لإيهام البسطاء بأنها أراض أثرية تحوى كنوزا فرعونية, ما يدفع احد هؤلاء «المغفلين» لعرض مبلغ مالي كبير مقابل شراء الأرض لاستخراج ما بها من كنوز, وعادة ما يدفع مبلغا يفوق عشرة أضعاف السعر الحقيقى للأرض, ومن ثم يتم الاستعانة بأحد الدجالين بدعوى المساعدة فى تسخير الجان وفك اسر الكنز, وهو كنز وهمى من تماثيل مقلدة يتم تصنيعها فى ورش خاصة داخل بعض الجزر النيلية البعيدة عن الرقابة الأمنية وكذا مناطق معروفة فى مركز العياط بمحافظة الجيزة. وفيما يتعلق بالأسعار, فالأمر يختلف من قطعة لأخرى, فالتمثال المصنوع من البازلت الأسود يبدأ من 11 مليون جنيه, بينما ذلك المصنوع من الجرانيت الوردي أو الأخضر هو الأعلى سعرا و يتجاوز 100 مليون جنيه, وذلك وفقا للقائمة التى تتعامل بها مافيا تجارة الآثار الأصلية والمضروبة, غير أن هناك وسطاء وزبائن ذوى خبرة, يتعامل معهم هؤلاء التجار على أنهم زبائن من النوع المستديم الذي يجب عدم خداعه , بينما ما يعرف بالزبون ال«طيارى», أو هؤلاء السذج الراغبين فى الثراء السريع فيمكن خداعهم بالقطع المضروبة خاصة أن أيا منهم لن يجرؤ على إبلاغ الشرطة لأنه ساعتها سيعاقب بالقانون! إلى هنا انتهت المغامرة, لكن صديقنا التائب آثر أن يأتي إلى «فيتو» ليعلن من خلالها عبر الصوت والصورة توبته مستغيثا بالأجهزة الأمنية لحمايته وأسرته من بطش مافيا الجزر النيلية, أباطرة الليل والكيف وكل أنواع التجارة الحرام.