«حد الحرابة هو حد من الحدود الشرعية التي اتفق عليها الفقهاء مثل باقي الحدود الشرعية ولكن يوجد اختلاف فيما بينهم على من يطبق عليه هذا الحد» بهذه الكلمات أطاح الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر بالأسس التي بنى عليها النائب السلفي ومؤيدوه في الأزهر ضرورة تطبيق حد الحرابة بعقوباته الأربع الواردة في الآية القرآنية على كل البلطجية في مصر بدعوى أنهم بأعمالهم يحاربون الله ورسوله. الهلالي أضاف أن الفقهاء أجمعوا على ضرورة العمل بقاعدة «درء المفاسد بالشبهات» وهى قاعدة فقهية تقول إنها تدرأ بالشبهات، ومعنى تدرأ بالشبهات أنها مشروطة بأن يكون السبب المعروف في التوصيف القانوني بعلاقة السببية يقينيا وليس تخمينيا أو مجرد شبهة مؤكدا أنه لو كان مجرد شبهة فلا يقام الحد سواء كانت الشبهة في الفاعل أو في المحل أي في الجاني والمجني عليه. في ذات السياق، قال الدكتور الهلالي إن هناك أحاديث نبوية كثيرة أكدت على قاعدة الدرء بالشبهات، منها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها « ادْرَءُوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فلأن يخطئ الإمام فى العفو خير من أن يخطئ في العقوبة» مؤكدا على اتفاق الفقهاء على أن الشبهة حق للمتهم أيضا. أحقية المتهم في درء الشبهة وفق تفسير الهلالي تنسف قانون النائب السلفي من أساسه، حيث قال: إذا قال المتهم إن هناك شبهة هنا يلزم إيقاف الحد ولو قال المتهم كذباً إن هذا الأمر غير صحيح، هنا يصبح الحد غير واجب مؤكداً أن تطبيق حد الحرابة يستلزم أولا فهم الحدود في الشريعة الإسلامية بشكل كامل، مشيرا إلى أنه في حالة تطبيق درء الشبهات، فإنه لن يعاقب سوى المتهم الذي يعترف ويقر على نفسه فقط بارتكاب الجريمة أمام القاضي. الحدود كما قال الهلالي ليست عقوبة، وإنما تطهير وتطلب ولا تفرض مستدلا على ذلك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل اسمه ماعز وقال له طهرني يا رسول الله من معصية الزنا وهو حديث طويل ومشهور عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال فيه لماعز مرة ارجع لعلك لمست ومرة أخرى ارجع لعلك قبلت، وهكذا مرات أخرى بصيغ أخرى وكان يهدف الرسول من ذلك دفعه إلى التوبة أو يفطن أي الرسول إلى سلامة اعترافه بالمعصية التي ارتكبها قبل تطبيق الحد عليه. الهلالي كشف عدم فهم المؤيدين لقانون النائب السلفي للآية القرآنية المبنى عليها حد الحرابة وهى الآية 33 من سورة «المائدة»، وطالبهم بقراءتها ثانية والتمعن بدقة فيها قائلا: العقوبات الواردة في الآية الكريمة يمكن أن تقتصر على القطع والنفي في كل الجرائم لأن المسألة فقهية، واختلاف الفقهاء فيها محل خلاف كبير حول مدى تطبيقها، وعلى من تطبق، وهل على الرجال فقط أم على الرجال والنساء؟ وهل على كل العقوبات أم على عقوبة بعينها؟ الهلالي أوضح أن الحدود عبادات مثل باقي العبادات في الإسلام، ولذلك تستوجب الطمأنينة في الإقرار والاعتراف كما النية في الصلاة، مشددا على أن الله سبحانه وتعالى شرع aإليه، وبالتالي لا يوجد تعارض بين الحدود والعقوبات التي أقامها الإنسان لتسيير حياته وشئونه مختتما كلامه بقوله: العقوبات التي يضعها الإنسان أى القانون الوضعي هي الأولى بالتطبيق لأنها لا تسقط ولا تدرأ بالشبهات على عكس عقوبات الحدود التي تسمى في الإسلام «تعاذير» والتي تدرأ بالشبهة وتستوجب اعتراف وإقرار المتهم بها.