يبدو أن الأيام القليلة القادمة ستحدد إلى حد كبير مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في مصر...فالجماعة فقدت سيطرتها على أعضائها داخليا..وتلاشت فكرة السمع والطاعة بعدما حطم شبابها تابوه «الأب القائد» وسلطته ووجوب السمع والطاعة له..وبدأوا في التفكير بعقولهم لا عقول قادة مكتب إرشاد الجماعة ومرشدها الدكتور محمد بديع. الجماعة في طريقها لخسارة معركة أمام رجل واحد يدعى «عبد المنعم أبو الفتوح»...فالرجل - دون أن يدري- كان سببا رئيسيا في انشقاقات كبيرة شهدتها الجماعة مؤخرا. غليان وقلق وتوتر هو حال جماعة الإخوان حاليا بعد أن تملكت حمى «الانشقاقات» من جسدها وبدأت تنهش فيه لتزيده ضعفا وترهلا. هذه الحمى بدأت على استحياء من جانب مجموعة من شباب الإخوان الذين تأثروا بشخصية الدكتور «عبد المنعم أبو الفتوح» ورأوا أنه ليس من العدل الالتزام بقرار الجماعة بعدم الوقوف بجانبه في انتخابات الرئاسة, رغم أنه من وجهة نظرهم الأصلح لهذا المنصب.ومن هذه النقطة تحديدا بدأت الخريطة الجغرافية للإخوان في الظهور مترهلة منقسمة ،ففي الأحياء الشعبية وفي الريف والقرى أظهر شباب الجماعة المنتمين لجيل الوسط التزامهم بقرار الجماعة،أما المناطق التي بها تميز اجتماعي في كثير من المحافظات وخاصة القاهرةوالإسكندرية والبحيرة والجيزة وبني سويف فقد أبدت عزمها الوقوف بكل قوة مع «أبو الفتوح». وبدأت خريطة نفوذ «أبو الفتوح»بدورها في الظهور جغرافيا بل إنها اتسعت لتشمل بعض المناطق الشعبية التي أعلن أفرادها تأييدهم الكامل ل«بو الفتوح»...خاصة عندما وجدوا قيادات اخوانية تاريخية في محافظاتهم تميل لتأييد الرجل والدعوة علانية لتأييده. مكتب الإرشاد قام بانتداب الدكتور محمود حسين مسئول الصعيد والأمين العام للجماعة لمحاولة احتواء الأزمة لكنه رجع ب«خفي حنين» وفشلت مهمته. و محافظة الإسكندرية التي ظهر فيها 60% من الإخوان قرروا الوقوف بكامل قواهم مع «أبو الفتوح»،ليس ذلك فحسب بل ظهر من خلال تحركات الإخوان هناك أن المهندس مدحت الحداد مسئول المكتب الإداري للجماعة بالإسكندرية يدعم هذا الاتجاه،والمعروف عن «الحداد»أنه صاحب شخصية تحمل عقلية مستقلة تميل لاتخاذ ما يرى أنه الأصلح حتى ولو خالفت رؤيته الجماعة،وقد كان اختياره كمسئول للمكتب الإداري لإخوان الإسكندرية على غير هوى «خيرت الشاطر» نائب المرشد العام ولكن «الحداد»جاء بالانتخاب فلم تستطع قيادات مكتب الإرشاد الوقوف ضده. ولا تزال الأيام تحمل في جعبتها العديد من المفاجآت الكبرى في هذا الشأن فالانقسامات والخلافات حول دعم «أبو الفتوح» وصلت لداخل مكتب إرشاد الإخوان الذي يعتبره قادة الجماعة حصنهم الحصين،فقد أبدى الدكتور محمد علي بشر عضو المكتب الشهير الذي كان محبوسا مع خيرت الشاطر في القضية الأخيرة رفضه لأي قرار يصدر من الجماعة ضد «أبو الفتوح». وكانت الأسابيع الأخيرة السابقة لاجتماع مجلس الشورى العام للإخوان قد شهدت ثلاثة لقاءات بين أبو الفتوح وبشر ودارت هذه اللقاءات حول القواعد الشرعية لاختيار رئيس البلاد،وفي إحدى هذه اللقاءات قال «أبو الفتوح» ل«بشر:»إنه: لا يجوز للجماعة أن تقف مع الأقل كفاءة لأنه سيحقق مصالحها،وتترك الأكثر كفاءة الذي سيحقق مصالح البلاد. ويبدو أن بشر اقتنع بكلام أبو الفتوح ولذلك تغير موقفه وأبدى اعتراضه الشديد داخل مكتب الإرشاد على مناهضة الجماعة لابو الفتوح ووقوفها ضده، وقال إنه الأولى من غيره وفقا للقواعد الشرعية. المثير في الأمر أن الخمسة آلاف عضو الذين خرجوا عن الجماعة يفكرون حاليا في إنشاء جمعية يطلقون عليها «جمعية الإخوان المسلمين»ويستعدون لتقديم طلب إشهار لهذه الجمعية،ويتزعم هذه الفكرة منذ فترة الدكتور السيد عبد الستار المليجي عضو مجلس شورى الجماعة السابق والذي فصل من الجماعة بعد اختلافه معهم في كثير من القرارات.. الجماعة في مفترق طرق واضح فمكتب إرشادها بات في مواجهة قادتها التاريخيين وشبابها في آن واحد ,فالقيادات التاريخية للجماعة قررت أن تدعم أبو الفتوح ولا أحد من أعضاء مكتب الإرشاد يستطيع إثنائها عن هذا القرار...وفي هذه النقطة حدث ولا حرج فهذا عبد الرحمن سعودي القيادي الاخواني ذائع الصيت يقف بكل قوته إلى جانب أبو الفتوح ليس ذلك فحسب بل إن أمه تعتبر أبو الفتوح ابنها البار وقالت لسعودي وجيله من الإخوان:»انتم أبناء عاقين إذا لم تقفوا مع منعم»، وفي القاهرة هناك أيضا الدكتور أسامة رسلان القيادي الاخواني الشهير والدكتور محيي الزايط والدكتور عبد الرحمن البر عضو مكتب الإرشاد ومفتي الجماعة الذي يقف مع أبو الفتوح ويدعمه سرا،أما في الجيزة فهناك الدكتور شريف أبو المجد والدكتور سعد زغلول العشماوي والدكتور حلمي الجزار والسيد نزيلي مسئول المكتب الإداري لإخوان الجيزة الذي يدعم أبو الفتوح سرا،وفي الإسكندرية هناك احمد الحمراوي وحسن صبحي إضافة إلى مدحت الحداد.