مرت الانتخابات الرئاسية ومن قبلها الانتخابات البرلمانية، دون حوادث تذكر باستثناء بعض التصرفات الفردية البسيطة.. ونجحت أجهزة الأمن سواء الشرطة العسكرية أو المدنية فى إحكام سيطرتها التامة على كل اللجان فى طول البلاد وعرضها، ومنعت الجريمة بكافة صورها.. هذا النجاح أثار حالة من الجدل حول الأسباب الحقيقية للانفلات الأمنى خلال الفترة الماضية.. البعض أكد أنه متعمد من قبل القيادة السياسية للبلاد خلال الفترة الانتقالية المتمثلة فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لإشعار المواطنين بأهمية وجود «العسكر» فى الحكم لأطول فترة ممكنة.. والبعض الآخر يرى أن وزارة الداخلية هى الأخرى تعمدت التقاعس عن القيام بدورها فى تأمين البلاد، لإشعار الجميع بأهميتها وكنوع من «تأديب» من تطاول عليها، وحاول النيل من كبرياء ضباطها.. والحقيقة المؤكدة هى أن الانفلات الأمنى كان متعمدا بالفعل سواء من المجلس العسكرى او وزارة الداخلية، والدليل على ذلك تكرار جرائم الاختطاف والسرقة بالإكراه، وسرقة السيارات، والقتل فى مسرح جريمة واحد مثل الطريق الدائرى، ورغم ذلك لم يتحرك أحد للسيطرة عليه طوال ما يقرب من 18 شهرا. «فيتو» التقت بعدد من الخبراء الأمنيين ووجهت لهم سؤالا واحدا حول السبب الحقيقى للانفلات الأمنى خصوصا بعد ما أظهرته الداخلية والشرطة العسكرية من كفاءة واضحة فى السيطرة على جميع أشكال الخروج على القانون.. فى البداية أوضح مصدر امنى رفض ذكر اسمه، أن وزارة الداخلية منفردة ودون الحاجة للشرطة العسكرية، تمتلك من الإمكانات سواء البشرية أو الأسلحة والمعدات، ما يمكنها من منع 90% من الجرائم التى تقع فى ربوع البلاد وقال: « البحث الجنائى فى مصر يعتمد على استراتيجية ثابتة تمكن ضابط المباحث من تحديد البلطجية ومحترفى الإجرام فى دوائر أقسامهم، وهم يعتمدون على مصادر سرية متنوعة تمدهم بمعلومات قد تسهم فى منع الجرائم قبل وقوعها، أما النسبة الباقية من الجرائم فهى التى تقع من قبل أشخاص عاديين كأن يقتل رجل زوجته او ابنته لسوء السلوك، وهذه الفئة من المتهمين لا يمكن توقع إقدامهم على ارتكاب الجريمة».. المصدر تحفظ فى إجابته ولكنه ألمح الى ان الانفلات الامنى ربما يكون متعمدا فى أوقات معينة لتحقيق أهداف محددة. وفى رده على سؤال «فيتو»، أكد الخبير الأمنى حسين حمودة – الضابط السابق بجهاز مباحث أمن الدولة- أن الانفلات أو الانضباط الامنى مرتبط بإرادة القيادة السياسية للبلاد، فلو أرادت هذه القيادة تحقيق الأمن واستقرار الشارع، لأعطت توجيهات صارمة لجهاز الشرطة المدنية بفرض سيطرته على الشارع، والعكس صحيح.. وأضاف: « لا يمكن الجزم بأن الإنفلات الأمنى مفتعل أو متعمد، ولكن الشئ المؤكد ان الشرطة تستطيع القضاء على جميع أشكال الخروج على القانون وبسهولة.. صحيح أن وزارة الداخلية فقدت الكثير من هيبتها بعد ثورة يناير، إلا أنها قادرة على استعادة وضعها بمعاونة الشرطة العسكرية.. فمثلا لو تم وضع مدرعتين او ثلاث على الطريق الدائرى لما حدثت عليه جرائم، ولو أن قوات الأمن نزلت الى الشوارع بكثافة مدعومة بسيارات الامن المركزى، ما تجرأ البلطجية بهذا الشكل». حمودة أشار الى نقطة أخرى هى أن الانفلات الأمنى كان موجودا فى عهد النظام السابق، وربما بصورة أكثر مما هو عليها الآن ولكن الإعلام لم يكن يبرزه بهذا الشكل، بل ان وزارة الداخلية نفسها كانت تسهم فيه عن طريق اعتمادها على البلطجية والمسجلين خطر فى قمع المظاهرات، أو تأمين الانتخابات وبذلك ضمت هذه الفئة الضالة للخدمة وأعطتها حصانة كبيرة.. الخبير الامنى اختتم حديثه موضحا أن سيطرة الشرطة فى الانتخابات الرئاسية نابعة من رغبة القيادة السياسية والشعب نفسه فى ان تمر هذه الفترة بسلام حتى ننتهى من المرحلة الانتقالية وما فيها من مشاكل. أما الخبير الامنى محمود قطرى فقال ل«فيتو» إن الشرطة بالفعل متقاعسة وتتعمد عدم القيام بواجبها فى حماية الوطن وحفظ امن المواطنين وأوضح: « السلاح منتشر الآن فى أيدى الجميع، ومسارح الجريمة معروفة لكل ذى عينين، وعلى سبيل المثال الطرق السريعة ينتشرعليها قطاع الطرق المسلحون، والمناطق الشعبية يباع فيها البانجو والحشيش نهارا فى الشوارع العامة، والمسجلون خطر الهاربون من السجون يتجولون بحرية تامة ويمارسون حياتهم بشكل عادى جدا، وعلى الرغم من كل ذلك لا تتحرك الشرطة لضبطهم أو منع جرائمهم.. ومن أسباب الانفلات الامنى المتعمد أيضا.