الثورة فى كل بلاد العالم توحد القائمين بها.. تقرب المسافات بينهم.. تزيد التلاحم الشعبى بين فئات المجتمع.. إلا فى مصر.. فالثورة جعلت من أصدقاء الأمس أعداء اليوم، والهوة زادت بين القوى المدنية وتيارات الإسلام السياسى، وانتقلت خلافات نخبة التيارين إلى أنصارهما والمتعاطفين معهما. وبدلا من سعى الرئيس المنتخب إلى لم شمل «الفرقاء»، صدم الجميع بإعلان دستورى، يصنع منه «ديكتاتورا» أشد من سلفه «المخلوع»، متجاهلا العقلاء ،وإصراره على التعامل مع ملايين المعارضين على أنهم قلة «مندسة». خبراء أكدوا أن ما يحدث الآن من تطاحن بين أبناء الوطن الواحد، مثلما حدث فى عدد من محافظات مصر حتى مثول الجريدة للطبع مثل البحيرة والغربية والسويس، هو إرهاصات لحرب أهلية بدأت بحرق مقرات حزب الحرية والعدالة، واتجاه البلاد في طريق العصيان المدني سيعقبها، تدخل قوات الشرطة كما حدث أيام ثورة يناير، ومع انتشار الأسلحة فى البلاد، ونزول ميليشيات الإخوان ستصبح البلاد على فوهة بركان من الدماء، وستقف القوات المسلحة على الحياد. الدكتور رفعت سيد أحمد، رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث، قال إن هناك تغذية في المشهد العام، وإرهاصات للحرب الأهلية، بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسى، وهو ما ينذر بتفاقم الوضع ما لم يتدارك الرئيس ما حدث ويقوم بإلغاء هذا الإعلان الدستوري ويعي أن تلك الأمور غير مقبولة بعد الثورة. وأضاف :إن كرة الثلج الآن تتجه نحو حرب أهلية بعد الاستقطاب الشديد الذي شهده الشارع المصري الجمعة الماضية، من وجود لتيار الإسلام السياسي أمام قصر الاتحادية والقوى الليبرالية في ميدان التحرير، بجانب الصدام مع الشرطة في شارع محمد محمود، وحرق لمقرات حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، موضحا أننا لا نحتاج أكثر من زجاجة مولوتوف، وقناة «الجزيرة» تنقل الحدث حتى تحدث الحرب الأهلية، خاصة أن إعلام الخليج «مغرض»، ولا يريد مصلحة مصر؛ خوفا من تكرار الثورة في بلادهم. وكشف سيد أحمد أن البلاد ستشهد وقتها حالة من الفوضى والارتباك، ستبدأ بحرق لمؤسسات الدولة وتصل إلى القتل، مع عدم التمييز بين مَنْ يقتل مَنْ ،لافتا إلى أن الصعيد والبدو سيعتمدان على الأسلحة المتطورة، وهى متوافرة لديهم بكثرة، وستتحول إلى مجازر، أما المدن الحضرية مثل القاهرة فستسود بها الحرائق، والدلتا ستعتمد على القتل بالبنادق والرشاشات، خاصة أن السلاح أصبح منتشرا في البلاد وسهل الحصول عليه. وأكد أن ميليشيات جماعة الإخوان، والتي قدرت ب16 ألفا، سينزلون إلى الشارع مع الجماعات الجهادية السلفية، موضحا أنها أول من سيمارس العنف المسلح لأن التوبة التي أعلنوها لم تكن نهائية، بالإضافة للبلطجية، الذين سيهاجمون مؤسسات الدولة، وسيزحفون إلى أحياء الأثرياء. وشدد رئيس مركز «يافا» على أن الشرطة هي التي ستتورط في الصدام مع الشعب لتنفيذ أوامر الرئيس، أما القوات المسلحة فستقف على الحياد تتابع المشهد من بعيد؛ لأنهم وعوا الدرس جيدا، بعد الإطاحة بالمشير طنطاوى، والفريق سامى عنان، مشيرا إلى أن وقتها لن تصبح هناك أي مصداقية للرئيس مرسى، بعد رفع السلاح ولن يكون لها أي تأثير، حتى على جماعة الإخوان أنفسهم. فيما أشار حافظ أبو سعدة، أمين المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إلى أننا ندخل مرحلة عصيان مدني مع عناد من الرئيس وحرق مقرات حزب الحرية والعدالة، ومن الممكن أن تمتد الحرائق لمقرات أحزاب أخرى لنصل إلى مرحلة التخوين، وسيتم اتهام المعارضة أيضا بها، لكي تسمح للنظام الحاكم بفرض قوانين استثنائية ومحاكمة المعارضة وحبسهم مثلما كان يفعل نظام مبارك، مع أن تلك الحرائق ستكون بأيديهم هم. وأوضح أن السلاح منتشر في كل أرجاء البلاد بجميع أشكاله، ما ينذر بحرب شوارع، وستتحول مصر إلى النموذج اللبناني، بعد الانقسام الذي حدث بين المواطنين في التحرير والاتحادية. وأكد أبو سعدة أن شرعية الرئيس الآن أصبحت على المحك، ما لم يجمع القوى الوطنية ويوحدها، ويستمع لملايين المعارضين الذين نزلوا إلى الشوارع تعبيرا عن غضبهم من الإعلان الدستورى الديكتاتورى، مشددا على أن الرئيس ما لم يحسب خطواته المقبلة، ويعرف أنه رئيس كل المصريين، فلن تنفعه جماعة الإخوان كلها، مثلما لم ينفع مبارك ال3 ملايين أعضاء الحزب الوطني المنحل. وقال: فى حالة انهيار الدولة ونشوب الحرب الأهلية، فلا نستبعد أن يحدث تدخل دولي من أجل حماية مصالحهم المرتبطة بقناة السويس، التي هي شريان الحياة في النقل الدولي ووقتها كل السيناريوهات مطروحة ولا يلوم الرئيس إلا نفسه. من جانبه قلل محامى جماعة الإخوان عبدالمنعم عبد المقصود، من فكرة «الحرب الأهلية»، بسبب الإعلان الدستورى الأخير، مشيرا إلى أن القرارات هي قرارات بشر معرضة للاختلاف، ولكن بشرط أن يكون هذا الاختلاف في إطار القانون تحت الشرعية السلمية وليس من حقهم التخريب في البلاد أو التراجع عن السلمية. واعتبر عبد المقصود أن حرق مقرات حزب الحرية والعدالة، ومحاولة الهجوم على مجلسي الشعب والشورى، ستنتهى بمجرد القبض على المخربين وتقديمهم للمحاسبة، موضحا أن الذي شجعهم على ذلك هو حالة التراخي الأمني الموجودة بالبلاد. واتهم عاصم عبد الماجد، المتحدث الإعلامي باسم الجماعة الإسلامية، القوى المعارضة التى ذهبت إلى ميدان التحرير بأنهم مجموعة من «الفلول» و«المعادين» للشريعة الإسلامية، ويريدون القفز على السلطة، رغم أن مطلب إقالة النائب العام، وتطهير المؤسسات، وتعويض أهالي الشهداء والمصابين، والقصاص من القتلة كان من مطالبهم، واعترضوا على الإعلان الدستوري خوفا من تحصين الرئيس لقراراته. وأوضح أن الرئيس قام بذلك خوفا من أن يأتي له نائب عام من الفلول يكمل مسيرة النائب السابق، مؤكدا حق المعترضين فى الاعتصام والنزول إلى ميدان التحرير، ولكن ليس من حقهم حرق مقرات حزب الحرية والعدالة، نافيا أن يكون ذلك بداية لحرب أهلية، وإنما هم مجموعة من المخربين، وسينتهي الأمر قريبا لعدم استنادهم إلى قاعدة شعبية. ونفى محمد نور، المتحدث باسم حزب النور السلفى، امتلاك أى فصيل سياسي في البلاد أسلحة غير مؤسسات الدولة، مطالبا من يقول غير ذلك بأن يخرج الدليل على كلامه، وأضاف :إن ذلك وهو ما سيحول دون الوصول إلى حرب أهلية، التي لم تكن ولن تكون من طبائع المصريين، وأضاف :إن ما يحدث من حرق لمقرات الحرية والعدالة هو مجموعة من مثيري الشغب الذين يريدون الانقلاب على الدولة وسقوط النظام، ولن ينجحوا لأن مصر ليست دولة طائفية منذ أكثر من 7 آلاف عام. وتوقع أن ينتهي الأمر في خلال أسبوع عندما يعلم الجميع أن الإعلان الدستوري جاء لتصحيح أوضاع، وعلينا تقبله الشهرين الباقيين حتى ينتهي إعداد الدستور وتسقط حصانة قرارات الرئيس، التي حصنها لنفسه في الإعلان. وحمل «نور» المنسحبين من التأسيسية مسئولية ما وصلت إليه الأحوال لأنهم دعوا لإسقاطها ،وجاء التأيد الشعبي لما أصدره الرئيس ليحطم آمالهم. فيما ذهب عبد الرحيم على الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، إلى أن الحرب الأهلية هي مجرد «وهم» يريد الإخوان زرعه فى المصريين؛ ليوقفوا امتداد الثورة التى ستسقط نظامهم. وقال ل»فيتو» :إن ما يحدث لن يكون حربا أهلية، ولكن سيكون بداية لتطهير المجتمع من الإخوان، وسيطرتهم على الدولة، بعد أن كشفوا للناس عن وجههم الحقيقي، وحبهم للسيطرة والاستحواذ على كل مناصب الدولة. وأكد «على» أن حرق مقرات الإخوان هي بداية لسقوط نظام الإخوان، مشددا على أنهم لن يقدروا على 80 مليون مواطن، فحسنى مبارك كان معه الشرطة والجيش وعضوية 3 ملايين بالحزب الوطني ومع ذلك لم يستطع الوقوف في وجه الشعب، وأوضح الباحث في شئون الجماعات الإسلامية أن الإخوان هم الذين بدأوا الحرب الأهلية حينما هددوا المجلس العسكري والقضاء بوقوعها وحرق البلاد إذا تم إعلان فوز المرشح المنافس للرئيس محمد مرسى. وأوضح أن ميلشيات الإخوان إن نزلت الشارع فهي قد تستطيع قتل شخص أو عشرة أو حتى مائة مثل تجار المخدرات، ولكنهم في النهاية لن يستطيعوا قتل كل المصريين، وحتى وإن اغتالوا الرموز السياسية ورموز المعارضة، مؤكدا أنه إذا استمر الوضع فى ميدان التحرير على ما هو عليه فستسقط شرعية الرئيس قبل 18 يوما، وستكون بداية سقوط الإخوان إلى غير رجعة.