قبل ساعات من توجه ملايين المصريين لصناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم على نحو ديمقراطى غير مسبوق فى تاريخ مصر الحديث، وفى ظل حالة ارتباك تسود الكثيرين، بسبب تشويش أفكارهم وقناعاتهم بسلاح الفتاوى الدينية البتار، وفى ظل صعود هيستيرى للتيار الإسلامى..كان لا بد أن نستلهم روحيهما، لنحاورهما عن رأيهما فيما يحدث، ونسألهما: كيف يختار المصريون الرئيس الجديد؟ المهمة لم تكن يسيرة بالمرة، وأراد كل منهما أن يجرى معه الحوار منفردا، ولكننا فى النهاية أقنعنا رئيسى مصر الراحلين جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات بإجراء حوار مشترك وحصرى معهما فى «عودة الروح» . عبد الناصر والسادات طلبا إلينا 3 أمور، أولها أن يكون الحوار سريعا ومركزا، والثانى: ألا يبعد الحوار عن ملف الانتخابات الرئاسية، وألا يتطرق إلى الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، والثالث: عدم المقاطعة والاطلاع على نص الحوار قبل نشره..ووافقتُ بطبيعة الحال.. - فيتو: سيديّ .. السلام عليكما ورحمة الله وبركاته. - الرئيسان: وعليك السلام. - فيتو: بادئ ذى بدء أشكركما على أنكما أتحتما لى هذه الفرصة. - الرئيسان : هات ما عندك والتزم بما اتفقنا عليه أثناء الحوار وكن بسيطا فى كلامك. -فيتو: سوف ألتزم كما وعدتكما. -الرئيسان: حسنا. -فيتو: عذرا..سيدىّ..ما لى أراكما فى حالة مزاجية غير طيبة. -الرئيسان: هذا سؤال خارج المقرر..ولكن سوف نجيبك عليه، السبب فى سوء حالتنا المزاجية، أننا نخشى على مصير البلاد مما هى مقبلة عليه. -فيتو: وهل مثل هذا الأمر يشغلكما وأنتما فى العالم الآخر؟ -السادات: تأدب يا ولد أنت تحدث زعيمين وطنيين لن يجود الزمن بمثليهما ..وإن لم تلتزم بأدب الحوار سوف ننهيه فورا. -عبد الناصر: هون عليك يا سيادة الرئيس ..هو لم يقصد ذلك ..بل أظنه يعتقد لأننا أصبحنا فى العالم الآخر فلم يعد يشغلنا ما يحدث فى مصر. -فيتو: حسنا ..هذا ما أقصده والله. -السادات: دعنى أقول ما عندى بشأن انتخابات الرئاسة والرئيس القادم ولا تقاطعنى. -فيتو: تفضل ..يا سيدى.. -السادات: انقل على لسانى دون تحريف، «ويا ريت متنساش يا ولد إن أنا كنت صحفيا»: أحذر شعب مصر الكريم من التعاطى مع أى مرشح، يتمسح بالدين، الدين إذا اختلط بالسياسة أفسدها، والإسلاميون إذا حكموا بلدا أفسدوها، وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون، «وأحمد الله أن الواد ابن أبو إسماعيل تم إبعاده من الانتخابات، ولكن الأزمة تكمن فى العيال دول بتوع الإخوان»، المشكلة إن همه فاهمين إنهم بتوع الدين وإنهم حراسه وإحنا كفار قريش، هم أغبياء بامتياز ولا يحسنون التصرف ويعانون من نرجسية مفرطة، ويؤمنون بمبدأ الإقصاء، وهذا ما حدث بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، ده غرورهم دفعهم إلى التخطيط إلى تفكيك المحكمة الدستورية، همة زى ما بقولك أغبياء، ونحن كمسلمين نفهم ديننا على حقيقته وندرك حدود وتعاليمه، نرى الإسلام –بعيدا عن الإخوان والسلفيين- مجموعة من الفضائل لا يكمل الدين الحق إلا بها جميعا وتنطوي تحت لواء هذه المجموعة من الفضائل، الفدائية والصدق والاستقامة والوطنية والنأي بالوطن عما يفرق كلمة بنيه، ويعرضه لنيران الفتن. -فيتو: ولكنهم فعلوا ذلك بعد ثورة 25 يناير؟ -السادات: هم مصدقوش أنهم أصبحوا وحدهم فى المشهد، فراحوا يحاولون السيطرة على كل شيء،همة ناس كدابين وغدارين ومعندهمش أمان، وبيعضوا الإيد اللى بتتمد لهم. -فيتو: عفوا سيدى ..دعنا نتوقف قليلا عند اتهامك لهم بالكدب. -السادات: هم كدابين طول عمرهم، هم بيعشقوا الكدب ويتخذوه منهجا لهم رغم أن الإسلام اللى بيتمسحوا بيه بيقول: إن المؤمن قد يزنى أو يسرق، ولكن لا ينبغى له أبدا أن يكذب، حتى أن كبيرهم بيكدب، مش هو اللى قال إنهم مش هيرشحوا حد فى الانتخابات ورشحوا بعد كدة اتنين؟ -فيتو: ولكن علاقتك بهم فى فترة من الفترات كانت طيبة؟ -السادات: كنت أحرص الناس على بقاء جماعة الإخوان المسلمين عندما كنت حاكما لمصر لاعتقادى أنها جماعة صالحة، تدعو لدين الله ولما رسمه الإسلام من أخلاق كريمة ترفع شأن المسلمين وتعزز مجدهم .. وهي نفس المبادئ التي اعتنقناها عن إيمان ويقين لا لأنها مبادئ الإخوان المسلمين بل لأنها مبادئ الإسلام نفسه التي يجب أن يتمسك بها كل مسلم، ولكنهم انحرفوا عن أهداف الجماعة الصالحة وزعموا أننا نحارب الإسلام حين نحاربهم فلن يجدوا من يصدق زعمهم فلسنا نحن الذين نبيع ديننا بدنيانا ولسنا نحن الذين نحرص على جاه أو منصب بعد أن قدمنا رؤوسنا وأعناقنا نفتدي بها مصر. -فيتو: هل تراهم إذن بلاء على الإسلام؟ -السادات: جماعة الإخوان المسلمين جماعة سامية الأهداف نبيلة الأغراض ولكنها كأى هيئة أو جماعة تضم بين صفوفها بعضا من تنطوي نفوسهم على دخل .. وليس عجبا أن يظهر أمثال هؤلاء في هذه الجماعة الصالحة، فقد ابتلى بمثلهم الإسلام في مستهل دعوته وابتلى الرسول بأمثالهم من الموهنين وضعاف العزائم والناكصين على الأعقاب ومحبي الجاه والسلطان أمثال أبي سفيان .. فليس عجبا أن بين هذه الجماعة المؤمنة بعض ضعاف الإيمان أو بعض الساعين إلى الجاه والسلطان .. وحين يطغى الغرض الذاتي على الهدف النبيل فمن الواجب على كل مسلم أن يجنب المسلمين شر هذه الفتنة. وهذا ما فعلناه لا لحماية أنفسنا.. بل لحماية الدعوة النبيلة والقصد الكريم .. بل ولحماية الإخوان المسلمين أنفسهم ممن فرضوا عليهم «السمع والطاعة» هذا هو رأينا فليجادلنا فيه من يؤمن بقوله تعالى : «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة. وجادلهم بالتي هي أحسن. إن ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين». -فيتو: سؤال أخير سيدى الرئيس..من تؤيد إذن وتدعو المصريين إلى انتخابه؟ -السادات: الشق الأول من السؤال ليس شأنك، ولكن أدعو كل مصرى غيور على وطنه ألا ينتخب من ينتمون للتيار الدينى حتى يجنبوا وطنهم الهلاك وأذكرهم بقول الله تعالى فى كتابه الكريم: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة». -فيتو: شكرا سيادة الرئيس..واعذرنى إن أسأت الأدب أو التعبير. -السادات: أنت من جيل أفسدت الثورة أخلاقه ..شكرا. -فيتو: السيد الرئيس جمال عبد الناصر.. أعتقد أن رأيك فى الإخوان سوف يكون بالسلب لا سيما أنهم آذوك كثيرا. -عبد الناصر: لا ينبغى أن تصادر على رأيى، لماذا تصر على الخروج عن النص؟ -فيتو: عفوا ..لا أقصد ..ولكنى أقول ذلك بناء على قراءة دقيقة لتعاملهم مع سيادتكم. -عبد الناصر: إجمالا.. وحتى لا نسترسل فى الكلام، أعتقد أن تلك الجماعة خطيئة فى جبين وطن يستحق أن يكون فى حال أحسن من تلك التى يعيشها، إنهم ومعهم السلفيون يمزقون ما تبقى من الوطن تحت ستار الإسلام. -فيتو: ولماذا ساءت العلاقة بينك وبين الإخوان؟ -عبد الناصر: الإخوان كانوا يرون –رغم كل ما صنعته من أجلهم- أنهم أحق بالسلطة منى ولذا فلقد نازعونى عليها وحاولوا التخلص منى في حادث المنشية الشهير وفى حوادث أخرى، هم فئة ضالة، لا تحب إلا نفسها ولا تمانع من بيع الوطن لمصلحتها، وما حدث بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، يثبت عموما أن الإسلاميين –إخوانا وسلفيين- خطر على مصر من إسرائيل، وراجع بنفسك ما قاله مرشح الإخوان الرئاسى عندما هدد بإشاعة الفوضى إذا لم يفز فى الانتخابات، مرسى مين ده اللى يحكم مصر؟! «قهقهة طويلة». -فيتو: سؤال أخير سيدى الرئيس ..من تؤيد من المرشحين؟ -عبد الناصر: لن أحبطك مثل الرئيس السادات، وسوف أجيبك، أعتقد أن عمرو موسى أو أحمد شفيق هما الأحق من بين المرشحين بحكم مصر! -فيتو: وحمدين صباحى الذى يعتبر نفسه امتدادا لك؟ -عبد الناصر: مين حمدين ..مين صباحى ..معرفش حد بالأسماء دى!