لست بحاجة للتأكيد على أننا فى الوقت الراهن أمام تحديات ضخمة, على المستويين الداخلى والخارجى..وقد كتبت كما كتب غيرى من قبل كثيرا فى هذا الموضوع المهم..وأعود للكتابة فيه مرة أخرى، خاصة بعد أن قرأت فى الأيام الماضية على لسان بعض قيادات الإخوان استعدادهم لتشكيل حكومة ائتلافية, بديلا عن حكومة الدكتور الجنزورى، وأنهم كانوا بصدد انتظار رد المجلس العسكرى صاحب الحق فى تعيين أى حكومة وإقالتها, بموجب المادة 56 من الإعلان الدستورى..والذى حدث أن المجلس العسكرى رفض هذا العرض, وأصرعلى استمرار حكومة الدكتور الجنزورى..ومن ثم أغلق الباب على الفكرة، على الأقل حتى يتم اختيار رئيس. تظل الفكرة مع ذلك مطروحة، وأزعم أن الاستعدادات تجرى لها على قدم وساق, داخل أروقة الجماعة ,فى انتظار الوقت والظرف المناسبين خلال الأشهر القليلة القادمة..وهذا بدهى وطبيعى..وفى هذا الصدد ثارت العديد من التساؤلات: أليس من حق الإخوان أن يقوموا بتشكيل حكومة، ولو ائتلافية، على اعتبار أنهم يمثلون الآن الأغلبية فى مجلس الشعب؟ وأليس الإخوان أقدر من غيرهم على القيام بهذه المسئولية؟ ولماذا لا يتقدم الإخوان لتحملها؟ أم أنهم كما قيل لا يريدون أن يورطوا أنفسهم فى تحمل التركة الخربة التى خلفها الرئيس المخلوع فى كل الميادين والمجالات؟ وإذا كان ذلك صحيحا، فهل يهربون من مسئولية إنقاذ وطن هو فى أمس الحاجة إليهم؟ وإذا لم يتقدموا للإنقاذ الآن، فمتى يتقدمون؟ a من الإنصاف أن نقول إن التحديات الداخلية، من تعليم, وصحة, وإسكان, وزراعة ,وصناعة..إلخ، فضلا عن الأزمات, والمشكلات الحياتية ,التى يعانيها المواطن المصرى، لا يستطيع أن يتحمل تبعتها تيار ,أو فصيل واحد، أيا كان حجمه ,أو وزنه, أو انتشاره، وبالتالى لابد أن تتكاتف وتتآزر جميع القوى فى النهوض بالمسئولية الوطنية، خاصة فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا..وليس شرطا أن يتصدى لقيادة المسئولية التيار الإسلامى، خاصة الإخوان أصحاب الأغلبية الكبرى فى مجلس الشعب، وإنما أرى أن يكونوا جزءا من المسئولية..بمعنى أن الأمر يتطلب تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الإخوان والسلفيين والقوى الوطنية الأخرى، ومعهم جميع القوى الحية فى المجتمع..فإذا ما وضعنا فى الاعتبار سقف التطلعات العالى والآمال الكبيرة غير المحدودة التى يضعها الشعب على الإخوان والسلفيين، لأدركنا مدى أهمية بل وحتمية مشاركة الجميع، كل بنصيب شريطة توافر قدر معتبر من التجانس. على مستوى التحديات الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية/ الصهيونية، ربما تؤدى صدارة الإخوان للمشهد السياسى ,وتولى السلطة إلى تقديم بعض التنازلات التى من شأنها أن تمس رصيدهم لدى الشعب الذى تعود منهم معارضة شرسة وضارية للمشروع الأمريكى/ الصهيونى على مدى عقود طويلة..لقد كانت هناك معارضة قوية فيما مضى لاتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام، وإذ بنا نفاجأ بمن يقول إننا لسنا فقط ملتزمين بالاتفاقية، وإنما باحترامها كذلك، وأرجو أن يكون ما قرأته من تصريحات فى هذا الصدد لم يكن صحيحا..وقد كانت هناك أيضا معارضة شديدة للسياسة الأمريكية، سواء فى مصر أو فى المنطقة، وأن المشروع الأمريكى يستهدف تفتيت المنطقة , وتركيع الأمة وسلب ثرواتها ونهب خيراتها وتذويب هويتها وطمس معالم تراثها الحضارى، ناهينا عن التأييد والدعم والمساندة غير المحدودة للكيان الصهيونى..نحن نعلم أن الوفود الأمريكية الآتية إلى مصر لن تهدأ ولن تتوقف، وسوف تمارس الضغط والابتزاز من أجل المحافظة على إبقاء العلاقة مع الكيان الصهيونى دون أى تغيير يذكر..ونعلم أيضا أن بعض الأنظمة العربية سوف يكون لها دور فى هذا الاتجاه، إن لم يكن بتوظيف من الإدارة الأمريكية، فبإرادتها ورغبتها سواء كان ذلك من قبيل كسب رضاها أو حتى بغير ذلك، فهذه الأنظمة ليس من السهل عليها قبول حكومة يترأسها الإخوان..لذا أقول على الإخوان ألا يتحملوا مغبة ذلك كله، خاصة فى هذه المرحلة، ويكفى أن يكونوا جزءا من تلك الحكومة، فضلا عن أنهم يستطيعون تقديم الكثيرمن خلال تواجدهم فى مجلس الشعب