محافظة الأقصر، واحدة من أهم المدن السياحية في العالم، كونها تضم ثلث آثار العالم، يسهر أبناؤها على حمايتها سواء بشكل رسمى من رجال الشرطة، مرورا بالأهالي عن طريق التطوع، وانتهاء بالخفراء المنتشرين بالمناطق الفرعونية، والمتاحف، والمخازن الأثرية، ومعابد الأقصر بالبرين الشرقى والغربي. رغم حادث الأقصر الذي شهدته في تسعينيات القرن الماضي، بالبر الغربى وبالتحديد في معبد حتشبسوت، وما ترتب عليه من مقتل 58 سائحا من جنسيات مختلفة، وإصابة خفراء عدة، إلا أن المحافظة ما زالت تعتمد بشكل كبير على «الخفراء»، سواء المسلحين أو غير المسلحين. يعتمد عمل الخفراء على نظام «الورديات « حيث يعمل الخفير 12 ساعة متواصلة، ويأخذ قسطا من الراحة بعدها يصل إلى 24 ساعة، ثم عمل 12 ساعة دون توقف، بمعنى أدق إذا تسلم الخفير مهام عمله فهو يبدأ من الساعة 6 صباحا حتى الساعة 6 مساء، ثم راحة 24 ساعة للبدء في مهام عمله مرة أخرى. يعتبر الخفير «مرشدا سياحيا» فهو يستطيع التحدث بأكثر من لغة، ولابد من إتقانه اللغة الإنجليزية، ولا يجد صعوبة في أن يوضح لك خفايا المعبد، وما حفظه من المرشدين أثناء شرحهم، لذلك فإن كثيرًا من المصريين يعتمدون على «الخفراء « لفهم خفايا تاريخ الفراعنة. يقول محمد بدري، خفير أمن في معبد الأقصر، 45 عاما، إنه يعمل حارسًا منذ 2002، في معبد الأقصر، مضيفا أنه لا يحمل سلاحا وأن العمل يحتاج إلى الصبر وقوة الجلد، وحسن التعامل مع السائح، والمصرى على حد سواء، وسرعة التصرف في المواقف المختلفة التي يتعرض لها، وأن الخفير يلتقى مختلف الشخصيات يوميا، من شخصيات كبيرة مهمة في العالم مثل الرؤساء والممثلين، مرورا بالرجل البسيط. وعن السلاح، قال إنه لا يحمل السلاح في عمله، مضيفا أن حادث حتشبسوت جعل الكثير من الخفراء في حالة قلق لكنه يؤكد «أن الأعمار بيد الله «، موضحا أن مرتبه لا يتجاوز 1000 جنيه، له ولأسرته وفقا لعمل لمدة 12 ساعة دون راحة ثم يتبعها راحة تصل إلى 24 ساعة بالتناوب مع الزملاء. وتابع أن العمل يؤدى أحيانا إلى عدم قضاء وقت طويل مع أسرته وأبنائه في المنزل، وأوقات الراحة يحصل في أغلبها على النوم ليستكمل مهام عمله والوقت الباقى مع عائلته. ويضيف رجب عبد ربه، أنه يعمل في معبد الأقصر منذ 18 سنة خفيرا، وأن دوره حماية الآثار وما عليها من نقوش، مؤكدا أن أكثر المواقف اليومية التي يتعرضون لها سوء تعامل المصريين مع الآثار، حيث يقومون بالوقوف فوق المناطق الأثرية لالتقاط الصور أو كتابة أسمائهم على المعابد. وقال إن موسم الشتاء يعد الأصعب في العمل، متابعا أنه في البداية كان يصرف لهم «جواكت صوف» في الشتاء لكن الآن أصبح كل خفير يعتمد على ملابسه الخاصة. ويضيف «محمد هواري»، خفير، أن أكثر المواقف عرضة للقلق في المعابد هي أحداث السرقة التي تحدث، مما يعرض الخفير إلى شكوك الشرطة، مثلما حدث في معبد الأقصر، وما ترتب عليها من تحقيقات شرطية طوال فترة التحقيقات، أثناء سرقة قطعتين أثريتين في الآونة الماضية من مخازن المعبد. فيما يضيف» يونس عواد « خفير، أن الوضع بعد ثورة يناير لم يعد آمنا، ومن المحتمل حدوث أي مشكلات أو حادث إرهابى كما حدث في حتشبسوت، قائلا: الوضع في البر الشرقى أكثر أمانا من البر الغربى رغم أنه يضم معابد كثيرة مثل حتشبسوت، وادى الملوك، والملكات وغيرها، وذلك لأن المناطق في البر الغربى مناطق جبلية وهى الأكثر عرضة للهجمات الإرهابية دون غيرها. وتابع أن زملاءه في البر الغربى يعملون خفراء على المقابر الفرعونية لحمايتها رغم شدة حرارة الجو، والتي تعد ضعيفة التهوئة إثر العمق المتواجد تحت الأرض، مما يؤدى إلى الشعور بالاختناق أثناء الزيارات وما يقوم به الخفير من إعطاء تعليمات للسائحين مثل « الامتناع عن التصوير». وأوضح سلطان عيد، مدير عام آثار منطقة الأقصر، أن عدد الخفراء يختلف من منطقة إلى أخرى، حيث يضم معبد الأقصر 30 حارسا، فيما يضم معابد الكرنك 60 حارسا، مشيرا إلى أن نظام العمل بين الخفراء بالورديات بين بعضهم البعض، ويكون على كل «درك» خفيران أو ثلاثة خفراء يتناوبون فيما بينهم العمل، موضحا أن حمل السلاح يختلف من خفير لآخر، حسب المواصفات التي ينبغى توافرها في الخفير وقدرته على التحمل والعوامل النفسية.