اسمها "زينب"، أبوها هو الشيخ "خليل البكرى" من علماء الأزهر الشريف أواخر القرن ال18، ويعد من أشهر الخونة في تاريخ مصر، فقد استقبل "نابليون بونابرت" بمنزله فترة إقامته بمصر إبان الحملة الفرنسية، وتعاون معه جديًا ضد مصلحة الوطن، أملا أن يعينه واليًا على مصر، وبما أن المثل يقول (من شابه أباه فما ظلم) كان من الطبيعى أن ترث "زينب" الخيانة عن والدها، فقد كانت مبهورة بنابليون وثقافته الغربية وأسلوب حياته الراقى والمتحضر، وصل انبهار "زينب" بالغرب إلى حد أن ذهبت إلى نابليون في غرفته ذات ليلة - بعلم والدها - وطلبت منه معاشرتها جنسيا رغم أنها عذراء، وما كان من نابليون إلا أن استجاب لها. كم أنا مشفقة على "زينب" فالمسكينة أصيبت بمرض نفسى اسمه "الانبهار بالعدو" من أعراضه أن يشعر المريض بأن العدو انتصر عليه لأنه الأفضل، وأنه يستحق الانتصار بالفعل، كما يشعر المريض بالحقارة والدناءة ويتمنى في قرارة نفسه أنه ينتمى لهذا العدو عرقيا وثقافيا ودينيا، وأن بانتمائه للعدو يكون قد ارتفع على مستوى مواطنيه، وهذا الحالة النفسية أصابت الكثيرين قبل "زينب البكرية" كما أصابت الكثيرين أيضًا بعدها خاصة في مصر، أشهرهم الجاسوسة "هبة سليم"، التي شاهدنا قصتها في الفيلم السينمائى "الصعود إلى الهاوية". أما كيف انتهت حياة هذه البائسة "زينب البكرية" فيقول "الجبرتى" إنه بعد مغادرة نابليون مصر، انغرست "زينب" في حياة الرذيلة مع جنود وضباط الحملة الفرنسية، وبعد رحيل الحملة، هاجم الثوار منزل الشيخ "خليل البكرى" وألقوا القبض على "زينب" بتهمة الانحلال، فتبرأ منها أبوها على الملأ وطالبهم بإعدامها، فأعدموها. ما أريد أن أقوله: إن البعض يخون لأسباب نفسية، منها الانبهار بالعدو، ومنها فقدان إحساسه بالانتماء لوطنه، فليس كل من يبيع وطنه يبيعه لأجل المال، هناك من يبيع بلا مقابل مادى أو معنوي، هناك من يبيع لأنه يرى أن وطنه يجب أن يباع، والسؤال الآن: كم زينب بيننا؟ علينا أن نبحث عن فاقدي الانتماء، ونقدم لهم برنامج علاج نفسى، فهم مثل البركان الخامل، يمكنه أن ينشط في أي وقت ليقضى علينا جميعًا. [email protected]