أعلنت الصين منح منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (FAO) تبرعًا مقداره 50 مليون دولار لدعم برنامج المنظمة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب، بهدف تدعيم أركان الأمن الغذائي وتعزيز التنمية الزراعية المستدامة على مدى السنوات الخمس المقبلة. وأعلن رئيس مجلس الدولة الصينى لى كيتشيانج اليوم المنحة في كلمة ألقاها بمقر منظمة "فاو" قبيل احتفالات يوم الأغذية العالمي غدًا. وتعد هذه أول زيارة له إلى وكالة تابعة للأمم المتحدة منذ توليه مهام منصبه. وقال المسئول الصيني الرفيع المستوى إن معالجة "الأزمة الصامتة" للجوع والفقر تشكل تحديًا رئيسيًا وتمثل مسئولية مشتركة. وأضاف أن "الغذاء هو حق أساسي من حقوق الإنسان، تتوقف عليه جميع حقوق الإنسان الأخرى. والصين لديها ذكرى مريرة عن الجوع وترغب في أن تشاهد عالمًا خاليا من الجوع والفقر". وأضاف، بالقول "ونحن على استعداد للمشاركة بما لدينا من التقنيات والخبرات، دونما تحفظ". وحضر اللقاء رئيس مجلس الدولة الصيني لكلمته وممثلو البلدان لدى "فاو" والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP) جنبًا إلى جنب مع منظمات المجتمع المدني وغيرها من الأطراف المجتمعة بالعاصمة الإيطالية هذا الأسبوع للاحتفاء بيوم الأغذية العالمي وحضور جلسات لجنة الأمن الغذائي العالمي (CFS). وقال المدير العام للمنظمة جوزيه جرازيانو دا سيلفا متوجهًا بالشكر إلى الصين على التزامها: "إننا نتقاسم نفس مبدأ أن المهمة الأساسية التي تواجهنا اليوم هي القضاء على الجوع، وهي مهمة يمكننا إنجازها في غضون أعمارنا الراهنة". وأشاد رئيس "فاو" التنفيذي بجهود الصين في معالجة انعدام الأمن الغذائي سواء داخليًا أم خارجيًا. وأشار إلى أن الصين حققت بالفعل الهدف الأول من أهداف الأممالمتحدة الإنمائية للألفية المتمثل في خفض نسبة السكان الذين يعانون الجوع المزمن إلى النصف، قبل الموعد النهائي المحدد لذلك بانتهاء عام 2015. ومنذ عام 1990، نجحت الصين فعليًا في انتشال 138 مليون شخص من براثن الجوع المزمن. وأشار جرازيانو دا سيلفا إلى أن هذا معناه على الصعيد العالمي، أن اثنين من كل ثلاثة أشخاص ممن نجوا من براثن الجوع على الصعيد العالمي منذ عام 1990 هم من أبناء الصين. وقال رئيس مجلس الدولة الصيني لى كيتشيانج إن الخطوات التي خطتها بلده بالنسبة للأمن الغذائي اعتمدت على نهج مشترك، بما في ذلك تقديم حوافز للمزارعين الأسريين لإطلاق العنان لطاقاتهم الإنتاجية الكامنة، ودعم العلوم والابتكار التكنولوجي، فضلًا عن تنفيذ الإصلاحات المؤسسية وتقديم الدعم لمَزارع التعاونيات الزراعية، والإرشاد الزراعي. وعلاوة على جهود الصين في تحديث الإنتاج الغذائي، أكد المسئول الصيني الرفيع المستوى أن "دورًا جوهريًا" في كل ذلك يعود الفضل فيه إلى المَزارع الأسرية، موضحًا أن المزارعين الأسريين يتطلبون دعمًا لهم لمساعدتهم على تنويع الأنشطة والابتكار، والتجمع معًا على هيئة تعاونيات. وذكر أن عدد تعاونيات المزارعين في الصين بلغت المليون تعاونية في السنوات الأخيرة، مما سمح لصغار المنتجين بضم قواهم والعمل كيد واحدة. وأكد أن ثمة ضرورة ليس فقط لزيادة الإنتاج الغذائي، ولكن إنجاز ذلك بطريقة مستدامة بيئيًا، من أجل "توريث الأرض الخصب والسماء الزرقاء للأجيال القادمة". وفي الخارج، ظلّت الصين واحدة من أقوى أنصار نهج التعاون الإنمائي فيما بين بلدان الجنوب. وفي عام 2008 أسست الصين صندوق أمانة بتمويل مقداره 30 مليون دولار، لدعم البعثات الميدانية الفنية بالمشاركة مع الخبراء الزراعيين الصينيين إلى البلدان النامية. وحتى الآن، شارك 30 ألفًا من الخبراء الصينيين بمعارفهم وخبراتهم لدى أكثر من 100 بلد. وثمة أكثر من مائة ألف مزارع وأسرهم أفادوا بالفعل من هذا التعاون، وجرى تدريب آلاف من الفنيين المحليين على الحلول التقنية المناسبة. وشدد رئيس مجلس الدولة الصيني لى كيتشيانج على التزام الصين بمساعدة البلدان النامية الأخرى، متعهدًا بأن الصين "ستكون قوة فاعلة دومًا لضمان الأمن الغذائي، وللعمل بلا كلل من أجل بناء عالم متحرر من ربقة الجوع".