بعد حرب أكتوبر 73 وبعد توقيع الرئيس السادات اتفاقية السلام، نشرت جريدة معاريف الإسرائيلية يوم 17/9/1978 مقالا للمهندس الإسرائيلى «اليشع كالى» قال فيه: «إن مشاكل إسرائيل المائية يمكن أن تُحَلَّ – ولفترةٍ طويلةٍ – باستخدام واحد بالمائة فقط من مياه النيل، بحيث يبدأ المشروع بتوسيع قناة الإسماعيلية من القاهرة إلى قناة السُّوَيس لتصريف 30 مترًا مكعبًا من المياه في الثانية، ثم نقل المياه في أنابيب تحت قناة السُّوَيس بالقرب من الإسماعيلية، ومن هناك في قناة خرسانية إلى الشمال الغربي، حتى تقترب من طريق "العريشالقاهرة" عبر طريق "العريش غزَّة"، وصولًا إلى خان يونس، تتفرَّع القناة إلى فرعين: أحدهما يتَّجه إلى "غزَّة"، والآخر يتَّجه إلى النقب الغربى باتجاه "أوفكيم" و«بئر السبع»، هذه أحلام وأطماع الكيان الصهيونى، ما يجعل قضية المياه بالنسبة للدولة المصرية مسألة حياة أو موت، وتجلى ذلك في تداعيات أزمة السد الأثيوبى، «فيتو» حاورت الدكتور محمود أبو زيد، وزير الرى الأسبق، رئيس المنتدى العربى للمياه، حول قضية الأمن المائى القومى لمصر، حيث شدد على أن إسرائيل هي المحرك الأساسى لقضية سد النهضة الأثيوبى، كما أكد أن متوسط نصيب الفرد في مصر من المياه أقل من حد الفقر المائى...وإلى نص ما دار من حوار.. ما هو مفهوم الأمن المائى؟ هو ضمان توفير الاحتياجات المائية لمختلف الاستخدامات تحت كل الظروف وفى أي وقت دون الإضرار بالظروف البيئية. لماذا بات أمننا المائى مهددًا؟ إذا ما تعذر توفير الاحتياجات المائية المطلوبة لضمان الأمن المائى تعرض هذا الأمن للاختراق ويعد تقليل حصة مصر المائية عن 55،5 مليار م مكعب، اختراقًا لهذا الأمن وهو ما يمكن حدوثه من جراء إنشاء سد النهضة، كما أن زيادة تلوث المياه تؤثر على الحصة المائية، فضلا عن أن سوء استخدام هذه الحصة يعتبر اختراقا للأمن المائى أيضا. ما مقدار نصيب الفرد في مصر والوطن العربى من المياه الصالحة للشرب؟ متوسط نصيب الفرد في مصر الآن أصبح أقل من حد الفقر المائى المقدر ب1000 متر مكعب للفرد في العام وهو الآن حول 900 متر مكعب أو أقل قليلا، ولذلك دخلت مصر حد الفقر المائى أما بالنسبة للوطن العربى فهو يتراوح من بلد لآخر فبينما يصل إلى أقل من 200 متر مكعب للفرد في الخليج العربى وفلسطين يصل إلى نحو 2000 متر مكعب في السودان. هل ستتصاعد أزمات المياه في القرنين القادمين؟ سوف تتصاعد أزمات المياه في القرنين القادمين أساسا لزيادة عدد السكان باستمرار، بالتالى زيادة الاحتياجات المائية وتعديها المياه العذبة المتوفرة. ما الدور الإسرائيلى في أزمة سد النهضة؟ إسرائيل تلعب دورا خبيثا بالطبع، فهى ترغب في التغلغل في العالم العربى والإفريقى، كما إن النفوذ الإسرائيلى في إثيوبيا وعدد من الدول الأفريقية في تزايد مستمر خاصة في إثيوبيا، حيث تنفذ إسرائيل الكثير من المشروعات هناك ويزداد نفوذها الإقتصادى باستمرار، حيث تنفذ حاليا بعض المشروعات ذات االصلة بالسد مثل خطوط توزيع الكهرباء وبدون شك هناك أثر مباشر على القرار الإثيوبى بصفة عامة. ما هي الحلول الممكنة لمواجهة مشكلة سد النهضة الأثيوبى في ظل تعنت الحكومة الأثيوبية وكيفية تحويل الصراع إلى تعاون ؟ بدت بوادر إنفراج الأزمة بزيارة الرئيس لكل من السودان ومقابلة رئيس وزراء إثيوبيا ثم العودة للتفاوض والعودة لمائدة المفاوضات الجادة هي مفتاح القضية. قلت إن مصر تواجه أزمة حقيقية في الأمن المائى.. ما أبعادها وكيف ومتى يمكن التغلب عليها؟ هذا الموضوع مرتبط بالظروف المحلية والدولية وبالنسبة للظروف الدولية فقد تحدثنا عن أزمة سد النهضة وموضوع حصة مصر هو الموضوع الأول الخارجى ذو العلاقة بالأمن المائى أما الأوضاع الداخلية فيرتبط بحسن كفاءة استخدام حصتنا المائية بالأمن المائى الداخلى. وأهم مكوناته استخدام المياه في الزراعة المستخدم الأكبر للمياه ثم باقى الاستخدامات. أيضا موضوع مخاطر التلوث والحد منها. ما هي الوسائل والبرامج التي يمكن للدولة من خلالها تحقيق أمنها المائى؟ هناك بالفعل برامج للدولة للتوسع الزراعى وحماية المياه ولكن يجب مراجعتها في ضوء ما هو متاح من المياه، ويتطلب ذلك تعديل القوانين المائية للتأكيد على مطالب الأمن المائى ولا يجب أن نغفل المياه الجوفية وحسن استخدامها والاقتصاد في استنباطها بما لا يتجاوز حد الأمان. هل تطبق الحكومة آليات جادة وحقيقية لتوفير الموارد المائية اللازمة لاحتياجات البلاد والتنمية المستقبلية؟ وزارة الموارد المائية وكذلك معاهدها المتعددة هي المسئولة عن توفير الموارد المائية،و أعتقد أنها تمتلك الآليات الجادة لذلك ويأتى معها الأجهزة الأخرى المسئولة عن مياه الشرب والصرف الصحى والمياه اللازمة للاستخدامات الأخرى من صناعة وخلافه. وضعت وزارة الموارد المائية الخطة المائية لعام 2017 وكذلك الإستراتيجية لعام 2050 وذلك من واقع الدراسات المقررة التي أجرتها الأجهزة المختصة. متى تمتلك الدولة الموارد المائية التي تجعلها دولة زراعية وهل هذا ممكن؟ مصر دولة زراعية على مر التاريخ وستظل الزراعة هي المصدر الرئيسى للاقتصاد المصرى وتوفير العمالة للغالبية العظمى لأبناء الريف المصرى. وتطوير الزراعة المصرية لتواكب التطور الكبير في تكنولوجيات الزراعة الحديثة أمر وارد ومستمر تنفيذه وتقوم وزارة الزراعة وأجهزتها البحثية بمجهود كبير في هذا المجال بالإضافة إلى جهود المستثمر المصرى والعربى. كيف يمكن من خلال قانون الرى الحفاظ على أمن مصر المائى؟ لقد تطور قانون الرى وبعض مواده عدة مرات ليواكب الظروف المختلفة وهناك تعديل جديد شامل تحت المراجعة الآن وأهم ما به من تعديلات ما هو متعلق بنوعية المياه واستخدامات المياه الجوفية وضوابط إستخداماتها وكذلك المياه للصناعة وغيرها، ويتناول التعديل الجديد موضوع المخالفات والتعديات على النيل والمجارى المائية، إذن فقانون الرى هو الضابط الرئيسى للأمن المائى القومى والمهم ليس إصدار القانون فقط بل الجدية المطلقة في تنفيذه.