الانحياز لطرف دون آخر، وتناول الأحداث السياسية اليومية وفق "أجندة خاصة وأحكام مسبقة"، هى المشكلة الأكبر التى تواجه برامج "التوك شو" فى مصر، ورغم أن القائمين على تلك البرامج ينفون تلك التهمة لكنهم فى الوقت نفسه يشكون من قلة المعلومات المتاحة، ما قد يكون سببا فى تناول أخبار غير صحيحة وبالتالى يتهمون بالانحياز لطرف على حساب آخر. هذا الملف الشائك فى الإعلام المصرى، كان محور نقاش ساخن خلال المؤتمر الذى عقده معهد الحوار المصرى الدانماركى قبل يومين تحت عنوان "الإعلام المصرى.. ماله وما عليه"، وشارك فيه عدد كبير من الإعلاميين ومقدمى برامج "التوك شو"، وأبرزهم عمرو خفاجى مقدم برنامج "تلت التلاتة" على قناة "أو تى فى" وشريف عامر مقدم برنامج "الحياة اليوم" على قناة الحياة. كما شاركت كذلك فى المؤتمر دينا عبدالرحمن مقدمة برنامج "زى الشمس"، على قناة "سى بى سى"، وحازم غراب مدير عام قناة "مصر 25"، وكذلك شارك فيها ياكوب إيرل، مدير معهد الحوار المصرى الدانماركى بالقاهرة. أدار الجلسة الحوارية الدكتور أيمن الصياد، مستشار السابق لريس الجمهورية، والذى بدا منذ اللحظة الأولى محايدا فى تناول موضوع الجلسة وحاول فى أكثر من موضع تبرير الأخطاء التى تقع فيها بعض البرامج بنشر أخبار غير صحيحة، معتبرا أن تناول مثل تلك الأخبار ليس مسئولية البرنامج وحده ولكنها مسئولية الجهات المسئولة أيضا التى تبخل بالمعلومات الحقيقية وتترك المجال مفتوحا للشائعات. قال الصياد خلال الجلسة إن حرية الإعلام هى أحد أهم أهداف ثورة 25 يناير، بل إن هذا الحق أحد أبرز أسلحة الدفاع عن الثورة، داعيا إلى إقرار قانون حرية تداول المعلومات كى نمنح أجهزة الإعلام فرصة لمتابعة عملها وأداء رسالتها. أضاف أن وسائل الإعلام تعتمد فى كثير من الأحيان على جهود مراسليها ومندوبيها وعلاقاتهم دون أن يكون هناك حق قانونى يستندون إليه للحصول على المعلومات المطلوبة وتقديمها للمواطنين لأن لهم حق المعرفة. ورفض الصياد تحميل وسائل الإعلام وبرامج "التوك شو"، وحدهم مسئولية الأخبار غير الصحيحة أو غير الدقيقة، وقال إن مسئولين فى الحكومة يقعون فى نفس الأخطاء أيضا، ولذلك الإعلام ليس وحده مسئولا عن الأخبار غير الصحيحة، معتبرا أنها مرحلة تتسم بالسيولة لعدم توافر المعلومات. قال الإعلامى عمرو خفاجى، إن تهمة خلط الرأى بالخبر فى البرامج الحوارية ليست قاصرة على وسائل الإعلام بمصر وحدها ولكنها تهمة تلاحق وسائل الإعلام فى العالم بأكمله، مشيرا إلى أن هناك شعرة تفصل بين الرأى والخبر يتعين على الإعلامى الانتباه إليها. أشار إلى أن فكرة البرامج الحوارية بمصر قديمة، وتمتد منذ ستينيات القرن الماضى تقريبا وليست حديثة عهد بالإعلام المصرى كما يعتقد البعض، غير أن انتشار القنوات الفضائية وبرامج "التوك شو" الصباحية والمسائية على هذا النحو جعل البعض يظن أنها ظاهرة جديدة. فيما وصفت الإعلامية دينا عبدالرحمن، مقدمة برنامج "زى الشمس" على قناة "سى بى سى"، وضع الإعلام المصرى الراهن بأنه مزدهر وقوى، وقالت إن ثورة 25 يناير خلقت مساحة كبيرة من الحرية على شاشة القنوات الفضائية. أضافت أن المشاهد اليوم يملك العديد من الخيارات لمتابعة البرنامج أو القناة التى يريدها، وبات من حقه متابعة الأحداث بأكثر من وجهة نظر، على عكس الحال فى السابق عندما كانت كل الأحداث يتم تناولها وفق وجهة النظر الحكومية. وقلل الإعلامى "شريف عامر"، مقدم برنامج "الحياة اليوم" على قناة "الحياة" من أهمية الهجوم الذى يتعرض له مقدمو برامج "التوك شو"، واعتبارهم منحازين بل وتصل الاتهامات فى بعض الأحيان لحد وصفهم ب"الكذب والتضليل". وقال إن تعدد الآراء ووجهات النظر فى وسائل الإعلام من الظواهر الصحية التى يتعين الإشادة بها والتعامل معها على نحو إيجابى، لا أن نتناول الأمر باعتباره مشكلة أو أزمة، وكثيرا ما نسمع البعض ينتقد كثرة البرامج وما تسببه من حالة تشتيت للمشاهد. أضاف أن من بين معايير قياس مساحة الحرية فى أى بلد تعدد الآراء وتباينها داخل هذا البلد، وهذا لا يتأتى فعليا دون وجود وسائل إعلام قوية ومتعددة بغض النظر عن اتفاقها أو اختلافها مع السلطة القائمة، لكن المهم أن يكونوا أكثر حرصا على عرض الحقائق. يذكر أن النادى الإعلامى بالقاهرة، هو إحدى فعاليات المعهد المصرى الدانماركى للحوار، يهدف إلى دعم الإعلام والإعلاميين المصريين بشكل خاص والإعلام العربى بشكل عام، من خلال جلسات دورية لمناقشة المستجدات على الساحة الإعلامية المصرية والعالمية، حيث تهدف تلك الجلسات إلى إنتاج محتوى معلوماتى ومعرفى متميز يخدم قضية تطوير الإعلام المصرى، ويدعم جهود العاملين به لتنمية مختلف قطاعاته.