فتحت قضية الشهيد محمد الجندى ملف التلاعب فى التقارير التى تصدرها مصلحة الطب الشرعى، ومدى التدخلات السياسية، من قبل النظام الحاكم لتعديلها أو تغييرها.. الدكتور أيمن فودة كبير الأطباء الشرعيين السابق أكد أن النظام السياسى دائما يمارس ضغوطًا على مصلحة الطب الشرعى، من خلال وزير العدل أو مدير الأمن، لتأخير إصدار تقارير أو الإسراع فى تقارير أخرى، مشددًا على أن تضارب بعض التقارير أو تغييرها فى بعض الأحيان، وتوجيه الاتهامات بأن التقرير خاطئ يرجع إلى سوء فهم أو تفسير الحالة، مشيرًا إلى أنه توجد بعض الحالات يقف الطبيب الشرعى عاجزًا أمام تفسيرها وتحليلها، أو يقوم بتفسيرها تفسيرا خاطئا لأسباب فنية، وعندما يتم عرض الحالات على طبيب آخر يفسرها بشكل مختلف، وهذا التضارب يوحى للرأى العام بأن هناك انحيازًا فى تقرير الطب الشرعى لصالح جهة معينة، مؤكدًا أن الطب الشرعى يتعامل بحيادية وشفافية، والأخطاء التى تحدث مجرد سوء فهم وعدم الدراية الكاملة بالقضية. - هل ترى أن الرأى العام وصل لدرجة من الخبرة تؤهله لمناقشة تقارير الطب الشرعي؟ الرأى العام لم يصل بعد لدرجة من الثقافة والوعى والخبرة حتى يناقش تقرير الطب الشرعى ويحكم عليه بالخطأ أو الصواب. - وكيف تنظر لتصريحات وزير العدل حول وفاة محمد الجندى الناشط السياسى؟ لم يحدث من قبل أن خرج وزير عدل، وأذيع نتيجة تقرير الطب الشرعى قبل صدوره بشكل نهائى، وهذا الأمر يعتبر تدخلا صارخا منه، وكان يجب على وزير العدل ألا يندفع فى وسائل الإعلام، ويقول نتائج تقرير قبل إصداره بشكل رسمى، مما أوحى للرأى العام أن هناك تدخلا سياسيا وضغوطا تتعرض لها مصلحة الطب الشرعى، مما أساء للمصلحة وهز كيانها. - ما رؤيتك للتقرير الموازى ومدى شرعيته أمام النيابة العامة والمحكمة؟ عندما يشكك أو يعترض أهل المجنى عليه على تقرير مصلحة الطب الشرعى، يكلف أهل المجنى عليه أو منظمات المجتمع المدنى مكتبا استشاريا منصوصا عليه فى قانون الإجراءات "المادة 88" الخاصة بقواعد ندب الخبراء، ويتم اطلاعه على كافة المستندات والأدلة ومذكرة النيابة، ويكتب الاستشارى تقريره الموازى، وعندما يتعارض هذا التقرير مع تقرير الطب الشرعى، ترسله النيابة إلى مصلحة الطب الشرعى للرد على ما جاء فيه من اعتراضات، أو تقوم النيابة بعرض التقرير على جهة ثالثة، كأساتذة الجامعات للفصل فى الآراء المتعددة بالتقارير، وليس شرطا أن تأخذ النيابة بتقرير مصلحة الطب الشرعى، لكن تأخذ بالتقرير الأكثر منطقية - وهل نحن بحاجة لإصدار قانون للطب الشرعى؟ الدستور الجديد وضع الطب الشرعى ضمن الهيئات القضائية المعاونة التى تتمتع باستقلالية، ولا بد من إصدار قانون مكمل لما نص عليه الدستور، يجعل مصلحة الطب الشرعى هيئة مستقلة يتمتع الأطباء الشرعيون فيها بالحصانة القضائية، لمنع إقامة دعاوى قضائية عليهم، بسبب الأخطاء الفنية التى قد ترد فى تقرير الطبيب الشرعى، خاصة أن القانون الحالى لا يتوافق مع العصر الحالى. ولا بد أن يتضمن القانون الجديد للطب الشرعى نصوصا تضمن أجورا عادلة للأطباء الشرعيين، وضمان توفير التأمين والحماية اللازمة لهم من العدوى التى تصيبهم نتيجة تشريح الجثث، خاصة أن نسبة كبيرة من الأطباء الشرعيين مصابون بفيروس "سى"، وبعضهم أصيبوا ب "الإيدز"، نتيجة انتقال العدوى من الجثث التى يقومون بتشرحها، وأى مرض تحمله الجثة ينتقل إلى الطبيب الشرعى، وهذا يرجع إلى عدم توافر الإمكانات والأدوات الحديثة التى من شأنها حماية الطبيب الشرعى من العدوى، وللأسف الشديد فإن بدل العدوى للطبيب الشرعى لا يتجاوز 30 جنيها، وهو مبلغ ضئيل جدا ولا يذكر، ويجب أن يكون ثلاثة آلاف جنيه على الأقل، كما أن بدل التشريح كان يتراوح من اثنين إلى خمسة جنيهات فى التسعينيات، ارتفع الآن إلى 150 جنيها.