رحل عن عالمنا الفانى يوم 23 ديسمبر2012 الكاتب والباحث والأخ والصديق والأكاديمى المعروف دكتور سامر سليمان- أستاذ مساعد الاقتصاد السياسى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة-, والحقيقة أننى صدمت برحيل سامر, وهو شاب مفعم بالحياة والحرية ولم يتجاوز عامه الرابع والأربعين، ولم يمر على زواجه إلا أقل من عامين، ومصدر صدمتى ليس فقط زمالة وصداقة من الجامعة تمتد لأكثر من ربع قرن، ولكن أيضا لأن مرضه ورحيله كانا سريعين, ولم تتجاوز المسألة عدة أسابيع وكأنه كان مستعجلا الرحيل من الحياة. يبدو أن سامر فى رحلته بين الحياة والرحيل سلك خطى صديقه ورفيقه دكتور محمد السيد سعيد، فكلاهما كان يحلم ويفكر ويعمل من أجل وطن حر ديمقراطى عادل، وكلاهما كان ينتمى إلى تيار الاشتراكيين المجددين فى مصر، وهو لا يعادى آليات السوق ولكن يسعى لترشيدها وتطعيمها بالعدالة الاجتماعية، وكلاهما كان ذا حس وطنى مرهف، وكلاهما كان مهموما بالعدالة الاجتماعية وبأوضاع الفقراء فى مصر، وكلاهما لم يكن يسعى للمناصب ولا للمنظرة ولا للمعارك الوهمية، وكلاهما رحل فى عز تألقه الفكرى وعطائه الوطنى، وكلاهما كان رحيله صدمة للوسط الثقافى والسياسى، وكلاهما نفتقده بشدة فى هذه الظروف الصعبة التى تمر بها مصر حاليا. سلك سامر سليمان نفس طريق محمد السيد سعيد، فقد حلم محمد السيد السعيد بثورة على نظام مبارك الفاسد, لكنه رحل قبل أن يرى نتائج جهوده التى بذلها على مدى سنين، وتبعه سامر وشارك فى الثورة وصاغ شعارها "عيش- حرية- عدالة اجتماعية", لكنه رحل والثورة تنتكس وتختطف من قبل جماعة دينية فاشية. أسس محمد السيد سعيد صحيفة "البديل" لتكون منبرا لليسار الديمقراطى الجديد فى مصر, وكان سامر معه مشرفا على صفحة الرأى بالجريدة. مرض محمد السيد سعيد بالمرض اللعين وسافر إلى فرنسا للعلاج, وعاد لبلده ليستقبل الموت برضا وشجاعة, وسلك سامر نفس الطريق بعد الإصابة بنفس المرض، حلم محمد السيد سعيد بحزب جديد لليسار بعيدا عن الأحزاب التى استهلكها نظام مبارك, وشارك سامر فى تأسيس هذا الحزب وهو الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى. لا تنسوا أن محمد مسلم وسامر قبطى, وهذا يوضح بجلاء أن العقلاء والشخصيات المحترمة والمثقفين الحقيقيين يدركون أن الصراع فى مصر هو على الحرية وليس على الدين، وأن الذين يصدرون الدين للواجهة, ويحولونه لمصدر للصراع وللتجارة السياسية, هم أعداء مصر وأعداء الحرية وأعداء التقدم وأعداء الإنسانية المشتركة.