تحت عنوان "سامر سليمان .. الأفكار لا تموت" عقدت مساء اليوم بنقابة الصحفيين ندوة لتأبين المفكر الأكاديمي اليساري والناشط المصري، والذي رحل عن عالمنا مؤخرا مخلفا أفكارا تقوم على العدالة الاجتماعية والديمقراطية في الوقت نفسه، بخلاف الفكر اليساري التقليدي الذي صنعه المستبدون على مر التاريخ . وقد تذكر الدكتور محمد أبوالغار رئيس الحزب المصري تفاني سامر في عمله السياسي والأكاديمي وإخلاصه لمصر، فيما قال الدكتور عبدالغفار شكر أمين حزب التحالف الشعبي أن سليمان لا يمكن نسيانه لأنه سعى لتجديد اليسار في مصر، وأراد اليسار الديمقراطي الذي يجمع العدالة الاجتماعية بالديمقراطية، لأن مشكلة اليسار أنه بني من خلال أنظمة مستبدة، ولذلك لا ينظر له اليساريون والليبراليون التقليديون على أنه منهم، وذلك لأنه كان يحفر مجرى ثالث في مصر للمهمشين والعاطلين.
وقالت زوجته ماري مراد بنبرة متأثرة للغاية أنهم ينوون تخليد اسمه بمشروع جديد يحمل اسمه وفكره ، وتذكرت أنه كان ثريا في حياته وظل يكتب طيلة فترة مرضه العصيبة وكان مصرا على استكمال مصر طريقها بعيدا عن الأحزاب التي كانت غير مجدية برأيه ، والأنسب هو تكتل للديمقراطيين الاجتماعيين المصريين من كافة التيارات .
أما الدكتور منير مجاهد منسق مجموعة "مصريون ضد التمييز" والحاصل على الدكتوراة بالطاقة الذرية ، فأكد أنه شارك مع الراحل بتحالف اليسار وندوات فكرية، وكان اللقاء الأكبر في مجموعة مصريون ضد التمييز الديني، وكان من الذين صاغوا بيانها التأسيسي، وفتح لهم حزب التجمع أبوابه لمؤتمرهم، وقد انتقل من أقصى اليسار التروتسكي للفكر الاشتراكي، وشارك بتأسيس جريدة البديل مع الدكتور محمد السيد سعيد، كما شارك بتأسيس نشرات البوصلة وغيرها. وكمثال فقد قدم سليمان ورقة لمناهضة التمييز الديني، ودعا لتحالف واسع ضد كل أشكال التمييز على أساس الجنس والأصل والعقيدة، داعيا للمساواة بين المصريين في الحقوق والواجبات، وقال أن التمييز بدأت مطالبة المصريين به منذ حركة عرابي التي تطالب بالمساواة مع الأتراك، وتبلور العمل مع ثورة 1919 التي رفعت شعار الدين لله والوطن للجميع . وقال سليمان أن الحل ليس بالتدخل الأجنبي ولا التمييز الإيجابي، ولكن بالدولة الديمقراطية التي ترفض التمييز الديني وتجبر الدولة على التعامل مع المواطنين بشكل متساو .
من جانب آخر أكد سامر، بحسب المتحدث، أن الأقليات في مصر عليها اكتساب حقوقها، وهم 20%، وضرب المثل بالسود الأمريكيين الذين حصلوا على حقوقهم رغم نسبتهم الصغيرة بسبب عملهم الكفء، وكسب أنصار لقضاياهم .
وخلال اللقاء الذي أداره الكاتب هاني شكر الله رئيس تحرير جريدة الأهرام الإنجليزية، تحدث أصدقاء وتلامذة سليمان، والذين استشهدوا بمقاله الأخير الذي دافع فيه عن بناء طريق ثالث، بديلا عن الإخوان والعسكر وفلول النظام السابق، باسم تحالف الكتلة المصرية، ورأى أن ألمع مفكري التيار الوسطي تم استقطابه لصالح التيار الديني ويعني طارق البشري، كما انتقد عدم قدرة التيارات المدنية على الحشد أسوة بالتيار الديني، كما أنها فاقدة للتنظيم المرن الهرمي وليس الجامد كما كان يحدث في ماضي أحزاب الوفد والتجمع وغيرها.
شغل سليمان مقعد نائب رئيس قسم الاقتصاد السياسي بالجامعة الأمريكية، وساهم بتأسيس الحزب المصري الاجتماعي ومجلة البوصلة اليسارية ، كما عمل كصحفي بجريدة "الأهرام" بنسختها الإنجليزية .
ويعد أبرز كتبه "النظام القوي والدولة الضعيفة"، وقدم فيه سليمان مختصرا لتحليلاته للسياسات المالية للدولة المصرية على ضوء مصروفات الدولة المعلنة. نشر الكتاب في نسخة إنجليزية محدثة ومعدلة بعنوان "خريف الديكتاتورية" عن دار نشر ستانفورد بأمريكا. وإلى جانب هذا العمل قدم د.سليمان عددًا من الدراسات المنشورة عن "الدولة ورأسمالية التصنيع"، كما نشر له كتاب عن تحليل لانتخابات مجلس الشعب عام 2005، إلى جانب العديد من المقالات المنشورة بالصحف والدوريات عن عدد كبير من الموضوعات مثل الضرائب والديمقراطية والمسألة الطائفية.