الرسالة وردت من رجل أعمال عربى له استثمارات قائمة فى مصر منذ سنوات، ويمتلك مصنعا كبيرا فى العاشر من رمضان، يعمل به أكثر من ألف مهندس وعامل.. ويقول صاحبنا فى رسالته إنه بدأ فى تحجيم أعماله، وأوقف مشروع التوسعات فيها بمصر لأسباب لا علاقة لها بالأمن والاضرابات والوقفات الاحتجاجية. وصاحب الرسالة تلقى تعليمه فى جامعة القاهرة، وهو متزوج من مصرية، ويتردد على القاهرة كثيرا وبصفة دورية، وقد أنجب ولديه فى مصر، ويؤكد ان ذلك يجعل قراره صعبا ومؤلما، وكان لا يتمنى ألا يضطر اليه، لكن القرارات السياسية دفعته الى اتخاذ هذا القرار الصعب، خاصة انه يرى ان مصر لا تزال تمثل سوقا كبيرة كانت الى عهد قريب سوقا واعدة وجاذبة للاستثمارات العربية والأجنبية. ويقول رجل الأعمال الكبير إن ما دفعه الى اتخاذ هذا القرار هو قرارات سياسية، قبل ان تكون أسبابا أمنية أو حتى اقتصادية،وتتضمن الرسالة تساؤلات لم أجد إجابة عنها، ومنها كيف يطمئن المستثمر على رأسماله فى دولة ليس بها سيادة للقانون، ولا يستطيع صاحب الحق ان يحصل على حقه بحكم قضائى حاسم؟ وكيف يمكن لصاحب المال ان يتعامل فى ظل قرارات غير قابلة للطعن أمام أي جهة، قضائية أو غير قضائية؟ وأكثرما يثير تخوفات المستثمر العربى هو ان القرارات السياسية غير المسئولة ستدفع المستثمرين الأجانب من غير العرب الى وقف كل استثماراتهم الحالية والمستقبلية فى مصر، بسبب تورط القيادة الحالية فيما سبق ذكر، بالاضافة الى عدم مصداقيتها التى تتجسد فى إصدار تصريحات ووعود لا يلتزمون بها، وكذلك التراجع مساءً عن قرارات تم اتخاذها فى الصباح، مما يؤكد عدم صلاحيتهم لإدارة دولة فى حجم مصر، وقدرتهم العبقرية على إفقاد الثقة فيهم وفى قراراتهم وفى تصريحاتهم ومصداقيتهم. ويستطرد كاتب الرسالة فى ذكر حقيقة مؤكدة وهي ان الثقة تكتسب على المدى الطويل بصورة تراكمية، فى حين ان الناس تفقد الثقة فى القرارات وفى أصحابها بين يوم وليلة، وهذا هو ما يخشاه رجل الأعمال الذى لن يسترجع ثقته فى الاخوان القائمين على الأمر الآن فى مصر فى فترة قصيرة، والأرجح أنه لن يثق فيهم أبدا بعد ان رأى منهم تراجعا عن قراراتهم، وعدم الالتزام بوعودهم، وعدم احترامهم للقضاء ومنع رجاله من ممارسة مسئولياتهم وإقامة العدل، وتنتهى الرسالة بالتضرع الى الله لينقذ مصر مما تعانيه ولا نملك سوى ان نشارك صاحبنا الدعاء. ونسأل الله لنا وله العافية..