سفير مصر بإريتريا: أول أيام التصويت بانتخابات الشيوخ كان يوم عمل ما تسبب في ضعف الإقبال    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    سفير مصر بطوكيو: يتبقى 5 ساعات لغلق باب الاقتراع في انتخابات مجلس الشيوخ    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 بعد وصوله لأعلى مستوياته عالميًا في 7 أيام    الطماطم ب 6 جنيهات.. أسعار الخضروات اليوم السبت 2 أغسطس 2025 بأسواق الأقصر    أجواء غائمة وفرص أمطار تمتد للقاهرة.. حالة الطقس اليوم السبت 2 أغسطس 2025    موعد بدء الدراسة 2026 للمدارس الحكومية والدولية في مصر.. الخريطة الزمنية للجامعات    «قلبي مكسور».. رحمة حسن تثير قلق جمهورها بعد تساقط شعرها    55.7 مليون جنيه.. إيرادات فيلم الشاطر بعد 17 ليلة عرض (تفاصيل)    «بالهم طويل».. 5 أبراج تتحلى بالصبر    «100 يوم صحة» تقدم 26 مليونًا و742 ألف خدمة طبية مجانية خلال 17 يومًا    «الصحة» تطلق المنصة الإلكترونية التفاعلية لأمانة المراكز الطبية المتخصصة    ماسكيرانو: نحلم باستمرار ميسي مع إنتر ميامي.. والقرار بيده    انتخابات الشيوخ 2025.. توافد لافت ورسائل دعم للدولة المصرية خلال تصويت المصريين بالسعودية    الوطنية للانتخابات: تطور ملحوظ في وعي المواطنين واهتمامهم بالشأن الانتخابي    ضبط مالك مكتبة "دون ترخيص" بالقاهرة    توقيع بروتوكول تعاون بين الجمارك والغرفة التجارية بالقاهرة لتيسير الإجراءات الجمركية    استشهاد 23 فلسطينيا في قصف إسرائيلي متواصل على غزة    الدفاع الروسية: اعتراض وتدمير 112 طائرة مسيرة أوكرانية    مواعيد مباريات السبت 2 أغسطس 2025.. البدري ضد كهربا وافتتاح أمم إفريقيا للمحليين    مواعيد مباريات اليوم السبت 2- 8- 2025 والقنوات الناقلة    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    تعرف على منافسات مصر بسابع أيام دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    يحيى عطية الله يعود إلى الوداد بعد موافقة سوتشي الروسي    22 شهيدا في غزة.. بينهم 12 أثناء انتظار المساعدات    الرئيس البرازيلي: نستعد للرد على الرسوم الجمركية الأمريكية    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب شمال باكستان    «مياه الإسكندرية» تنهي استعداداتها لتأمين انتخابات مجلس الشيوخ    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    مصطفى عبده يكتب: خيانة مكتملة الأركان    ذات يوم.. 02 أغسطس 1990.. اتصالات هاتفية بالرئيس مبارك والملكين فهد وحسين لإبلاغهم بمفاجأة احتلال العراق للكويت ومحاولات الاتصال بصدام حسين تفشل بحجة «التليفون بعيد عنه»    جامعة قناة السويس تستضيف الملتقى الأول لريادة الأعمال.. وتكرم الفرق الفائزة    وفاة عم أنغام .. وشقيقه: الوفاة طبيعية ولا توجد شبهة جنائية    القاهرة الإخبارية تعرض تقريرا عن مجلس الشيوخ.. ثمرة عقود من التجربة الديمقراطية    ترامب: ميدفيديف يتحدث عن نووي خطير.. والغواصات الأمريكية تقترب من روسيا    وسط قلق وترقب المصريين، آخر تطورات أزمة قانون الإيجار القديم وموعد الصدور    جنين تم تجميده عام 1994.. ولادة أكبر طفل في العالم    أسعار السبائك الذهبية اليوم السبت 2-8-2025 بعد الارتفاع القياسي العالمي    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    جريمة تهز سيوة.. مقتل 4 أفراد من أسرة واحدة وإصابة ابنهم    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    تشيع جنازة عريس لحق بعروسه بعد ساعات من وفاتها بكفر الشيخ    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    إسماعيل هنية كشف خيانة الثورة المضادة فباركوا قتله .. عام على اغتيال قائد حماس    الشباب المصري يصدر تقريره الأول حول تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟ أمين الفتوى يجيب    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عودة الروح» تحتفل ب«الفالنتاين» مع شعراء الحب والغرام

إذا أنت لم تعشق، ولم تدر ما الهوى، فكن حجراً من يابس الصخر جلمدا، فالحب سرُّ الحياة، به تدوم وتستمر وتتدفق، وبدونه، تصير الحياة عدماً وفناءً، يستوى فى ذلك الرجل والمرأة، هكذا يتوهم المتوهمون، فكم من عظماء، خلت حياتهم من النساء والغوان،ومن شيطان الحب.
وفى «عيد الحب العالمى»، أو «فالنتاين داى»، يكثر الحديث عن الحب والغرام والهيام، ويُهرع الرجال، إلى متاجر الهدايا، ليجلبوا لنسائهم، وعشيقاتهم، الهدايا الثمينة، قرابيناً لهن، وفى هذه المناسبة تلقيتُ دعوة مكتوبة، من القديس «فالنتين » لحضور أمسية بحضور شعراء الحب والرومانسية، ومن خاضوا غمار الكتابة فى الحب.
وصلتُ إلى القاعة التى تحتضن الأمسية مبكرا جدا، فاقتربت من حشد من المثقفين وكبار الكتاب، الذين كانوا مدعوين مثلى، فوجدتهم يتحدثون عن الحب والنساء، وتنامى إلى سمعى عبارات بليغة موجزة، مثل: «المرأة بلا محبة امرأة ميتة»، قالها «أفلاطون»، أما «شوبنهاور» فقال: «الحب وردة، والمرأة شوكتُها»، فيما ذكر «جارلسون» أن «الحب يضاعف من رقة الرجل، ويضعف من رقة المرأة»، وزاد عليه «ريشتر» قوله: «الحب يضعف التهذيب فى المرأة، ويقويه فى الرجل».
أما «لابرويير»، فقال: «الحب مبارزة، تخرج منها المرأة منتصرة، إذا أرادت»، لكن «تشارلز ثوب» قاطعه مؤكدا أن «الحب للمرأة كالرحيق للزهرة».
وها هو «أنيس منصور»، الذى لا يزال محافظا على كبريائه الذى يصل إلى درجة الغرور، حيث قاطعهم، بقوله: «الحب عند الرجل مرض خطير، وعند المرأة فضيلة كبرى»، وحينئذ تداخلت «مدام دو ستال»، فى الحوار، لتؤكد أن «الحب أنانية اثنين».
أما «فيون» فجزم بأن «الحب المجنون يجعل الناس وحوشاً»، قبل ان تقاطعه «هيلين رونالد»، مؤكدة «أنه ربيع المرأة وخريف الرجل».
لكن «برنارد شو»، قال فى ثقة غير مبررة: «الحب يرى الورود بلا أشواك، فإذا أحبت المرأة رجلاً، خافت عليه، والحب يستأذن المرأة فى أن يدخل قلبها، وأما الرجل فإنه يقتحم قلبه دون استئذان، وهذه هى المصيبة»، لكن «الحب أعمى، والمحبون لا يرون الحماقة التى يقترفونها، برأى «شكسبير»، وهو نار تشوى قلب الرجل لتأكله المرأة، كما أنه دمعة وابتسامة، هكذا قال لى «جبران خليل جبران».
وبنبرة صوت حادة، قال «كلارك جيبل» لمن حوله: «تسعد المرأة، عندما يقول لها رجل:«أحبك»، وتطرب أن يشقى فى سبيلها، لذا إذا كنت تحب امرأة فلا تقل لها:«أنا أحبك»، فقلت له :«أحسنت يا سيد كلارك».
وها هو» أوروبيديس»، يتفق معى، مشددا على أن «الحب وهم، يصوّر لك أن امرأة ما تختلف عن الأخريات»، فأعلنتُ تضامنى معه، فيما وصفه «بلزاك»، بأنه «الأكثر عذوبة والأكثر مرارة»، وزاد «جورج صائد» عليه، بأن «امرأة ورجل وحرمان، وكلّما ازداد حبنا تضاعف خوفنا من الإساءة إلى من نحب».
ويجد «تشيسون» أن نحب فنخفق، على ألا نحب أبداً»، فقاطعته: «ولماذا نعذب أنفسنا؟»، و«الحب، عند المرأة، نار مقدّسة، لا تشتعل أمام الأصنام»، هكذا قال «حسن حافظ»، لكن نتائج الحب غير متوقعة، برأى «ستاندال»، قبل أن تبدأ فاعليات الأمسية، التى لم أكن أعلم ضيوفها على وجه التحديد، باستثناء «نزار قبانى»، استوقفنى كل من «دولنكو» و«ويلز»، فقال الأول لى: «الحب زهرة نضرة، لا يفوح أريجها، إلا إذا تساقطت عليها قطرات الدموع، وهو أقوى العواطف، لأنه أكثرها تركيباً، وخُلق الحبٌّ لإسعاد القليلين، ولشقاء الكثيرين»، أما الثانى فقال: «الحب يهبط على المرأة فى لحظة سكون، مملوءة بالشك والإعجاب»، فلم يرق لى كلامهما، ولم أندهش، رغم أنى كنت التهمتُ، منذ لحظات قليلة، قطعتى «فرسكا»، قدمهما لى أحد القائمين على خدمة المدعوين!
الآن، يعلن المذيع عن بدء الأمسية، وبعد مقدمة عن الحب، لم تخلُ من إطناب، واسترسال، فالموتى لا يهتمون كثيرا بالوقت، كشف عن أسماء المتحدثين، وهم: «امرؤ القيس، «عنترة بن شداد»، «المنخل اليشكرى»،»عمر بن أبى ربيعة»، «قيس بن الملوح»، «جميل بن معمر»، «العباس بن الأخنف»، و«نزار قبانى»،.. وآخرون..
البداية كانت مع «المنخل اليشكري»، الذي اتهمه «النعمان بن المنذر» بامرأته المتجردة، وكانت بارعة الجمال، فأغرقه أو دفنه حياً، ويضرب به المثل لمن هلك, ولم يعرف له خبرا، وكانت «فتاة الخدر» هي قصيدته الشهيرة التي قالها في زوجة النعمان، والتى أنشدها، وكان مما قال:
إِن كُنتِ عاذِلَتي فَسيري
نَحوَ العِرقِ وَلا تَحوري
لا تَسأَلي عَن جُلِّ مالي
وَاِنظُري كَرَمي وَخيري
وَفَوارِسٍ كَأُوارِ حَررِ
النارِ أَحلاسِ الذُكورِ
شَدّوا دَوابِرَ بَيضِهِم
في كُلِّ مُحكَمَةِ القَتيرِ
وَاِستَلأَموا وَتَلَبَّبوا
إِنَّ التَلَبُّبَ لِلمُغيرِ
فصفق له الحضور، إلا أنا، حيث لم أستوعب كثيرا مما قاله"!"، فى الوقت الذى ذهبت إليه محبوبته، وطبعت قبلة على جبهته، فتكرر التصفيق، ثم نهض بعده الشاعر المفوه والفارس العاشق "عنترة بن شداد"، فوجه أبياته لعبلة، التى حضرت معه، قائلا:
إذا الريح هبت من ربي اعلم السعدي طفا بردها حر الصبابة الوجد
وذكرني قوما حفظت عهودهم فما عرفوا قدري ولا حفظوا عهدي
ولولا فتاة في الخيام مقيمة لما اخترت قرب الدار يوما على البعد
مهفهفة والسحر في لحظاتها إذا كلمت ميتا يقوم من اللحد
وعند هذا البيت، صفق الحضور كثيرا، قبل أن يكمل "عنترة":
يبيت فتات المسك تحت لثامها فيزداد من أنفاسها أرج الند
ويطلع ضوء الصبح تحت جبينها فيغشاه ليل من دجي شعرها الجعد
فهل تسمح الأيام يا ابنة مالك بوصل يداوي القلب من ألم الصد
فصفقنا كثيرا جدا، ونهضت "عبلة" من مكانها، وذهبت إلى "عنترة"، وارتمت فى أحضانه، فازداد التصفيق.. بعد ذلك أخذ فتى قريش المدلل "عمر بن أبي ربيعة"، مكانه على المنصة، وأنشد واحدة من أشهر قصائده، التي قالها في محبوبته "نُعم".. ومنها:
أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِرُ
غَداةَ غَدٍ أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ
لِحاجَةِ نَفسٍ لَم تَقُل في جَوابِها
فَتُبلِغَ عُذراً وَالمَقالَةُ تُعذِرُ
تَهيمُ إِلى نُعمٍ فَلا الشَملُ جامِعٌ
وَلا الحَبلُ مَوصولٌ وَلا القَلبُ مُقصِرُ
وَلا قُربُ نُعمٍ إِن دَنَت
وَلا نَأيُها يُسلي وَلا أَنتَ تَصبِرُ
وَأُخرى أَتَت مِن دونِ نُعمٍ وَمِثلُها
نَهى ذا النُهى لَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ
فصفق الحضور كثيرا له، إلا أنا، ليس لعدم فهم واستيعاب لكلماته، ولكن لمبالغته المفرطة فى التغزل بمحبوبته التى كانت برفقته، بعده حمل "قيس بن الملوح"، مجنون "ليلى"، أوراقا، قرأ منها:
تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا
وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا
بِثَمدَينِ لاحَت نارَ لَيلى وَصَحبَتي
بِذاتِ الغَضا تَزجي المَطِيَّ النَواجِيا
فَقالَ بَصيرُ القَومِ أَلمَحتُ كَوكَباً
بَدا في سَوادِ اللَيلِ فَرداً يَمانِيا
فَقُلتُ لَهُ بَل نارُ لَيلى تَوَقَّدَت
بِعَليا تَسامى ضَوءُها فَبَدا لِيا
فصفق الحضور بحماس غريب، إلا أنا، و"أنيس منصور"، الذى همّ بالانصراف، لولا أن بعضا من رفاقه أقنعوه بالبقاء، فجلس، قبل أن يأخذ "جميل بن معمر"، مكانه على المنصة، متغزلا فى محبوبته، منشدا شعرا، يمتلئ بشكاوي النفس وما يلاقيه المحب المتيم من تباريح الوجد، فقال:
أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ
وَدَهراً تَوَلّى يا بُثَينَ يَعودُ
فَنَبقى كَما كُنّا نَكونُ وَأَنتُمُ
قَريبٌ وَإِذ ما تَبذُلينَ زَهيدُ
وَما أَنسَ مِنَ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها
وَقَد قُرِّبَت نُضوي أَمِصرَ تُريدُ
وَلا قَولَها لَولا العُيونُ الَّتي تَرى
لَزُرتُكَ فَاِعذُرني فَدَتكَ جُدودُ
خَليلَيَّ ما أَلقى مِنَ الوَجدِ باطِنٌ
وَدَمعي بِما أُخفي الغَداةَ شَهيدُ
فاستحسن الحاضرون أبياته وصفقوا له كثيرا، كما صفقت "بثينة" كثيرا جدا، وارتمت فى حضنه، وقبلت خديه، ثم خلفه الشاعر العاشق "العباس بن الأحنف"، الذى تذكر حبيبته "فوز" بأبيات زاخرة بعاطفة صادقة وشاعرية أصيلة، منها:
أَميرَتي لا تَغفِري ذَنبي
فَإِنَّ ذَنبي شِدَّةُ الحُبِّ
يا لَيتَني كُنتُ أَنا المُبتَلى
مِنكِ بِأَدنى ذَلِكَ الذَنبِ
إِن كانَ يُرضيكُم عَذابي وَأَن
أَموتَ بِالحَسرَةِ وَالكَربِ
فَالسَمعُ وَالطاعةُ مِنّي لَكُم
حَسبي بِما تَرضَونَ لي حَسبي
وقبل أن ينهى "ابن الأحنف"، أبياته، كان دوى التصفيق أعلى من أى شيء، تلاه "امرؤ القيس"، بأبيات مبهرة عن حبيبته "فاطم"، وكان مما قال:
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
وإن تك قد ساءتك مني خليقةٌ فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
أغرك مني أن حبك قاتلي وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وأنك قسمت الفؤاد فنصفه قتيلٌ ونصفٌ بالحديد مكبل
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي بسهميك في أعشار قلب مقتل
فصفقنا جميعا لإمرؤ القيس، الذى تلاه "الشريف الرضي"، بقصيدة "ظبية البان"، التى كتبها فى معشوقته، التى حضرت بصحبته، ومن أبياتها:
يا ظَبيَةَ البانِ تَرعى في خَمائِلِهِ
لِيَهنَكِ اليَومَ أَنَّ القَلبَ مَرعاكِ
الماءُ عِندَكِ مَبذولٌ لِشارِبِهِ
وَلَيسَ يُرويكِ إِلّا مَدمَعي الباكي
هَبَّت لَنا مِن رِياحِ الغَورِ رائِحَةٌ
بَعدَ الرُقادِ عَرَفناها بِرَيّاكِ
ثُمَّ اِنثَنَينا إِذا ما هَزَّنا طَرَبٌ
عَلى الرِحالِ تَعَلَّلنا بِذِكراكِ
سَهمٌ أَصابَ وَراميهِ بِذي سَلَمٍ
مَن بِالعِراقِ لَقَد أَبعَدتِ مَرماكِ
وبدا أن تلك الكلمات الناعمة لامست قلوب الجميع، الذين صفقوا طويلا، قبل أن يظهر علينا "الحصري القيرواني"، منشدا:
يا ليلُ الصبُّ متى غدُه أقيامُ السَّاعةِ مَوْعِدُهُ
رقدَ السُّمَّارُ فأَرَّقه أسفٌ للبيْنِ يردِّدهُ
فبكاهُ النجمُ ورقَّ له ممّا يرعاه ويرْصُدهُ
كلِفٌ بغزالٍ ذِي هَيَفٍ خوفُ الواشين يشرّدهُ
نصَبتْ عينايَ له شرَكاً في النّومِ فعزَّ تصيُّدهُ
وكفى عجباً أَنِّي قنصٌ للسِّرب سبانِي أغْيَدهُ
صنمٌ لفتنةٍ منتصبٌ أهواهُ ولا أتعبَّدُهُ
وكانت المفاجأة لى، رومانسية الشاعر الثورى "أبى القاسم الشابى"، الذى رسم بأبيات، متخمة بالعاطفة، حبيبته كائناً سماوياً يفيض رقة وطهراً وشفافية، فأنشد:
عذبة أنت كالطفولة كالأحلام
كاللحن كالصباح الجديد
كالسَّماء الضَّحُوكِ كاللَّيلَةِ القمراءِ
كالوردِ كابتسامِ الوليدِ
يا لها مِنْ وَداعةٍ وجمالٍ
وشَبابٍ مُنعَّمٍ أُمْلُودِ
يا لها من طهارةٍ تبعثُ التَّقديسَ
في مهجَةِ الشَّقيِّ العنيدِ
يا لها رقَّةً تَكادُ يَرفُّ الوَرْدُ
منها في الصَّخْرَةِ الجُلْمودِ
أَيُّ شيءٍ تُراكِ هلْ أَنْتِ فينيسُ
تَهادتْ بَيْنَ الوَرَى مِنْ جديدِ
ونال "الشابى" استحسان الجميع، سوى "أنيس منصور"، وكاتب هذه السطور، لاعتقادنا أنه ليس هناك امرأة، مهما بلغت من حُسن تستحق هذا الثناء والتقدير، ثم جاء بعده الشاعر "محمود حسن إسماعيل"، الذى أنشد قصيدته جاءت "أقبلي كالصلاة"، ومن أبياتها:
أقبلي كالصلاة رقرقها النسك
بمحراب عابد متبتل
أقبلي أية من الله علينا
زفها للوجود وحيُ مُنزَل
أقبلي كالجراح ظمأي وكأس
الحب ثكلي والشعر ناي معطل
أنت لحنُ علي فمي عبقري
وأنا في حدائق الله بلبل
ولأن "نزار قبانى"، كان دبلوماسيا، وظهر فى عصر وسائل الإعلام المتقدمة، وقدم أغنياته أشهر المطربين، فإنه حظى فور ظهوره على المنصة باستقبال وحفاوة طاغية، قبل أن ينشد بأداء راق:
علمني حبك أن أحزن
وأنا محتاج منذ عصور لامرأة تجعلني أحزن
لأمراة ابكي فوق ذراعيها مثل العصفور
لامراة تجمع أجزائي كشظايا البللور المكسور
علمني حبك سيدتي أسوأ عادات
علمني افتح فنجاني في الليلة آلاف المرات
وأجرب طب العطارين وأطرق باب العرافات
علمني أن أخرج من بيتي لأمشط أرصفة الطرقات
وأطارد وجهك في الأمطار وفي أضواء السيارات
وألملم من عينيكِ ملايين النجمات
يا امرأة دوخت الدنيا يا وجعي يا وجع النايات
أدخلني حبك سيدتي مدن الأحزان
وأنا من قبلك لم ادخل مدن الأحزان
لم أعرف أبدا أن الدمع هو الإنسان
أن الإنسان بلا حزن ذكرى إنسان
علمني حبك أن أتصرف كالصبيان
أن أرسم وجهك بالطبشور على الحيطان
يا امرأة قلبت تاريخي
إني مذبوح فيكِ من الشريان إلى الشريان
علمني حبك كيف الحب يغير خارطة الأزمان
علمني حين أحب تكف الأرض عن الدوران
علمني حبك أشياء ما كانت أبدا في الحسبان
وكان «نزار قبانى» هو مسك الختام، وبأبياته الرقراقة، انتهت أمسية عيد الحب، والتف الحضور حول الشعراء، ودار بينهم همس كثير، قبل أن يأووا هم إلى موتهم، وأعود أنا إلى حياة، بلا حب، وبلا مشاعر، حياة يسودها الكذب والخيانة، والعواطف المأجورة، حياة، أصبح الحب فيها يباع ويشترى، تماما كالنساء..
C.V
امرؤ القيس .. «520 م - 565 م»- شاعر جاهلى. عنترة بن شداد ..»525 م - 608 م»، أحد أشهر شعراء العرب في فترة ما قبل الإسلام. جميل بن معمر، توفى فى عام «701 م»، من عشاق العرب المشهورين. العباس أبوالفضل.. «103ه-192ه»، أحب فتاة سماها «فوز» لأنها كانت كثيرة الفوز بالسباقات والمنافسات كي لا يصرح باسمها الحقيقي فى شعره. أبوالقاسم الشابي.. «1909 م- 1934م» شاعر تونسي. قيس بن الملوح.. «645م – 688م», شاعر عربي، عاش في فترة خلافة مروان بن الحكم وعبدالملك بن مروان. عمر أبي ربيعة « 23 ه-93ه»، أحد شعراء الدولة الأموية، وهو زعيم المذهب الفاحش في التغزل. المنخل اليشكري، شاعر جاهلي، عاصر كلا من: النابغة الذبياني، حاتم الطائي وعنترة بن شداد. الحصرى القيروانى، توفى عام «1095م»، من شعر اء العصر الأندلسي. محمود حسن إسماعيل «1910م- 1977م»، شاعر مصري. نزار قباني.. «1923م - 1998 م»، دبلوماسي وشاعر سوري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.