قدم الناقد السورى الدكتور ماجد أبو ماضى محاضرة بعنوان" اللغة العربية لغة الحب والمحبة" فى اتحاد الكتاب السورى اختار خلالها غرض الغزل والحب المستمر منذ وجود الشعر حتى يومنا هذا مبينا كيف عبر الشعراء العرب عما فى نفوسهم وعن محبتهم للمرأة وكيف وظفوا لغتهم ووضعوها فى خدمة هذا الغرض وذلك عبر العصور منذ الجاهلية وحتى الآن. وقال أبو ماضى إن المرأة فى العصر الجاهلى كانت المثل الاعلى فى الجمال فعنى الشعراء بجمالها الخارجى وتوقفوا عند محاسن الوجه والجسم ومنهم من اغرق بالوصف والغزل حد الاباحية وكان اكثرهم فى ذلك "امرؤ القيس" ومنهم من راها رصينة فى مجلسها وحركاتها وخفيفة الظل فى تنقلاتها ك"الاعشى" ومنهم من ذكرها بمحبة وعفة فى الحروب كما فعل عنترة الذى قال: وقد ذكرتك والرماح نواهل منى وبيض الهند تقطر من دمى.. فوددت تقبيل السيوف لانها لمعت كبارق ثغرك المتبسم. وأوضح الباحث ان الشعر فى العصر الاسلامى يكاد يخلو من الغزل لولا نتف جرت على السن بعض الشعراء المخضرمين أمثال"حسان بن ثابت"و"كعب بن زهير" فى قصيدة "بانت سعاد" و"عروة بن حزام" الذى يقول.. : انى لتغشانى لذكرك هزة لها بين جلدى والعظام دبيب. وقال "ابو ماضى".. إن شعر العصر الاموى اشتهر بالغزل ومن شعرائه "يزيد بن معاوية"، "جرير"، "قيس بن الملوح"، "جميل بن معمر" و"جميل بثينة" الذى قال : وأول ما قاد المودة بيننا بوادى بغيض يا بثين سباب .. فقلنا لها قولا فجاءت بمثله لكل خطاى يا بثين جواب. وأشار الباحث الى أن شعر العصر العباسى تميز بالفحش والمجون اللذين يتمثلان فى أعمق أبعادهما مع طائفة من الشعراء اطلق عليها "عصابة السوء" من اعلامها بشار بن برد وابو نواس ومطيع بن اياس و/خلف الاحمر الى جانب وجود الغزل العاطفى الرقيق الحامل للمعانى الجميلة كقول ابن الجهم: عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث ادرى ولا أدرى. وأوضح أبو ماضى أن الغزل الاندلسى ضم عناصر مختلفة منها جمال الطبيعة والرياض ومظاهر العمران والتحضر ومجالس اللهو والشراب والغناء حيث اشتهر الاندلسيون فى غزلهم بالاوصاف المادية وتصوير لواعج النفس والتذلل للمحبوب ومن أهم شعراء الغزل والحب فى الاندلس ابن زيدون الذى أحب ولادة بنت المستكفى وكتب من أجلها أجمل أشعاره وارقها ومن ذلك قوله: ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا من لو على البعد حيا كان يحيينا. وبين المحاضر أن الشعر العربى فى العصرين المملوكى والعثمانى أصيب بالشلل والانهيار التام واتجه الى تمادى الشعراء فى سرد الفحش والبذاءة والايغال في استعمال الغزل بالمذكر تماشيا مع روح العصر حيث لا يستحق الذكر فى هذا العصر الا البصيرى وابن نباتة وصفى الدين الحلى. وختم أبو ماضى محاضرته بأن أهم شعراء العصر الحديث كان نزار قبانى وسبقه أحمد شوقى الا أن نزار كان شاعرا غزليا بلا منازع فهو يحمل قلبه بين يديه ويقدمه خبزا يوميا للعشاق يصور فيها الكثير من الجرأة التى لم يعتد عليها شعر الغزل مما أعطى للاسلوب النزارى نمطا يمتاز بالعاطفة الخالصة شعرا ونثرا، ويتموج رقة وعذوبة خالعا على الكلم الدارج أجواء من العفوية الاخاذة واللحن الجميل كما فى قوله : تتبسمين وتمسكين يدى فيعود شكى فيك ايمانا/عن أمس لا تتكلمى أبدا وتالقى شعرا وأجفانا/انى أحبك كيف يمكننى أن أشعل التاريخ نيرانا.