يكلف الدولة 485 مليون جنيه بلا فائدة الفرق بين صخب الأفراح وصمت المأتم» أبلغ وصف يمكن استخدامه للمقارنة بين انتخابات مجلسى الشعب والشوري. المشهد السابق وخيوطه المتشابكة مع المشهد الحالى تثير علامات استفهام تخفى فى طياتها كشف حساب قاسى ومؤلم للمجلس العسكرى والإسلاميين من جانب الشعب منها هل عزوف الناخبين عن الشورى بمثابة استفتاء شعبى على إلغائه نزولا على إجماع كل الخبراء ؟وهل العزوف يعكس قناعة ترسخت لدى الشعب مفادها أن الموضوع فيه «إن» لاستنساخ حزب وطنى جديد بمسمى آخر هو حزب الحرية والعدالة الذراع السياسى للإخوان المسلمين. بداية علق عبد الغفار شكر المناضل اليسارى ووكيل مؤسسى حزب التحالف الشعب الاشتراكى على عزوف الناخبين عن انتخاب الشورى بقوله: هذا استفتاء شعبى من الشعب المصرى على رفضه لمجلس الشورى مؤكدا أن «الشورى» لا يوجد إقبال عليه منذ إنشائه لإحساس الناخبين بأنه ليس له داع خاصة وأن مجلس الشعب هو المشرع والمراقب للحكومة وصاحب حق سحب الثقة منها متوقعا إلغاء «الشورى» بموجب الدستور الجديد. أما الدكتور أنور رسلان أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة وعضو مجلس الشورى سابقا فقد أرجع عزوف الناخبين عن انتخاب الشورى إلى شعور المواطنين بعدم أهمية بعد تهميشه فى السنوات الماضية. ملمحا إلى قناعة جمعية تولدت لدى الناس بأن حزب الحرية والعدالة أرتدى ثوب الحزب الوطنى المنحل أرجع رسلان العزوف الانتخابى أيضا إلى اكتساح التيارات الإسلامية لانتخابات مجلس الشعب بشكل جعل المواطنين يشعرون بأن النتيجة فى مجلس الشورى أصحبت معروفة مسبقا لصالح التيار الإسلامى كما حدث منذ أسابيع قليلة. رسلان اقترح تخصيص «الشوري» لمنظمات المجتمع المدنى والجمعيات العمالية ليشارك «الشعب» فى الرقابة على جميع المؤسسات مطالبا بأن يكون له دور تشريعى مكتفيا بقوله إن الشعوب تحسب التكاليف على أساس الفائدة وليس على أساس حجم الانفاق عندما سألناه عن تكلفة انتخابات الشورى ومجلس الشورى نفسه. «عاد لنا حزب وطنى من جديد تسهل له الانتخابات» هكذا فسر نجاد البرعى عزوف الناخبين عن انتخابات الشورى، مضيفا أن المواطنين وهو واحد منهم غير مقتنعين بنتيجة انتخابات «الشورى» بعد أن حسمت انتخابات «الشعب» للإخوان والسلفيين، متوقعا عدم خروج الناخبين فى أية انتخابات أخرى سواء محليات أو حتى رئاسية بعد إدراك الناس بأن الإخوان سينفردون بالسلطة. من جانبه اعتبر صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية أن عزوف الناخبين يرجع لقناعتهم بأن مجلس الشورى بلا أية اختصاصات أو صلاحيات تشريعية أو رقابية مطالبا بإعادة النظر فى اختصاصاته وصلاحياته وتقييم استمراره من عدمه ملمحا فى الوقت نفسه أن هناك مجالس موازية له يمكنها القيام بدوره كالمجالس القومية المتخصصة والمجلس الاستشاري. وعن الفائدة مقارنة بالتكلفة أوضح جودة أنه يكلف الدولة 485 مليون جنيه بدون أى فائدة باستثناء تعيين رؤساء الأحزاب الكرتونية ورؤساء تحرير الصحف للتمتع بحصانة تجعلهم بمنأى عن المساءلة القانونية. على الضفة الأخرى من النهر على عكس الآراء السابقة بررت نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة عزوف الناخبين عن «الشوري» بالدعاية غير الكافية للمرشحين واتساع الدوائر لكون المحافظة دائرة واحدة ما عدا القاهرة والجيزة والدقهلية والصورة الذهنية لدى المرشحين أنفسهم عدم أهمية مجلس الشورى. وعلى عكس كثيرين يربطون بين مليونية استمرار الثورة وهشاشة انتخابات الشورى نفت نورهان أى علاقة من هذا النوع مستشهدة بوجود أحداث كانت أعنف وأضخم أثناء انتخابات مجلس الشعب التى شاهد الجميع فيها طوابير الناخبين الطويلة أمام اللجان.