- المتشائمون: مخاوف من عودة القمع وتوحش الدولة البوليسية.. - المتفائلون: السيسي لن يسمح بترويع وترهيب المصريين - الدالى والصغير وثروت أبرز المرشحين لتولي حقيبة «الداخلية» - إعادة هيكلة المنظومة الأمنية بما يحفظ للمواطن كرامته لا يختلف اثنان على أن ممارسات بعض ضباط وأفراد الشرطة، وسياسات وزارة الداخلية بصفة عامة، خلال الشهور التي سبقت ثورة 25 يناير 2011، كانت سببًا مباشرًا في اندلاع الثورة، وخروج ملايين المصريين، يطالبون بالتخلص من نظام فاسد استخدم الشرطة للتنكيل بالمصريين بدلًا من توفير الأمن والأمان لهم، وهو ما ترجمته ردود أفعالهم خلال الأيام التي تلت ثورة يناير، من اقتحام وإحراق أقسام الشرطة في مختلف المحافظات. «عودة داخلية مبارك» ولأن المشير عبد الفتاح السيسي، قضى أكثر من 45 عامًا في القوات المسلحة ويتميز بالشدة والحزم بسبب طبيعته العسكرية، فإن البعض وهؤلاء هم المتشائمون، يتوقعون أن تعود وزارة الداخلية، حال وصوله إلى الحكم، إلى ما كانت عليه في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ولن تهتم بأمن الوطن والمواطن، ولن تطارد البلطجية والمجرمين والخارجين على القانون، بل ستعمل فقط على تأمين مؤسسة الرئاسة والوقوف مع الرئيس ضد مصلحة الشعب. بل ذهب البعض الآخر إلى أن جهاز الأمن الوطني، سيعود إلى جبروته وبطشه، وسيواصل زوار الفجر عملهم في «اعتقال» الأبرياء والإلقاء بهم في سجون لا يعرف أحد عنها شيئًا، وسيتحول من جهاز لجمع المعلومات عن الأخطار التي تهدد البلاد، إلى أداة بطش في يد الحاكم، يستخدمها وقتما شاء وضد من شاء. هؤلاء يتمسكون أيضًا بأن السيسي سيقدم كل الدعم لوزارة الداخلية ورجالها، وسيوفر لهم الغطاء القانونى الذي يعطيهم الحق في قمع الشعب وتقييد حريته، من خلال قانونى التظاهر والإرهاب، أي أن الدولة البوليسية ستعود وبشكل أكثر وحشية.. هذا الفريق يتوقع أن تكون وزارة الداخلية سببًا في انهيار حكم «السيسي»، كما كانت سببًا في الإطاحة بمبارك ونظامه. «تطور غير مسبوق» على جانب آخر، يرى البعض أن وزارة الداخلية، ستشهد تطورًا غير مسبوق على كافة المستويات، بداية من حسن تعامل الضباط مع المواطنين في أقسام الشرطة، وحتى التزام الأجهزة الشرطية المختلفة، سواء في الأمن الوطنى أو الأمن العام أو البحث الجنائي، بمهمتهم الأساسية، وهى حفظ الأمن في الشارع، وعدم الاعتداء على الحياة الخاصة لأى مواطن، أو استخدام القوة والعنف في قمع وتفريق المظاهرات السلمية. وهذا الفريق يرى أيضًا أن خبرات السيسي الأمنية، وتعهداته المتكررة بعدم المساس بكرامة المصريين أو السماح لأية جهة بترويعهم، ستدفعه إلى إعادة هيكلة المنظومة الأمنية، بما يحفظ للوطن أمنه وللمواطن كرامته.. «فيتو» تحدثت مع عدد من خبراء الأمن حول طبيعة وزارة الداخلية، والدور الذي ستلعبه خلال فترة حكم المشير عبد الفتاح السيسي، إذا قدر له الوصول إلى حكم مصر، خصوصًا أنها من أهم الوزارات المؤثرة في نجاح أي حاكم أو فشله، كما أنها تتأثر بشخصيته وطريقته في إدارة شئون البلاد. «كرامة المواطن أولا» الخبير الأمني اللواء محسن حفظي- مساعد وزير الداخلية سابقًا، أكد أن المشير عبد الفتاح السيسي، حال انتخابه رئيسًا للجمهورية،، سيولى اهتمامًا بالغًا لوزارة الداخلية بمختلف قطاعاتها وأجهزتها، على اعتبار أن استقرار الأمن في الشارع، هو أهم عوامل نجاح الدولة بصفة عامة في تحقيق برامج التنمية الاقتصادية، ومن ثم فإنه سيعمل على تحسين العلاقة بين الشرطة والشعب، والتي تدهورت بشكل كبير في أعقاب ثورة يناير. وأضاف «حفظي» أن هذا التحسين سيكون عن طريق إعادة تدريب الضباط على حسن معاملة المواطنين، وعدم التعالى عليهم، ووضع قواعد ولوائح صارمة تضع الضابط الذي يسيء لمواطن بغير حق تحت طائلة القانون، وفى المقابل سيقدم كل الدعم لوزارة الداخلية، لتوفير الأسلحة المتطورة اللازمة لمواجهة العناصر الإرهابية والمتطرفة، وفى هذا الشأن من الممكن أن يزيد ميزانية الوزارة بشكل كبير. وقال مساعد وزير الداخلية سابقًا: «ضباط الشرطة في عهد السيسي ستتوفر لهم كافة الوسائل التي تمكنهم من أداء واجبهم، وربما يتم تعديل قانون العقوبات لتغليظ عقوبة أي شخص يهاجم أفراد الشرطة أو منشآتها وممتلكاتها، خصوصًا في ظل الهجمات الإرهابية الشرسة التي تتعرض لها الداخلية، وفى المقابل، فإن نظام محاسبتهم على أي تقصير سيكون عسيرًا». ولفت إلى أن المشير السيسي سيطبق قانون التظاهر بشكل حاسم وصارم، ونفس الأمر بالنسبة لقانون الإرهاب، وهذا بالطبع سيلقى بأعباء جسام على الجهاز الشرطي، لذلك فإنه سيعمل على تحديث الأسلحة الموجودة لدى الداخلية حاليًا، مع إعداد برامج تدريبية مكثفة لرجال العمليات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب، وسيعتمد على الوحدات خفيفة الحركة سريعة الانتشار، والتي يمكنها الوصول إلى أي مكان في أقصر وقت ممكن. «أولوية للأمن الوطنى والسجون» وعن جهاز الأمن الوطني، قال اللواء حفظي: «يمثل هذا الجهاز العمود الفقرى لوزارة الداخلية، وتنبع أهميته الشديدة من كونه جهازا لجمع المعلومات عن العناصر التي تشكل خطرًا داهمًا على أمن البلاد، ورجل بخبرة المشير السيسي، وبتاريخه الطويل في العمل العسكري والمخابراتي، يدرك جيدًا أهمية هذا الجهاز، ومن ثم فإنه سيعمل على تطويره وتحديثه، وإمداده بالعناصر المتميزة من الضباط». وأعرب عن اعتقاده بأنه سيعتمد على جيل جديد من الشباب وأهل الخبرة، لزيادة فاعلية الجهاز وقدرته على مواجهة الأخطار التي تحيط بالوطن، كما أن الدولة ممثلة في وزارة الداخلية، ستحرص على تزويد الجهاز بكافة المعدات والوسائل التي تمكنه من أداء مهامه بسهولة ويسر». وشدد على أن الأمن الوطنى سينشط في عهد السيسي بصورة كبيرة، في ظل زيادة نشاط الجماعات الإرهابية والعناصر المتطرفة، وتغلغلها في الجامعات المختلفة، وكذلك في المصالح والهيئات الحكومية والنقابات كافة، ولكنه سيؤدى الدور المكلف به فقط، ولن يعود إلى ممارساته القمعية في العهود السابقة، والتي لن يقبل أحد سواء حاكما أو محكوما، بعودتها مرة أخرى بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو. اللواء محسن حفظى أشار إلى أن وزارة الداخلية، بدأت بالفعل في إعادة بناء جهاز الأمن الوطنى، وأعادت العديد من الإدارات المهمة التي أُلغيت أثناء حكم جماعة الإخوان، فضلا عن إعادة عدد كبير من الضباط ذوى الخبرة والكفاءة في التعامل مع ملفات التطرف والإرهاب والجماعات المنظمة التي تسعى إلى زعزعة الأمن الداخلى بالاشتراك مع عناصر من دول خارجية، ومع تولى السيسي الحكم سيكون الجهاز على أتم استعداد للقيام بمهامه على الوجه الأكمل. وانتقل اللواء حفظى للحديث عن قطاع آخر غاية في الأهمية بوزارة الداخلية، هو قطاع السجون، والذي تلقى ضربة قوية خلال أيام ثورة 25 يناير، عندما نجحت العناصر الإجرامية في اقتحام عددٍ كبيرٍ من السجون وتهريب النزلاء منها بعد قتل الكثير من الحراس، قائلا إن هذا القطاع سيحظى بأهمية خاصة في عهد المشير، وسيشهد تطورًا ملحوظًا في طرق وخطط التأمين وزيادة الحراسات على السجون المختلفة مع تطوير الأسلحة المستخدمة في عمليات التأمين والحراسة، إلى جانب تحديث المبانى والاعتماد على كاميرات مراقبة وأجهزة إنذار حديثة في هذا الشأن. وأشار إلى أن وزارة الداخلية تتكبد مبالغ باهظة لتأمين محاكمات قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، ورموز نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، سواء في تأمين قاعات المحاكمات، أو في عمليات نقل المتهمين إليها، وترشيدًا لهذه النفقات، فإنه من المتوقع أن يعطى المشير السيسي توجيهات، بإنشاء قاعات محاكمات داخل السجون المختلفة، ومن ثم لن تتكبد الداخلية أي مبالغ في تأمينها أو تأمين نقل المتهمين، وستوفر مجهود الضباط والقوات، ليتفرغوا لأعمالهم الأساسية في حفظ الأمن بالشارع المصرى وملاحقة المجرمين في كل مكان. وذكر أن وزير الدفاع السابق سيختار وزيرًا للداخلية، يتميز بالحكمة والصبر وحسن التدبير، ويكون صاحب رؤية واضحة في فرض السيطرة الأمنية بالشارع، دون التعرض لحياة المواطنين الخاصة، وهناك الكثير والكثير من الكفاءات في الداخلية قادرة على العمل في ظل حكم السيسي، وقادرة أيضًا على الارتقاء بالعمل الأمني بصفة عامة، ومن بين هؤلاء اللواء كمال الدالى مدير أمن الجيزة، واللواء أسامة الصغير مساعد الوزير لقطاع الأمن، واللواء خالد ثروت مساعد الوزير لقطاع الأمن الوطني. «الإصلاح يبدأ من الأقسام» بدوره، اتفق الخبير الأمني اللواء مجدى البسيوني، مساعد وزير الداخلية للأمن سابقًا، مع اللواء محسن حفظى في أن المشير السيسي وفور توليه الحكم سيسعى قدر جهده لرأب الصدع بين الشرطة والشعب، وتحفيز المواطنين على التعاون مع أجهزة الأمن، وفى ذات الوقت تفعيل قوانين محاسبة الضباط حال تعاملهم السيئ مع الشعب. وفى إطار ما سبق أيضًا، قال البسيوني: «سيبدأ السيسي أولى خطوات إصلاح وزارة الداخلية من أقسام ومراكز الشرطة في مختلف مناطق القاهرةوالمحافظات، وربما يتم إنشاء إدارات للعلاقات العامة والإعلام في كل قسم، تكون تابعة مباشرة لمديريات الأمن، ومهمة هذه الإدارات الأساسية، هي استقبال شكاوى المواطنين، من سوء معاملة الأفراد والضباط لهم، والتحقيق في تلك الشكاوى ورفع مذكرات بنتائج التحقيق إلى مديريات الأمن لاتخاذ إجراءات معاقبة المخالفين». وأضاف: «في المقابل، فإن وزارة الداخلية ستوفر كافة أشكال الدعم سواء المادى أو المعنوى لضباطها وأفرادها، مع توفير الغطاء القانونى لهم، حتى يؤدوا أعمالهم على الوجه الأكمل»، لافتًا إلى أن المشير السيسي، لن يقدم على إعادة هيكلة الشرطة أو وزارة الداخلية، فهو رجل عسكري يفهم جيدًا معنى الأمن القومي، ولن يقدم على تلك الخطوة التي ربما تصيب الداخلية بنكسة جديدة. «إدارات مدنية» وشدد على أن هناك بعض الإدارت يمكن إسناد إدارتها لهيئات مدنية، مع خضوعها للإشراف المباشر من وزارة الداخلية، مثل مصلحة جوازات السفر والهجرة، وبعض إدارات المرور، موضحًا أن رجل الشرطة في عهد السيسي، سيكون رجل أمن مهمته الأساسية تنفيذ القانون على الجميع، وكونه قادرا على العمل بكفاءة تامة في مختلف الظروف وتحت أي ضغط، ولن يتدخل في الحياة السياسية، أو الحياة الخاصة للمواطنين، ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال الدورات التدريبة المكثفة، أو فرض المزيد من قوانين محاسبة ضباط الشرطة، وتغليظ عقوبة المخطئين منهم. وعن وزير الداخلية في عهد السيسي، قال البسيوني: «أعتقد أن المشير عبد الفتاح، في حال وصوله إلى حكم البلاد، سيهتم كثيرًا بتعيين وزير داخلية يتمتع بمواصفات خاصة جدًا، أبرزها الكفاءة المهنية، والقدرة على العمل تحت الضغط وفى أصعب الظروف، ويتسم أيضًا بالعدل في معاملة رجاله من الضباط سواء فيما يتعلق بالرواتب، أو ظروف العمل، وألا يكون طاعنًا في السن»....