داخل سيارة الموتى كانت تجلس زوجته.. ومعهم جسد ابنه الوحيد.. والسيارة تسير في طريق مظلم لا نهاية لة وزوجته تبكى في صمت.. لأول مرة يشعر بأن الحياة لا قيمة لها وأنها مجرد سراب خادع... يستعيد لحظات السعادة مع الابن الذي أصبح الآن مجرد ذكرى.. ذات يوم قال له هذا الشاب الجميل: أبى عصفورى الجميل سيموت غدًا... رد عليه: كيف عرفت هذا ياولدى ؟؟؟ أجاب: لأنه لم يعد يغرد.. وفقد الكثير من حيويته... !! رد عليه: غدًا سأحضر له دواء البرد.. أجاب الابن في حزن: لا فائدة.. لا فائدة لأننى أشم رائحة الموت.. تعجب كثيرًا من عبارة رائحة الموت.. هل للموت رائحة ياولدى ؟؟؟. نعم للموت رائحة يا أبى أشمها بنفسى.. وبالفعل مات العصفور.. وبعد ثورة يناير أصبح يشم رائحة الموت في كل الشوارع والأزقة والحوارى.. شباب صغار السن يموتون برصاص طائش دون ذنب.. وفى الكثير من حالات القتل يفلت الجناة من العقاب. أفاق من ذكرياته على صوت زوجته وهى تصرخ في لوعة: ماذا فعلت يا محمد يا حبيبى ليقوم الجناة بقتلك.. أراد أن يواسيها وهى مريضة القلب ولكنه وجد نفسه يصرخ معها: رائحة الموت في كل شوارع المحروسة اغتال المجرمون أرواح أولادنا دون ذنب.. توقفت السيارة أمام المدافن.. كان الهدوء والسلام يحيط بالمكان.. لأول مرة يشعر بالسلام يغمر جسده..هنا سيرقد وحيدة في أمان بعيدًا عن الشر والكراهية والبغضاء... مسح دموعه وقرأ الفاتحة على روح الابن الغالى.. وخرج يحتضن زوجته، وقد اتخذها العكاز الوحيد في حياته الباقية.