يشعر كل مؤمن بالعروبة أنه يكتشف جزءًا جديدا منه كلما زار بلدا عربيا آخر وجلس وسط أهله.. وهذه المرة قمت بزيارة مملكة البحرين الشقيقة للمرة الأولى رغم أنني أمتلك بها كنوزا كثيرة هي عشرات الأصدقاء المقربين إلى قلبي وعلى رأسهم السفير الشيخ راشد بن عبد الرحمن آل خليفة سفير مملكة البحرين بالقاهرة، وغيره من الأصدقاء المخلصين الذين لا يتوقفون عن بذل الجهود لتحقيق مصالح مصر والبحرين وتقوية أواصر العلاقات الأخوية بينهما. الشيء المميز في هذا البلد هو شعبها الودود الذي تشعر بينه أنك وسط أهلك، بل الغريب أنني وجدت منهم كرما وترحيبا وحبا وإخلاصا أكثر من بعض زملائي المصريين العاملين هناك الذين كنت ألتقيهم يوميا قبل سفرهم للعمل في المملكة. هذه المملكة التي يطلق عليها البعض لقب "لؤلؤة الخليج" ليس لأنها غنية بالنفط والغاز كبقية بلدان الخليج العربي، ولكنها غنية ب"ناسها"، فرغم صغر مساحتها وعدد سكانها، إلا أنها تتميز بالتنوع الإنساني الفريد من أصحاب الديانات والمذاهب المختلفة، فالبحرين لا يعيش فيها فقط السنة والشيعة كما هي الصورة النمطية السائدة، بل يوجد بها أيضا كنائس عريقة؛ فالكنيسة الإنجيلية الوطنية في البحرين التي يرعاها القس المصري الأصل هاني عزيز هي أقدم الكنائس الموجودة بالخليج وبنيت قبل 100 عام تقريبًا، كما يوجد في البحرين معبد هندوسي عمره نحو 200 عام، ويوجد أيضا جالية يهودية عريقة في البحرين.. هذا التنوع الفريد لا يجعل البحرين فقط "لؤلؤة الخليج".. بل "لؤلؤة العرب" والعالم بامتياز. لكل هذه العوامل الثقافية والحضارية، كانت البحرين جديرة باستضافة المؤتمر العالمي حول "حوار الحضارات" بدعوة من ملك البحرين جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، هذا المؤتمر حضره نحو 200 شخصية يمثلون أصحاب الديانات والمعتقدات والثقافات والحضارات المختلفة وعلى رأسهم ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب.. وقد كانت نقاشات المؤتمر الذي عُقد على مدى ثلاثة أيام من 5-7 مايو الجاري بمثابة انتصار جديد للإنسانية في حربها ضد التطرف الفكري والإرهاب والتعصب والعنصرية.. ولم يغب عن اللجنة المنظمة للمؤتمر، التي يترأسها الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة ويساعده الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، أن تجعل من كلمة شيخ الأزهر جزءا أساسيا من توصيات المؤتمر ليخرج "إعلان البحرين" بمثابة إجماع عالمي على دعوة شيخ الأزهر لإحياء الحوار بين الأديان والمذاهب وإنهاء الاستغلال السياسي للدين ومحاربة خطابات الكراهية والعنف، ليكون هذا "الإعلان" سندًا لمصر في حربها على التطرف والإرهاب في شقهما الثقافي والفكري، ودعمًا بحرينيًا جديدًا ومتجددًا لشقيقتها الكبرى مصر، ودلالة على روح التسامح والتعايش الإنساني السائدة في مملكة البحرين رغم كل محاولات قوى الشر الإقليمية والدولية لتشويه تلك الصورة المشرقة. [email protected]