شاء من شاء وأبى من أبى، واقع مرير فى دولة فيها الإنسان لا ينعم بأمان أو إحسان أو حتى أحلام تستيقظ فى دولة النسيان على أوهام تصطدم بواقع ملىء بالتحديات تحتاج لوضوح الرؤية وتحديد الأهداف، فلو نظرنا إلى جميع التجارب العالمية والإقليمية للنهضة بالأمم نجد أن أساس النهضة هو صناعة الفرد والاهتمام بالإنسان والنهوض بالعنصر البشرى هو الاستثمار الأنجح والأصح بجانب الإصلاح ورفع كفاءة المؤسسات فى هذه الدول ولكن بنسب تتماشى مع الأهداف المنشودة. بالتأكيد يجب أن تكون النسبة الأكبر فى أى خطة أو مشروع للنهوض بالأمم هى للإنسان، دون إهمال المؤسسات والهيئات المكونة للدولة ولأن الإنسان هو الأساس والعماد القوى التى تبنى عليه الأمم وهو من يدير ويحافظ على قوة وتطوير هذه المؤسسات ولأن بكل بساطة المؤسسات تصنع لخدمة الإنسان وليس العكس، ما يخلق نهضة سريعة وقفزة عملاقة تتحول بعدها من التأخر والتخلف والدمار إلى التقدم والازدهار وأصبحت بعض الدول ممن طبقوا التجربة تملك علامتها المميزة فى الصناعة والاقتصاد والفنون والثقافة وحتى السياسة وتنبهر فيها بقيمة الإنسان. ونرى فى ذات الوقت محاولات من بعض الدول للنهوض ولكن بطريقة أخرى باعتمادها على قدرتها المادية الناتجة من امتلاكها لموارد طبيعية وتوجيه ذلك إلى قوة اقتصادية تعتمد على استثمار أموالها مباشرة فى مؤسساتها، ما يخلق نهضة بطيئة أسميها "رغد فى العيش". فى محاولة النهوض بمؤسسات هذه الدول بنسبة أكبر تشعر الإنسان بتغيير حياتى مرهون وعدم التركيز بالصورة المطلوبة على النهضة بالإنسان، ما يخلق نهضة شاملة بطيئة قد يراها البعض سريعة ولكنها ليست كبيرة على مستوى الفرد الذى يمثل الأساس والأمان فى نهضة بشرية مستمرة وقوية واستخدام البعض مبدأ "بفلوسى"، ليجد لنفسه قوة أو ليصنع نهضة ويغفل عنى معنى ومبدأ مهم وهو "صناعة الإنسان" ولطبيعة الحياة السياسية ومدى استقرارها عامل مهم ومؤثر فى كلتا التجربتين. هذان حلمان استيقظت بعدهما لأنظر لواقعى أجد أنى إذا نظرت فى مؤسساتى أجدها قديمة عريقة أصابها الوهن والخلل تحتاج لإصلاح وترميم وبعضها يحتاج إلى إعادة بناء وبعضها يحتاج إلى إعادة توجيه ولكن أحمد الله أنها مازالت موجودة وأرى أيضا الإنسان المصرى الذى يملك الكثير والذى مازال يبدع وينتج أكيد بنسب مختلفة لا ترقى أحيانا لما نرجو ولكنه موجود ويصنع الفارق دائما فى مختلف الظروف من الأكيد أنه لا يجد اهتماما عقليا أو روحيا أو بدنيا بالدرجة التى تساعده على الإبداع والتغيير ولكنه يحارب، فهى طبيعة المصرى الفريدة وأيضا أصاب بذهول من رؤية ما تمتلكها بلدى العزيز من موارد طبيعية وموقع جغرافى الأفضل فى العالم وحضارة تركت إرثا ثمينا ثقافيا وماديا ومساحة شاسعة تصلح للاستثمار فى مجالات مختلفة زراعية وصناعية وسياحية ونيلا عظيم نعمة من الله نشأت حوله حضارات عظيمة. ويكفى البعض عنصرا واحدا مما ذكرت لتقوم عليه دول وحضارات، فأفكر غاضبا مستنكرا ومتمردا على وضعنا فقد أوتينا من فضل الله كل شىء أوتينا الإنسان والمورد والمكان فلا نحن نستثمر فى الإنسان لنصنع نهضة تقفز بنا إلى موقعنا الطبيعى بين الأمم أو حتى أضعف الإيمان فى المكان أو الموارد حتى نشعر برغد العيش حتى لو لفترة، ولا نملك رؤية أو خطة واضحة نعمل ونتوحد من خلالها لنرمم وطن أصابه الكثير وخرب فيه أهله قبل أعدائه وفقد فيه أهله إنسانيتهم وما زالو.. يا ولاة الأمر اتقوا الله فى أنفسكم وفى وطنكم، اعملوا فسيرى الله عملكم، انهضوا بالإنسان لا تجعلوا من النهضة طائرا نراه.. ولا نلمسه ولكن اجعلوا منه واقعاً نشعر به. وحدة الصف مسئوليتكم وليست مسئولية من تصارعون لأنى لا أنتمى لكم أو لمن تصارعون يا ولاة أمر المصريين لا أملك لكم إلا العمل والدعاء والنقد والمعارضة البناءة. لأن مصر ليست أنتم.. وليست من تصارعون.. مصر وطن بكم وبمن تصارعون وبكثير ممن لا ينتمون إلا لوطن.. هو مصر.. فاجعلوه غايتكم .. وليوفق الله من يريد خيرا للعباد وللبلاد.