عادت الشرطة العسكرية مرة أخرى إلى التعامل ب«غشومية» مع المواطنين والمعتصمين السلميين. ما حدث فى فض اعتصام مجلس الوزراء بالقوة.. وتلك الطريقة الهمجية، يذكرنا بما فعلته قوات الشرطة العسكرية نفسها، المساندة لقوات أمن الداخلية، فى ما جرى من أحداث ميدان التحرير يوم 19 نوفمبر الماضى، عندما فضوا مصابى الثورة المعتصمين فى الميدان.. وتم الضرب بعنف وغشومية وهمجية للمواطنين العزّل.. ووصل الأمر إلى القتل.. وجر الجثة إلى صندوق القمامة.. وهو المشهد الإجرامى الذى لن يمحى من ذاكرة المصريين، بل والإنسانية جميعا. لكن لم تتم محاسبة أحد على هذه الأفعال الإجرامية، التى استمرت بعد ذلك عبر شارع محمد محمود، وفى ميدان التحرير، بعد أن أثّر هذا الحدث على الناس، فنزلوا بمئات الآلاف، ليعود الميدان إلى موجة جديدة من الثورة. ومع هذا استمر التعامل الهمجى من قوات الجيش والشرطة «فقد أصبحوا يدا واحدة ضد الشعب والثوار»، فأطلقوا الرصاص المطاطى والخرطوش والحى، والقنابل المسيلة للدموع، بل وصل الأمر إلى تحويلها إلى حرب كيماوية، من نشر غازات سامة ومحرمة دوليا، عبر شارع محمد محمود وميدان التحرير والشوارع المجاورة. ومع هذا استمر المتظاهرون الثوار فى مطالبهم العادلة، باسترداد حقهم الذى سطا عليه المجلس العسكرى وجنرالاته المعاشات فى حكومة إنقاذ وطنى يرأسها من شارك فى الثورة.. والإسراع فى نقل السلطة مدنيا، وإنجاز حق أسر شهداء الثورة ومصابيها من الرعاية، بعد أن أصبحوا ملفا مهملا، سواء من المجلس العسكرى الذى زايد على هؤلاء الشهداء والمصابين فى حقوقهم ولم يفعل شيئا، أو الحكومة التى وعدت فخالفت وتخلفت عن فعل أى شىء.. ويسقط شهداء جدد فى شارع محمد محمود على يد قوات الشرطة، تحت رعاية الشرطة العسكرية وقوات الجيش التى كانت تدير وزارة الداخلية بالكامل.. ويزداد عدم الثقة بين الثوار والجيش، الذى يحكم البلاد الآن مستنسخا الكثير من نظام مبارك، عبر جنرالاته المعاشات، بعد أن كان يزعم أنه يدير البلاد. .. ويعاند جنرالات المجلس العسكرى -كما كان يعاند مبارك- فى اختيار رئيس الوزراء حكومة الإنقاذ -الذى تبين فى ما بعد أنها لا إنقاذ أو غيره، وإنما مثل سابقتها ومثل حكومات نظام مبارك- فأتوا من المخزن القديم بالدكتور الجنزورى، وفرض عليه وزراء جنرالات ووزراء من عصر مبارك المخلوع. وأمام عناد المجلس العسكرى، الذى يبدو أنه وصل إلى اتفاقات مع قوى سياسية غير ثورية ومحافظة مثله تماما، للقضاء على الثورة والشرعية الثورية، وشرعية الميدان.. مقابل انتخابات أولا وبرلمان بتلك القوى من خلال إدارة انتخابات شكلها حر، لكنها غير نزيهة وغير ديمقراطية ودون أى قواعد أو أصول ديمقراطية متعارف عليها.. وربما يكون فى الاتفاق الخروج الآن لجنرالات المجلس العسكرى المعاشات.. وربما تكون لهم الرئاسة. وأمام هذا أصر الثوار على الاعتصام ونقله إلى مجلس الوزراء، احتجاجا واعتراضا على إهمال مطالبهم الخاصة بحكومة الإنقاذ.. ومنع الجنزورى ووزرائه من دخول مجلس الوزراء. .. ولأن السادة الجنرالات فى المجلس العسكرى ليست لهم علاقة بالديمقراطية، ومعهم الجنزورى «وهو رجل سلطوى، ووزير داخليته صاحب فضيحة مذبحة فض اعتصام اللاجئين السودانيين بميدان مصطفى محمود»، ولا تنسوا اللواء حمدى بدين وقيادته الفشل العظيم فى أحداث ماسبيرو وأحداث 19 نوفمبر فى التحرير وشارع محمد محمود. واستعانوا جميعا «المجلس العسكرى ورئيس الحكومة وشرطة اللواء حمدى بدين»، بخبرات اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، لفض اعتصام الثوار السلميين أمام مجلس الوزراء على طريقة فض اعتصام اللاجئين السودانيين بميدان مصطفى محمود عام 2005. ملاحظة: اللواء محمد إبراهيم من اختيار المجلس العسكرى، كوزير للداخلية فى حكومة الجنزورى. بالطبع، فعلوا ذلك من قبل فى فض اعتصامات ولم يحاسبهم أحد.. أسقطوا شهداء فى ماسبيرو وفى محمد محمود ولم تتم محاسبتهم.. سيكررون ذلك. ولعلهم بفعلهم ذلك يفضحون أنفسهم بأنهم الذين كانوا وراء العمل الإجرامى بإدخال «الحواوشى» المسموم، للتخلص من المعتصمين بالتسمم. ولمّا أنقذ الله المعتصمين من التسمم.. لم يكن عندهم حل سوى العمل الهمجى بفض الاعتصام بتلك الطريقة المفضوحة. يا أيها الذين فى المجلس العسكرى: اللى اختشوا ماتوا.