مقالات الثورة وميدان التحرير ” 39 ” لاحظت في المقابلات الختامية للجنزوري رئيس وزراء شارع السفاح ” محمد محمود” والمستدعى من مخازن مومياوات الدكتاتور ” مبارك “والقادم من بحار الدم وسحب الغاز المحرم دوليا في نوفمبر 2011 أن غالبية من استقبلهم ممن أصبحوا وزراءه في خدمة مجلس الجنرالات الأعلى يجلسون في حضوره على نصف المقعد الأمامي ، و قد أحنوا الظهور والرؤوس. قلت لنفسي وأنا أتابع المشهد المتكرر في التليفزيون :” اللهم أجعله خير .. هكذا كان يجلس الجنزوري نفسه في حضرة مبارك “. في علوم السياسة والاجتماع الحديثة هناك اعتبار ل ” لغة الجسد” و ل ” كيمياء الأشخاص “. وهؤلاء الوزراء الجالسون على نصف المقعد أمام رئيسهم مطأطئي الرؤوس والأعناق لا يخيبون معاني هذه اللغة ولن يخيبونها . وكيف لا وثلثهم على الأقل خدم في معية حكومة “شرف ” الملطخة بعار دماء المصريين من يونيو” البالون ” و يوليو ” العباسية ” وأغسطس “فض اعتصام الميدان” و أكتوبر ” ماسبيرو ” و نوفمبر ” التحرير ومحمد محمود”. والليلة الماضية شاهدت على إحدى الفضائيات المصرية الخاصة حوارا مع ” الجنرال العيسوي ” وزير داخلية كل هذه المذابح وغيرها .و والله ظننت أن الرجل ” مبرشم ” تعاطي حبوب الهلوسة السياسية قبل أن يخرج على الهواء ، أو أنه يتحدث إلى جمهور يتعاطى هذه الحبوب . فالرجل مطمئن تماما إلى أن أحدا لن يحاسبه .بالطبع لاهو ولا شقيقه في الروح والتعذيب والدم والغاز والرصاص ” الجنرال حمدي بدين ” قائد الشرطة العسكرية . والرجل وهو وجمهوره في هذه الحال من التبلد والانبساط يدعى أن قواته لم تطلق رصاصة أو “خرطوشة” واحدة على المتظاهرين ، و لم تلق بعبوة غاز واحدة في ميدان التحرير . أما عشرات الشهداء وآلاف والجرحى و المصابين فقد تفضل سيادته وأنكرهم للوهلة الأولى . ولما أعترف بوجدهم أنكر أي صلة في قتلهم وجرحهم بقواته ،وبالطبع قوات الشرطة العسكرية المحرم ذكرها في هذه القناة الفضائية. والرجل ونحن جميعا في هذه الحال من ” البرشمة” قال بأن “طرفا ما لا يعرفه ” ولن يعرفه مطلقا ضرب قواته بقنابل الغاز.وعندما سئل عن الشهداء من الثوار قال أنه أطلع على كافة تقارير الطب الشرعي وهي تنفي ذلك مطلقا.لكنه عندما عاد واعترف بأن بينهم مصابين بالرصاص الحي ، قال مرة أنهم ستة.. ومرة أخرى أنهم سبعة .. ومرة ثالثة أنهم ثمانية . الفاصل الفكاهي للجنرال ” العيسوي” يؤكد أن لا شيء تغير، خصوصا أنه جاء بعد دقائق من مسرحية حلف يمين الطاعة والولاء والاعتقال والتعذيب والدم والغاز والرصاص من حكومة ” المومياوات” لخادم نظام “مبارك ” ومعاونه ،فمعاون مجلس جنرالاته الأعلى ” الجنزوري كامل الأوصاف والصلاحيات”.فالمواطن المصري بلا قيمة وبلا ثمن وبلا اعتبار.ولذا فإن ما يجرى يبشر بالمزيد من المجازر.وانتبهوا لكيف سيحالون فض اعتصام شارع ” مجلس الشعب ” أمام مقر مجلس الوزراء كي يدخل إليه ” الملا الجنزوري “على دبابة ملطخة بدماء نوفمبر 2011 ومعه السادة وزراء النصف مقعد.وقد بدأ التمهيد في إعلام الاستبداد والفساد ومعه المزيد من خيانة قطاعات مهترئة من النخبة قبلت على النفس لو تبقى للنفس كرامة المشاركة في مجلس “طراطير”استشاري وفي خدمة ” الأعلى “.لكن من قال بأن الثورة تلفظ أنفاسها.أو أن الناس تعبت.والأيام بيننا. كارم يحيى صحفي بالأهرام 8 ديسمبر 2011