إذا كان التمرد والعصيان الليبرالي قد حمل لنا بذور الربيع العربي، فقد جاء السقوط العربي بحصاد وفير للإسلام السياسي. في تقرير بمجلة ال«تايم» الأمريكية، تحدث الكاتب السياسي بوبي جوش عن أسباب عدة جعلت الإسلاميين من وجهة نظره أفضل من الليبراليين وفقاً لأدائهم في الانتخابت الأخيرة بتونس ومصر وغيرها من بلاد الربيع العربي. تساءل الكاتب عن أسباب الضعف الشديد لأداء الليبراليين قادة ثورة الربيع العربي في الانتخابات الأخيرة متحدثاً عن المبررات التي سمعها من الليبراليين الشاعرين بخيبة أمل والتي لم تختلف كثيراً عن تلك التي سمعها من قبل في تونس من حيث الشكوى من ضيق الوقت المتاح للتحضير للانتخابات في مقابل تنظيم الإخوان المسلمين ذو الخبرة السياسية الممتدة لنحو 80 عاماً. إضافة للحديث عن التمويل الذي يحصل عليه الإسلاميون من السعودية وقطر وسخط المجلس العسكري من الليبراليين لقيامهم بإسقاط قائدهم القديم مبارك ورغبتهم في تثبيت التصويت لصالح الإسلاميين واستخدام الدين في الدعاية الإنتخابية للإسلاميين. هذه المبررات وإن كانت مقبولة، فإنها غير كافية من وجهة نظر الكاتب، فالسلفيين بدأو تنظيمهم السياسي منذ 10 أشهر فقط وقاموا بأدءا جيد في الانتخابات، والقول بأن الناخبين قد تم خداعهم من قبل الإسلاميين يعطي انطباعاً بأن غالبية الناخبين هم من الحمقى السذج ما يشير لموقف الليبراليين ورؤيتهم للناخبين وهو ما يحمل في طياته أسباب الأداء السيء لليبراليين في الانتخابات. يستطرد الكاتب قائلاً: «لقد فهم الإسلاميون الديمقراطية أفضل من الليبراليين.. فقد كان حزب النهضة في تونس والحرية والعدالة بمصر أكثر تنظيماً وذكاءاً بأن قاموا بعقد تحالفات مع أحزاب علمانية يسارية في وقت مبكر للتصدي للاتهامات التي وجهت إليهم بالرغبة في إقامة دولة دينية على النمط الإيراني في شمال إفريقيا كما أنهم أعلنوا عدم خوض الإنتخابات الرئاسية في بلادهم.» أضافة لذلك، إستفاد الإسلاميين مثل غيرهم من الساسة من سنوات قدموا خلالها خدمات صحية واجتماعية بالأحياء الفقيرة كما استغلوا فكرة التدين في طمئنة الناخبين بأنهم سيقدمون حكومة نظيفة آخذين في الاعتبار ضيق المواطنين من سنوات طويلة من الفساد. الآن وقد أثبت الإسلامين فوزاً بارعاً في الانتخابات، هل يثبتون أنهم ديمقراطيين جيدين؟ هناك أسباب عدة وضعها الكاتب تعطي الأمل في ذلك من حيث محاولة حزب النهضة والحرية والعدالة ضم ليبراليين تحت لواءهم. وفيما يتعلق بالليبراليين وقد أثبتوا فقراً في نشاطهم السياسي، فان قواعد اللعبة تقضي بأن يحاولوا القيام بدور في مقاعد المعارضة بالبرلمان بدلاً من تقويض الانتخابات بالنزول الى الشارع كما أن عليهم الاستعداد للانتخابات القادمة فلازال أمامهم الوقت ليحسنوا من ادائهم الديمقراطي كما فعل الإسلاميين.