لم تكن الجلسة الثانية من محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك أقل تأثيرا على الصحف العالمية من وقائع الجلسة الأولى التى شاهدها العالم عن كثب، ففى الولاياتالمتحدة شغلت جلسات المحاكمة بقاضيها، ومحاميها، وقفص الاتهام، صفحات الجرائد، خصوصا أن كل جلسة تحمل معها مشاهدها ووقائعها المختلفة. بعد قرار المستشار أحمد رفعت، رئيس محكمة جنايات القاهرة التى تحاكم مبارك ورموز نظامه السابق، نشرت مجلة «تايم» تقريرا تحت عنوان «لعنة محاكمة مبارك: وباء المحامون» لترصد فيه حالة الفوضى التى خلقها محامو الادعاء بالحق المدنى، التى دفعت رفعت -فى ما يبدو- إلى وقف بث المحاكمة للتقليل من «دراما المحاكمة». غير أن «تايم» ألقت الضوء على مشهد جمال وعلاء مبارك داخل القفص، وهما يلوحان بأيديهما مبتسمين فى نهاية المحاكمة، والبعض يقول إن جمال أشار بعلامة النصر، هو وأخوه اللذان حاولا دوما إخفاء أبيهما الراقد عن عدسة الكاميرا. «تايم» تحدثت أيضا إلى وليد قزيها، أستاذ العلوم السياسية فى الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، الذى يرى أن المجلس العسكرى كأنما يخاطب الناس قائلا: «لقد طالبتم بمحاكمة علنية، وأعطيناها لكم، ويجب أن تكونوا راضين بها»، ويتوقع قزيها أن ينتقد الشعب المصرى القرار، وأن مصر تحتاج ثورة أخرى لإسقاط النظام تماما، فبينما يحاكم آلاف المدنيين عسكريا ويتلقون عقوبات صارمة، يُعامل رموز النظام السابق «بكل رقة». أما صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» فلم تبتعد كثيرا عن المجلس العسكرى، الذى تزعم أن مشاهد المحاكمة «أصابته بالتوتر»، فبعدما رضخ للضغط الشعبى لبث المحاكمة علانية «نفر من إذلال قائد القوات الجوية السابق»، وهذا المأزق أصبح أكثر حساسية، حسب الجريدة، بعدما طلب المحامون شهادة المشير حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة حاليا، فحضور طنطاوى المحكمة يزداد بعدا عن التطبيق الواقعى فى وجود كاميرات التليفزيون. لكن إخراج الكاميرات من قاعة المحكمة لن يمنع «تسييسها»، لأنها كذلك بالفعل، حسب رأى لآمى ديفيدسون فى مجلة «نيو يوركر» التى تقارن الأمر بتصوير محاكمات نيورمبرج الشهيرة عقب الحرب العالمية الثانية على اختلاف ظروفها، لكن هذا التسجيل كان متاحا للمؤرخين، وكانت تذاع أجزاء منه على الشعب، وتعلق أنه إذا منعت محاكمة مبارك عن الكاميرات منذ البداية، لما رأى الجميع مشهد مبارك داخل القفص الذى كان له عديد من الدلالات والمعانى، ومع منع البث الآن هناك الكثير الذى يمكن أن يفوت المصريين والعالم فى ظل «اختبار الشفافية فى عهد ما بعد مبارك». وبينما يريد الثوار شفافية كاملة للمحاكمة، يتوقع بعض المحامين أن قرار رفعت سيحد من تصرفات المحامين الذين أراد عدد منهم خطف أضواء كاميرات التليفزيون.