عقد ندوة بعنوان "سرّ التحوّل" بجامعة الفيوم    لمتابعة جودة التشغيل واستعدادات الشتاء.. "وزير الكهرباء" يجري جولة تفقدية مفاجئة بشبكات أنشاص    إحالة المتهم بقتل مهندس الإسكندرية إلى مستشفى العباسية للتأكد من سلامة قواه العقلية    ياسمين عبد العزيز تبدأ تصوير أولي مشاهدها خلي بالك من نفسك    سعر الذهب اليوم الأحد 23 نوفمبر 2025.. عيار 24 بدون مصنعية يسجل 6211 جنيها    إنشاء محطة لتموين قاطرات قناة السويس بالغاز الطبيعي المسال    أوكرانيا تطلب ضمانات .. وروسيا تواصل الهجمات    متحدثة الحكومة الإسرائيلية: غزة ستكون منزوعة السلاح.. ولن يكون لحماس مستقبل فيها    غارة إسرائيلية تستهدف شخصية بارزة في حزب الله وتوتر في الضاحية    "القاهرة الإخبارية": الغارة الإسرائيلية ببيروت أسفرت عن عدد كبير من الضحايا شهداء ومصابين    غيابات بالجملة تضرب المصري قبل مواجهة كايزر تشيفز في الكونفيدرالية    تشكيل الجونة الرسمي لمواجهة الاتحاد السكندري في الدوري المصري    رئيس جامعة أسيوط يهنئ طلاب ذوي الهمم لحصولهم على 22 ميدالية    البابا تواضروس: نعمل معًا من أجل تمجيد اسم المسيح.. والكنيسة تختتم احتفالات 17 قرنًا على مجمع نيقية    تفاصيل صادمة بواقعة اعتداء طالب على زميله في كفر شكر    هل سيتم منع التوكتوك؟ .. سؤال يثير الجدل بعد طرح السيارات الجديدة    مركز المناخ بالزراعة يحذر من أمطار تصل لحد السيول يومي الأحد والاثنين    تأجيل محاكمة 80 متهم ب " خلية الأسر التربوية " التابعة لجماعة الأخوان الإرهابيية    الإفتاء تكرم المفتين السابقين وأسر الراحلين في احتفالها بمرور 130 عامًا على إنشائها    قصر السينما يشهد انطلاق الدورة السابعة من ملتقى "أفلام المحاولة" الليلة    مصر وقطر تبحثان تعزيز التعاون المشترك في المجالات الصحية    وكيل صحة سوهاج يكلّف لجنة مشتركة من الطب العلاجي بالمرور على مستشفى طما    الشروط والمستندات.. وظائف مشروع الضبعة النووي برواتب تصل ل45 ألف جنيه    نقابة الإعلاميين توقع بروتوكول تعاون مع مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي    أغنية إيطالية عن "توت عنخ آمون" تشعل المنصات وتعيد وهج الحضارة المصرية للعالم    الفنانة التونسية عفاف بن محمود تحتفي بجائزة أحسن ممثلة بمهرجان القاهرة.. ماذا قالت؟    إبراهيم بن جبرين: برنامج شركاء الأندية بكأس الرياضات الإلكترونية حقق نموا حقيقيا لنادي تويستد مايندز    تعرف على غيابات الزمالك في مواجهة زيسكو الزامبي بالكونفدرالية الليلة    وزارة الصحة: لقاح الأنفلونزا هام لكبار السن لحمايتهم من العدوى    قصف إسرائيلي يستهدف سيارة في عيتا الشعب جنوبي لبنان    تحصين 94,406 رأس ماشية عبر 1,288 فرقة بيطرية خلال 4 أسابيع بأسيوط    تزايد القلق داخل ليفربول بعد السقوط أمام نوتنجهام فورست بثلاثية نظيفة    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    مواعيد الاجازات.. بالرابط تفاصيل التقييمات الأسبوعية للمرحلة الابتدائية لتعزيز مهارة الطلاب    وزير الخارجية يبحث مع رئيس وزراء قطر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    ازدحام غير مسبوق للشاحنات الإنسانية عند معبر رفح وسط استمرار الأزمة بغزة    ترامب يستعرض قوته وتايلور جرين تظهر ضعفه.. خلاف يفجر أزمة فى الحزب الجمهورى    محافظ الشرقية: المرأة شريك أساسي في بناء الوطن وحماية المجتمع    جامعة بني سويف ال 8 محليا و 130 عالميا في تصنيف تايمز للعلوم البينية 2025    «التموين» تنتهي من صرف مقررات نوفمبر بنسبة 94%    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    مواجهات مثيرة.. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    نصر: قيمة رعاية الزمالك لا تصل للربع بالنسبة للأهلي    مقتل سائق توك توك على يد عاطل بشبرا الخيمة.. تدخل وفض مشاجرة بين شقيقه والمتهم    سعر كيلو الفراخ بالقليوبية الأحد 23/ 11 /2025.. البيضاء ب60 جنيها    مصطفى كامل: محدش عالج الموسيقيين من جيبه والنقابة كانت منهوبة    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    مركز المناخ يتوقع تقلبات جوية قوية يومى الإثنين والثلاثاء.. وسيول محتملة    «سويلم» يتابع منظومة الري والصرف بالفيوم.. ويوجه بإعداد خطة صيانة    أنواع الطعون على انتخابات النواب.. أستاذ قانون يوضح    وزارة الصحة: معظم حالات البرد والأنفلونزا ناتجة عن عدوى فيروسية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللعنة على من قال: الشباب خرب البلد!!
نشر في التحرير يوم 11 - 12 - 2011

اصطدمت أذنى، منذ أيام، بجملة قالها أحد الرجال -مع تحفظى على وصفه بالرجال- عندما كان يجلس بين «شلة» النادى يلعبون عشرة الطاولة، وهو يقول لهم بمنتهى الثقة والجبروت: «والله ما خرب البلد دى ووداها فى داهية غير شبابها»!!
للحظة قلت فى نفسى: «يا نهار اسود».. عن أى شباب يتحدث ذلك الشخص، ماذا يعرف هو عن الشباب؟ وما البلد الذى كان فى قمة «انصلاح» أوضاعه، والشباب بعيدون عن خريطته وخريطة قيادته لهم؟
عمن تتحدث أيها الرجل؟ هل تتحدث عن الجيل الذى خيّب آمال أجيال؟ هل تتحدث عن بلد بمنطق الإحصائيات والأرقام، أغلب مواطنيه من الشباب، لكن قلب ورئة وأجهزة هذا البلد جاوز العمر الافتراضى، لأن أمثالك يتمنون أن يظل هذا البلد يعيش فى حجرة الأنعاش، ولكن هذا ما لن يحدث، فالذين ماتوا وفقدوا عيونهم وبصرهم وقويت بصائرهم وإرادتهم، من فقد رزقه ولقمة عيشه، من ناضل وضُرب واعتقل وحُبس فى محاكم عسكرية يقودها ويباركها جماعة «فوق السبعين».. هل البلد سينهض بهؤلاء أيها «الرجل»، الذى تتبرأ من شباب مصر الذين منهم من قتل فى سبيل أن تعيش أنت، وأمثالك للأسف، وعائلاتكم وأحفادكم فى وطن حر شاب يقظ واع وناضج يقدر معنى الحرية لا العبودية؟
لم تستغرق هذه الأفكار فى عقلى كثيرا، وترفعت عنها لأننى أعرف، بل وأراهن، على شباب هذا البلد، والنماذج كثيرة وجلية، لن أتحدث عن أبطال الميادين والثورة.. الشباب الأبطال الذى صنع من أجساده حوائط صد ودفاع عنا جميعا، ومن ينكر هذا فلا يستحق «حياة الأحرار التى يناضلون من أجلها ويعلموننا كيف تكون (العيشة الحرة)».
لكن نماذج الشباب الذين يمنحوننى أنا وملايين مثلى الأمل والرهان على هذا الوطن كثيرة ومبهرة كل يعمل بطاقته ووفق أفكاره وأدواته، لكنه يعمل بحق، هم مجموعة من الأطباء الرائعين الشباب الذين كونوا جمعية أهلية باسم EMSA أو دارسى العلوم الصحية، وقد أقاموا مشروعات رائعة منذ سنوات مثل «عشاء فى الظلام»، وهى تجربة إنسانية فريدة لمشاركة فاقدى البصر من الأطفال أبسط تفاصيل حياتهم اليومية، وهى أن نتناول جميعنا -مبصرين ومكفوفين- العشاء فى الظلام الحالك، ومن يقوم بخدمتنا جميعا على المائدة شاب رائع اسمه عباس، «وهو محاسب كفيف» متطوع فى هذه التجربة ليذهلنا بأدائه وثقته وكفاءة الخدمة، كانت تجربة محرضة على فكرة أننا نعيش بجهل التجربة والخبرة، ننسى أن نضع أنفسنا فى مكان الآخرين، لا نعى بقدرات الآخرين وملكاتهم وقدراتهم، كنت خلال الأعوام السابقة قد شاهدت خيرة شباب أطباء مصر ومستقبلها القائمين على هذه الجمعية، وفاجأتنى رؤيتهم وثقتهم بأنهم قادرون على التغيير الإيجابى، هم يفكرون ويعملون وينفذون دون تهليل أو استعراض.
فاجؤونى منذ أسابيع قليلة بمشروعهم الجديد «احمى طفلك»، وبحملتهم الرائعة للقضاء على الالتهاب الرئوى، والمفاجأة الكبرى أن هذا المرض القاتل يموت بسببه مئات الألوف من الأطفال فى العالم، ويعد المرض الأول والأخطر والمنسى فى المجال الصحى، فهو يفتك بالأطفال تحت سن 5 سنوات، وهو ما لا يسببه مرض مثل السرطان، ومع ذلك فإن حجم الاهتمام به غير كبير، نظرا لارتفاع ثمن المصل والتطعيم الواقى منه.
فكر هؤلاء الأطباء الشباب، وعددهم 400 متطوع، من كليات الطب بمختلف محافظات مصر، فى بداية المشروع بعمل حملة لتوعية الأهالى بخطورة هذا المرض، وبالفعل بدأ التنفيذ بدعم معنوى وفكرى وطبى من الأستاذ الدكتور أحمد الشيمى أستاذ طب الأطفال بجامعة عين شمس والمشرف على هذا المشروع، وبالفعل بدأ التنفيذ على نطاق كل المستشفيات الجامعية فى مصر، وتم وضع خطة شديدة الذكاء والإبداع والابتكار، وهى التوعية عن طريق مسابقة لأهالى الأطفال، بحيث يجيبون عن بعض الأسئلة البديهية، التى من خلالها تصل المعلومة كاملة إلى الآباء عن خطورة ذلك المرض وأهمية التطعيم والنظافة والوقاية، ومن ثم يحصل الطفل على قصة مرسومة فى كتاب بعنوان «منتصر ينتصر على الالتهاب الرئوى»، وهو عمل تم بالتنسيق مع بعض من الطلاب الفنانين الشباب بكلية فنون جميلة، ويحصل الطفل أيضا على علبة ألوان. يفهم معنى المرض بشكل مبسط وربما تكون المرة الأولى فى حياته التى يحصل فيها على فرصة للتلوين.
نتحدث عن 400 طبيب شاب، ظلوا لمدة أسبوع فى محافظات مصر ينشرون فكرة بسيطة تهدف إلى القضاء على مرض الالتهاب الرئوى نهائيا، خلال خمسة أعوام، بجهودهم الذاتية، محاولين تطويرها ونقلها إلى حيز التنفيذ من خلال توفير آلاف من جرعات التطعيم لهذا المرض، يستفيد منها الأطفال الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، نتيجة إصابتهم بأمراض مزمنة.
نتحدث عن شباب يملك الرؤية والهدف والطريق، ويعرف ماذا يريد، وكيف يتحقق، لا ينتظر أن يقيّمه الآخرون. إذن كانوا هم الشباب فى بناء البلد أو خرابها، هم ينجزون ويتحدون.
كنت وما زلت منبهرة بكل كلمة قالها لى طبيب الامتياز الرائع «واحد من الذين يُفرحون قلب مصر والمصريين» د.محمد زعزوع، الذى ظل يتحدث عن مشروعه بمنتهى الوضوح والثقة والإصرار: هدفنا أن ننزل إلى الحضانات والمدارس فى كل أحياء مصر وقراها ونجوعها.. فصحة الأطفال مشروع قومى لا بد أن ننتبه إليه، ونضعه على قائمة أولوياتنا، لا بد من توحيد الصفوف، أطباء، ومستشفيات، ومراكز، وزارة صحة، وجمعيات أهلية، بالفعل بدأنا تجميع كثير من الجهات المهتمة، وأنشأنا ما يسمى «الائتلاف المصرى للقضاء على مرض الالتهاب الرئوى للأطفال»، وبكل فخر انضمت إلينا هيئة إنقاذ الطفولة، وهى واحدة من كبرى المنظمات الصحية العالمية، وخمس جمعيات أهلية أخرى.
درجة حماس الشباب الأطباء الذين شاهدتهم داخل مستشفى عين شمس الجامعى كنموذج للتطبيق، أكدت لى أن المستقبل أفضل بمثل هؤلاء الذين قال لى أحدهم، «إحنا فى الجمعية قبل الثورة، وبالفعل نقوم بمشروعات مهمة، غير واثقين مبمدى تأثيرها على المجتمع، أما الآن وبعد الثورة شعرنا أنه من المؤكد أن ما نفعله سيغير ويحدث فرقا...»
سألت د.زعزوع عن مدى مشاركة وزارة الصحة، فقال لى: أعتقد أن الوزارة لن تمانع فى دعم المشروع، لكن المشكلة أن عدم الاستقرار الوزارى لا يساعد فى إنجاز شكل هذا التعاون.
يقول د.محمد زعزوع: «المشوار طويل، لكن الأفكار تتحقق وتتحول إلى أرض التنفيذ والواقع، وكما استطعنا توعية 5 آلاف أسرة فى أسبوع، سنتمكن من إتمام هدف مشروعنا للنهاية...»
كما يقول هذا الشاب الرائع وأمثاله كثيرون «أطباء ومهندسين وجامعيين وطلابا وحرفيين ومن التراس، وعلى باب الله....» كل هؤلاء قالوا كلمتهم: «المهم البداية... «وها هم قد بدؤوا.. ولن يتراجعوا.. ونحن معهم!!
واللعنة على من قال إن الشباب خرب البلد.. وأكمل عشرة الطاولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.