درس فى التواضع أم أنه درس فى الصدق أم لعله درسان فى عبوة واحدة، أقصد فى عبارة واحدة.. هكذا رأيت الفنان الكبير جميل راتب وهو يعلنها فى المؤتمر الصحفى الذى أقيم فى مهرجان دبى، بمناسبة تكريمه، بأنه ليس نجما عالميا، وأن هذه الصفة لا تنطبق سوى على النجم العالمى عمر الشريف، الذى كان من نصيبه أن أسندت إليه عشرات من الأفلام العالمية قدمها كبطل، بينما جميل راتب كان يقدم أدوارا صغيرة على خريطة السينما العالمية! هل تابعتم ما الذى تنشره الصحافة العربية والمصرية أحيانا بحسن نية عن عدد من المشاركات المحدودة لبعض نجوم هذا الجيل فى أدوار صغيرة أو هامشية وأحيانا فى أفلام صغيرة، ورغم ذلك فإن حجم النشر يشعر القارئ بأنه بصدد حدث عالمى، وأن هذا النجم من حقه أن يقول لتوم كروز «قوم أقف وأنت بتكلمنى!». شىء مشترك سوف تجده مع نجوم الجيل السابق، وهو أنهم لا يبالغون فى تقدير أنفسهم، وبقدر ما يصالحون الزمن يصالحون الحقيقة، نعم أعلم أن هناك مثلا لعمر الشريف الكثير من الأخطاء والانفعالات وربما التجاوزات أيضا، وكثيرا ما أشرت إليها، ولكنى أتحدث عن حالة أخرى، وهى أن نرى الداخل ونحن نشاهد الخارج، أن يعبر الفنان بصدق عما حققه وعما أخفق فى تحقيقه.. العالمية وهى الحالة التى كثيرا ما رأينا نجومنا من الشباب يعلنونها لم تتحقق بعد.. خالد النبوى وخالد أبو النجا ومحمد كريم وعمرو واكد يشاركون فى أفلام عالمية أو أفلام أجنبية والفرق شاسع، فليس كل أجنبى بالضرورة عالميا. عمرو واكد وخالد أبو النجا هما الأكثر واقعية فى التعامل الصادق مع هذا التوصيف.. مثلا شارك عمرو واكد فى الفيلم الإيطالى «الغريب» الذى حصل به على جائزة أفضل ممثل فى العام الماضى من مهرجان القاهرة، ولم يصدر للناس أنه فيلم عالمى، ولا أنه فنان عالمى.. وجود خالد النبوى فى فيلمى «مملكة الجنة» و«لعبة عادلة»، وجاءت المتابعة الصحفية تؤكد أنه تمكن من غزو العالم، رغم أن الدورين صغيران، بل فى فيلم «مملكة الجنة» لريدلى سكوت كان للفنان السورى غسان مسعود دور أكبر وهو صلاح الدين الأيوبى، ولم يصنع غسان من هذه المشاركة إنجازا عالميا، لأنه يعلم أن الاستعانة به فى هذا الفيلم جاءت إليه لأنه عربى.. العالمية لها قانون آخر، محمد كريم كثيرا أيضا ما نقرأ فى الصحف عن أفلام عالمية شارك أو سيشارك فيها، رغم أنه لم يتحقق حتى الآن محليا.. الممثل المصرى الوحيد من هذا الجيل الذى ينطبق عليه تعبير عالمى هو خالد عبد الله المصرى الجنسية المقيم فى إنجلترا، وشارك بالفعل فى بطولة أفلام عالمية مثل «الطائرة الورقية» و«المنطقة الخضراء»، إنه فقط الذى تنطبق عليه حتى الآن تلك الصفة، وأشعر أن الممثل الذى فى طريقه إلى تحقيق ذلك من دون صخب هو عمرو واكد. ويبقى الحديث عن النجومية، والتى لا أجد أروع من هذا التشبيه فى وصفها، فهى مثل آلهة العجوة التى كان العرب والأفارقة يعبدونها، وبعد أن يستبد بهم الجوع يلتهمونها، أى أن الناس تصنع النجم ثم تقضى عليه.. النجومية تلعب فى تحقيقها عوامل لا شعورية أكثر من تلك الشعورية، هى ليست بالضرورة معبرة عن حجم الموهبة وعمقها وصدقها، إلا أنها بالتأكيد لا تخاصم الموهبة.. كان مثلا عمر الشريف كثيرا ما يصرح بأن أحمد زكى هو الأكثر موهبة بين كل النجوم العرب، وأنه لو كان يجيد الإنجليزية لحقق قفزة عالمية، وأغلب نجوم التمثيل يؤكدون أن أحمد زكى هو الأكثر موهبة، وكان نور الشريف يحلو له أن يعبر عنها بالأرقام، يمنح نفسه 7 من 10، ويعطى لأحمد زكى بالقياس 10 من 10، ورغم ذلك فلو أنك عدت إلى أرقام شباك التذاكر سوف تكتشف أن عادل إمام حقق أرقاما أكبر، أى أن الناس قطعت من أجله التذكرة أكثر مما فعلت مع أحمد زكى.. إلا أن الزمن ومع انتشار الفضائيات أشعر أنه سوف يشهد لصالح أحمد زكى! لست نجما عالميا ولا عربيا ولا مصريا، هكذا أعلنها فى مهرجان دبى جميل راتب، فانطلق بهذا الاعتراف إلى آفاق النجومية!