يخطف الناس فى مصر المخطوفة، كانت مخطوفة بالتزوير من نظام مبارك القمعى، والآن هى مخطوفة من جنرالات بلا شرعية، لا يطلبون حتى فدية لتحريرها لندفعها ونخلص، وهى مخطوفة برضاها من تيارات دينية رجعية يرى بعضها فى التقدم والحضارة والفن كفرا، ومخطوفة إجراميا من طرف ثالث غامض يروع أهلها بغياب متعمد لأمن الشارع فتح الطريق للمجرمين للعمل دون خوف من شرطة أو أجهزة أمن تحمى المواطن، فنرى حوادث البلطجة وسرقة السيارات والخطف وقد تفشت حتى أصبحت قصص حوادث الخطف وحدها تنافس فى تفاصيلها المثيرة أفلام السينما. الخطف على شاشة السينما بصورته الكلاسيكية هو أن عصابة أو شخصا بمفرده يخطف شخصا آخر مهددا حياته من أجل فدية تُدفع مقابل الإفراج عنه. وقد نقلت الصحف والفضائيات أول حادثة خطف شهيرة بعد الثورة فى أبريل الماضى، وكانت اختطاف ابنة النائب البرلمانى السابق عفت السادات، وروت الطفلة معاملة خاطفيها لها، اللطيفة حينا، والمخيفة حينا، وكأننا أمام فيلم «ملاك وشيطان» الذى قام فيه رشدى أباظة بدور مجرم يختطف الطفلة سوسن ابنة صلاح ذو الفقار التى تنجح ببراءتها فى إظهار الجانب الخيّر من خاطفها المجرم. وفى فيلم آخر هو «المخطوفة» للراحل أحمد زكى يتحول سائق التاكسى إلى خاطف حينما يقوم باختطاف ابنة رجل أعمال تسببت فى إيذائه حينما صدمت سيارته فأفقدته مصدر رزقه، ورفض الأب الثرى تعويضه، وفى أثناء الاختطاف تتنازع البطل مشاعر الرأفة بالفتاة المخطوفة والرغبة فى الانتقام من أبيها، لكن انتشار حوادث الخطف الحالية فى عدة محافظات بكل تفاصيلها اليومية المثيرة تؤكد أن نماذج رشدى أباظة وأحمد زكى شديدة الرومانسية والبراءة، مقارنة بواقع تسيطر عليه الفوضى، وللسينما المصرية والعالمية غرام بموضوع الخطف، ولوكيشن الخطف يكون مكانا نائيا وغالبا يكون مخزنا مهجورا، وربما يكون فيلم النجم ميل جيبسون بعنوان «Ransom»، وهو من أشهر أفلام هوليوود، والذى تناول حادثة اختطاف ابن أحد كبار رجال الأعمال من أجل الفدية. الجزء الأول من الفيلم كان حادثة اختطاف نمطية، وكان العنصر الأكثر درامية فى الفيلم حينما قرر الأب تحويل مبلغ الفدية إلى جائزة لمن يستطيع الإمساك بالخاطف، والمفاجأة الأخرى هى تورط الشرطى الذى يبحث عن الطفل فى عملية الاختطاف نفسها، وقد شاهدنا فى الأيام الماضية فى حوادث الخطف الواقعية فى مصر قصة حقيقية تصلح حبكة فيلم شديد الإثارة حينما اضطر أب لدفع فدية لتحرير ابنه، ثم بعدها خطف الخاطف وطلب فدية مماثلة للمبلغ الذى دفعه سابقا، ومن الأفلام التى تشبه إلى حد ما حوادث الخطف فى مصر فيلم «Man on Fire» من بطولة دينزل واشنطن الحارس السابق لرئيس الولاياتالمتحدة المكلف بحماية ابنة أحد الأثرياء فى المكسيك، حيث تنتشر عصابات الخطف، ويتم اختطاف الطفلة الصغيرة فى أثناء خروجها من مدرستها من أجل الفدية، وفى آخر أفلام النجم نيكولاس كيدج والنجمة نيكول كيدمان «Trespass»، تقوم عصابة باحتجاز أسرة ميسورة الحال فى قصرهم من قبل عصابة تسعى للاستيلاء على ثروة الأب الموجودة بخزينة داخل مكتبه، وفى فيلم «Cape Fear» يكون الانتقام هو دافع الخطف، حيث يخرج المجرم روبرت دى نيرو من السجن لمطاردة عائلة المحامى الذى كان سببا فى سجنه 15 عاما، وبعد مضايقتهم يستطيع اختطاف الأسرة داخل يخت يمتلكه الأب. والفدية ليست بالضرورة هدف الخاطف فى السينما، فنحن نشهد منذ الثورة مثلا حالات اختطاف ذات طبيعة أمنية تقوم بها أجهزة أمنية لا تفصح عن هويتها للخاطف، ولا تقوم بإيذائه بشكل بدنى، ويبدو الهدف فى الأغلب هو بث الرعب والخوف فى قلوب النشطاء الآخرين، ونرى نموذج ذلك فى فيلم «Missing» للمخرج كوستا جافراس، وقام ببطولته جاك ليمون فى دور أب يبحث عن ابنه الناشط والصحفى بعد اكتشافه تدخل الولاياتالمتحدة فى انقلاب بدولة شيلى عام 1973 أطاح بالرئيس سلفادور الليندى، ويمكن مشاهدة أنواع غريبة ومختلفة من الخطف لأسباب مختلفة عن الفدية. ففى الفيلم الكلاسيكى الشهير «جامع الفراشات» (The Collector)، نرى البطل الشاب المريض نفسيا والمهووس بجمع الفراشات يقرر خطف الفتاة التى أحبها من طرف واحد ليحتفظ بها لنفسه إلى الأبد، وهذه القصة تحولت فى مصر لمسرحية بعنوان «الحادثة» من بطولة أشرف عبد الباقى وعبلة كامل، وفى فيلم «Kiss the Girls» بطولة مورجان فريمان يقرر الخاطف المقنع الذى يدعو نفسه «كازانوفا» خطف الفتيات والاحتفاظ بهن فى بدروم منعزل، وفى كل عام تقريبا تخرج علينا هوليوود والسينما العالمية بفيلم إثارة موضوعه عن حادثة خطف، ومن آخرها فيلم «Taken» الذى قام ببطولته ليام نيسون، وقام فيه بدور عميل مخابرات سابق تختطف ابنته فى أثناء رحلة قامت بها إلى باريس، ويكتشف أن ابنته ضحية عصابة للرقيق الأبيض، وربما تكون أغرب أهداف الخطف التى جسدتها السينما فى الفيلم الشهير «The Silence of the Lambs» من بطولة الممثل أنتونى هوبكنز، فالخاطف فى الفيلم لا يرغب فى فدية مالية لإطلاق سراح الضحية، لأنه فى الحقيقة خطف ضحيته ليأكلها!