أين هو ال in وأين هو ال out فى حياتنا بالظبط؟!.. وهل يستطيع شخص جالس فى عقر دهاليز منزله.. مأنتخ على كرسى وثير أمام شاشة تحتوى على العالم بداخلها أن يجزم أنه الآن فى ال in؟!.. وهل يستطيع ناسك بوذى يجلس على إحدى قمم جبال التبت أمام ملاءة السماء الزرقاء المرصعة بنقاط النجوم المضيئة ضوءا خافتا وحزينا أن يجزم أنه الآن فى ال out؟!.. طيب ما هو موقف رائد فضاء يجلس فى سفينته محكمة الإغلاق وسط الكواكب والمجرات.. فى الهو بكل ما تحمله كلمة الهو من معنى.. هل هو فى ال in ولاَّ فى ال out؟!.. وهل يحتاج البنى آدم منا إلى «مكان» ليكون فى ال in.. وهل يحتاج إلى «لا مكان» ليكون فى ال out؟!.. هل هناك أصلا مكان ولا مكان؟!.. وهل لأى مكان قيمة بدون زمن يحتويه؟!.. وهل لأى زمن تأثير بدون مكان ما يكون بمثابة مسرحا لأحداثه وسنينه وأيامه وساعاته ودقائقه وثوانيه وفيمتو ثانياته المتعاقبة تعاقبا لا يتوقف ولا ينتهي؟! يقول جبران خليل جبران.. «يقول لى منزلي: لا تهجرنى فها هنا يقيم ماضيك.. ويقولى لى الطريق: إمض فى إثرى فإنى لك المستقبل.. وأقول لهما معا.. لمنزلى والطريق.. أنا لا ماضى لى ولا مستقبل.. وإذا ما أقمت هنا ففى إقامتى رحيل.. وإذا ما رحلت ففى رحيلى إقامة.. الحب والموت وحدهما يبدلان الأشياء كلها «.. إذن ما المانع أن يكون «السَمَّاك» أو «جمال إسماعيل» على حق فى دهشته بعد أن أخبره «ياقوت أفندي» أو «فؤاد المهندس» فى مسرحية «السكرتير الفني» أن الأرض كروية تدور حول نفسها ليهب السماك من كرسيه مفزوعا ومندهشا ومتعجبا ومتسائلا.. «إيه.. إيه.. إيه.. كروية.. تدور حول نفسها.. يعنى أنا أفتح محلى فى روض الفرج.. أصحى الصبح ألاقيه فى باب اللوق»؟!.. هل كان السماك على حق فى تعجبه ودهشته وماهواش جاهل ولا حاجة.. والناس اللى كانت مسخسخة على روحها من الضحك فى المسرح هى اللى كانت مش فاهمة حاجة؟! إذن.. وبما أن الرحيل والإقامة داخلين فى بعض.. والماضى والمستقبل سايحين على بعض.. والزمان والمكان مرتبطين ببعض.. لماذا لا يكون ال in وال out همه كمان داخلين فى بعض وسايحين على بعض ومرتبطين ببعض.. خصوصا أننا حتى الآن وبرغم كل اللى نعرفه لا تزال هناك حاجات بالهبل مانعرفهاش.. أبسطها إحنا in ولا out.. وin ولا out بالنسبة لإيه أصلا !! دعونا نتحدث بشكل عملى أكثر.. اثنان يمارسان الحب.. هل هناك قيمة لأى زمان أو مكان بالنسبة لهما فى لحظة عبقرية مثل تلك؟!.. هل هناك فرق بين أى in وout فى وقت سحرى مثل هذا؟!.. هل هناك حد فاصل بين الماضى والمستقبل فى لحظة بشرية مقدسة مثل تلك اللحظة التى تدخل فيها كل الحاجات فى بعض بشكل ملعبك آخر لعبكة.. ومتداخل آخر تداخل.. إنه نفس منطق المستقبل الذى ينبثق من الماضى.. والماضى الذى يحمل بداخله بذرة المستقبل.. إنه التغيير.. القوة التى تحكم حركة الكون وتحفظ للحياة استمراريتها.. التغيير الذى يجعل كل in تتحول فى اللحظة التالية إلى out.. وكل out تتبدل فى اللحظة اللى بعدها على طول إلى in.. تلك هى الحياة.. إذن.. لماذا نقفش على أنفسنا.. ونحاول فهم ما الذى يحدث.. ونحاول تحديد إحنا مين بالظبط.. إحنا فين بالتحديد.. إحنا in ولا out.. إحنا ماضى ولا مستقبل ! يقول جدنا الأكبر «تحوت» فى كتاب نبوءاته.. «الأرض دائمة التغير تلد وتنتج محاصيل مختلفة.. لكنها الأرض باقية أبدا.. والمياه قد تركد.. وقد تفيض.. ولكنها المياه أبدا.. والجسد الإنسانى معبد أرضى.. أنشأته حركة الأفلاك التى تنتج أشكالا لا نهائية من نماذج بسيطة.. وحينما نولد ترعانا ملائكة الأفلاك التى تسيطر على وقت الميلاد.. وهذه القوى الخاصة التى تتغير مع دوران الأفلاك.. تتخلل الجسد وتصوغ شكل الروح.. إنها تتخلل أعصابنا.. ونخاعنا.. وشرايننا وأوردتنا وأعمق أعضاء جسدنا» ! لهذا.. اللى عايز يسيبه من لعبة الماضى والمستقبل والزمان والمكان وال in وال out والفلسفة الفارغة دى كلها.. براحته.. ولكن عليه ألا يحزن إذا اكتشف أن الحياة كلها على بعضها ما هى إلا شوية الحاجات الوهمية دى.. اللى عايز يسيبه منها !