أعرف أن شهرة الزوج قد تزعج بعض النساء، خصوصا لو كن أكبر سنا ويعتقدن أنهن أكثر ثقافة وقيمة.. ربما يكون ذلك سببا فى أن تهذى المرأة ليلتفت إليها الجميع بعد سنوات من تجاهل رجلها.. ولذلك أنصح كل زوج: لا تهمل زوجتك فى شبابها حتى لا «تعرّك» فى شيخوختك! هذه كلمة عامة وليعتبرها القارئ من الكلمات المأثورة التى يتداولها الناس على سبيل الحكم والمقتطفات. أتصور أن د.لميس جابر كانت شابة رائعة.. ثورية ومقتحمة.. وقع الفنان الثائر بدوره فى عشقها، رغم أنها ليست الأجمل ولا الأكثر رشاقة ولا حتى الأذكى.. ربما كانت الأكثر اختلافا وجرأة.. وقع طالب الطب المسلم فى هوى جرأة الصعيدية المسيحية المختلفة.. لم يلتفت إلى أى مؤهلات أخرى تمتلكها أو تفتقدها، فقط عشق جرأة زميلته التى تكبره سنا.. قرر أن يتزوجها، ولم يمنعه من تحقيق حلمه اختلاف الدين أو فارق السن. ما الذى تغير فى الفتاة الصعيدية الجريئة المختلفة بعد تقدم السن وخبرات التعلم وعوامل تعرية الزمن للبشر؟ ما الذى حول هذه الجرأة إلى وقاحة، وتلك الخبرة إلى «هرتلة»، وذلك الاختلاف إلى حماقة؟ ما الذى حول واحدة كتبت ضد نظام المخلوع وسلبياته لسنوات عديدة -كما تزهو وتفخر بنفسها الآن- إلى مدافعة مزعجة وغوغائية عن محاسنه وإيجابياته التى لا نرى لها تمثيلا مشرفا فى الواقع الذى تحكى هى عنه؟ ولماذا لم تتحدث د.لميس عن هذه المحاسن سوى الآن؟ اختلاف وخلاص يعنى؟! الأكثر أهمية.. لماذا لم تسأل الطبيبة والكاتبة المثقفة نفسها: هل أنا شخصية مضطربة لأنى كنت أكتب ضد النظام والآن أدافع عنه؟ وهل يصلح أن أدافع عن نظام كان يرأسه شخص غائب عن الوعى باعترافى واعتراف من كانوا حوله من جوقة فاسدة؟ وهل يختار المرء الفاسد سوى الفاسدين الذين سيحفظون سر فساده؟ الأكثر أهمية هو سؤال يطاردنى كثيرا كلما شاهدتها وهى مستاءة «كده وقرفانة» من الثورة و«اللى عملوا» الثورة: د.لميس.. مالك.. فيكى إيه؟! أحترم جدا دفاع د.لميس جابر عن قيمة الأصالة- هكذا وهى مجردة عما حولها- وأحترم كثيرا تلك الاستماتة التى تدافع بها عن قيم احترام الكبير، واحترام الدور التاريخى، واحترام القضاء، واحترام الرموز، واحترام القادة، واحترام السادة، واحترام الخدامة لست البيت! لكننى أبدا لا أحترم ولا أفهم أن لا تحترم امرأة -المفترض أنها مثقفة- فكرة كفاح الشعوب من أجل التحرر من الظلم والفساد والإهانة.. لا أحترم أبدا أن لا تحترم هذه المرأة دماء الشهداء. الطبيبة التى تعرف جيدا ما يعانيه المصريون من أمراض -على الأقل فى صحتهم- عندما سألها عمرو أديب وهو أحد الإعلاميين الذين يأنسون بآرائها ويطربون بهرائها: طب والشهداء يا دكتورة؟ قالت له بمنتهى الفجاجة: محدش يبتزنى بالشهداء! يا لقسوة القلوب عندما تكون منحطة فى مشاعرها. أى تاريخ قرأته لميس جابر كونها باحثة فى التاريخ، كما تقول، وكما يؤكد مؤيدوها، وكما تظهر فى برنامج يومى لها فى «القاهرة والناس» لمجرد أنها بحثت فى تاريخ الملك فاروق ومحمد على لتكتب مسلسلين عنهما؟ فإذا كانت هذه هى مؤهلات باحث التاريخ، فإن السيناريست مصطفى محرم أيضا باحث تاريخى لأنه كتب مسلسل «سمارة»! الباحث التاريخى المحترم لا يقبل أن يصبح مهرجا فى فقرات سيرك برامج التوك شو، ليلقى بكلماته فيضحك عليه أحرار مصر، ويسانده فلول الماضى والمتعاطفون مع القاتل وشركائه.. باحث التاريخ يسكت كثيرا.. عشان يكتب تاريخ!