كتبت فى هذا المكان منذ أكثر من شهرين أنه لا فائدة تُرجى من بشار الأسد. عندما بدأ الكلام عن المبادرة العربية، وسفر الأمين العام لجامعة الدول العربية، قلت لا تنتظروا شيئا من بشار، فالرجل الذى يسكر من دماء شعبه، ويراهم يموتون أمامه برصاص جيشه، ولا يوقف المجزرة، لا يجب أن ننتظر منه شيئا. مر العيد على شعب سوريا الشقيق، والدماء تغرق الشوارع، والجزار بشار يواصل مجازره ضد شعبه، لم يتقِ الله فى الأطفال والنساء والعجائز، لم يترك بيتا واحدا يفرح للعيد، وواصل القتل، لم يتعظ من مصير من سبقوه من رؤساء فعلوا فى شعوبهم ما فعل فردوا عليهم، لم يتعظ بمصير القذافى، ولا مبارك، ولا بن على، وواصل المجزرة. فى أول أيام العيد قتل السفاح بشار الأسد 22 سوريا، وفرض حصارا وحشيا على مدينة حمص، وبطش بشعبها الصامد، ووقف إدخال المواد الطبية والتموينية لما يزيد على مليونَى نسمة، ومنع الأسر والنساء والأطفال من المغادرة والانتقال إلى مناطق آمنة مع «استخدام النظام للمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والطيران الحربى فى قصف الأحياء السكنية المأهولة»، ومنع وسائل الإعلام وممثلى المنظمات الدولية من الاطلاع على ما يجرى ونقل الحقائق إلى الرأى العام، وانتشرت الجثث فى شوارع حمص ولم يتمكن الأهالى من دفنها أو الوصول إلى المستشفيات بسبب القصف وعمليات القنص. ما الذى يفعله بشار؟ هل يريد أن يبيد شعبه، هل يريد أن يقتلهم؟ هل بلغ به جنونه أن يفعل بشعبه ما لم يفعله الاحتلال؟ ماذا يريد؟ وماذا تنتظرون أيها العرب منه؟ أى مبادرات تتحدثون عنها؟ ابلعوا ألسنتكم، ولا تتفاوضوا مع سفاح، فالسفاح لا يعى إلا لغة الدم، لا يتحدث إلا بمصطلحات القتل والتدمير والتعذيب، لا يعرف شعبه، بل يعرف الشبيحة، واللصوص والبلطجية. لقد قالها وزير الخارجية الفرنسى آلن جوبيه عندما أعلن أن مبادرة الجامعة العربية لحل الأزمة فى سوريا قد «ماتت»، مع أن جوبيه كان قد سبق له أن عبّر عن دعمه مبادرة الجامعة العربية، ونصح المعارضة السورية أن تقبل إجراء الحوار مع النظام القائم، غير أن الدليل أظهر مرة أخرى أنه لا يمكن الثقة ببشار. جوبيه اعترف أنها «ليست المرة الأولى التى يعد فيها بشار الأسد بالقيام بشىء ثم يقوم بعكسه»، فقد تحدث من قبل مع وزير الخارجية التركى أحمد داوود أوغلو منذ عدة أسابيع لمدة 6 ساعات، وفى نهاية اللقاء اتفقا على عدد من الإجراءات، ولكن فى اليوم التالى سقط أكثر من 20 قتيلا، هذه إذن ليست المرة الأولى التى يعد فيها بشىء ويُخلِف، فلا تنتظروا أيها العرب شيئا من بشار. لا تنتظروا بشار، ولا تنتظروا أن يرقّ قلبه، فالجزار الذى يقتل أكثر من 3500 فرد من شعبه بدم بارد، لن يقدم أى إصلاحات، ما يريده هو الكرسى الذى يجلس عليه فقط، حتى لو قتل الجميع، لا تصدقوا مفتى سوريا الذى قال إن بشار يريد أن يترك الرئاسة، ويتفرغ لمهنة طب الأعين، منذ متى والسفاح يترك منصبه؟ لا تستمعوا إلى المنسّق العامّ لهيئة التنسيق الوطنى فى سوريا الذى قال إن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربى دعا قيادة الهيئة إلى اجتماع فى القاهرة بينما ستجتمع لجنة المتابعة العربية الخاصة بسوريا يوم السبت المقبل لبحث الوضع فى هذا البلد فى ضوء عدم التزام السلطات بالمبادرة العربية، فلا السبت سيجدى ولا الأحد، لا حل إلا الثورة. مصير السفاح فى كل الدنيا واحد لا يتغير، يعرفه من يقرأ التاريخ، ومن يتعظ، لكن بشار لا يتعظ، ولا يقرأ التاريخ، والشعب السورى لا يعوّل على الجامعة العربية فى شىء، ولا على وزراء الخارجية العرب، ولا على أى دولة عربية شقيقة، الشعب السورى لديه ثورته التى يراهن عليها، والتى يعرف أنها ستصل به إلى بر السلام، والنصر. الهيئة العامة للثورة السورية أدرى ببشار، فقد دعت جامعة الدول العربية إلى سحب مبادرتها بشأن الأزمة فى سوريا وأعلنت عن إضراب عامّ الخميس احتجاجا على قصف القوات السورية مدينة حمص وسط البلاد، الشعب السورى، أدرى منا ببشار، يعرف أنه لا يحفظ وعدا، ولا يصْدق فى ما يقول، الشعب السورى يعرف أن طريقه واحد لا يتغير، طريق الثورة.