البحرين ترحب باتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا وتشيد بدور واشنطن والدوحة    اليوم.. الإعلان عن تنسيق القبول بالثانوية العامة والمدارس الفنية بمدارس الجيزة    255 جنيهًا خسارة في 15 يومًا.. سعر الذهب اليوم الأحد 29 يونيو 2025 عند أدنى مستوياته    أسعار الفراخ اليوم الأحد 29-6-2025 بعد الانخفاض الجديد وبورصة الدواجن الرئيسية    النائب عاطف مغاوري: أزمة الإيجار القديم تحل نفسها.. وستنخفض لأقل من 3% في 2027    مشاركة متميزة لشركات وزارة قطاع الأعمال في معرض "صحة إفريقيا Africa Health ExCon 2025"    وزير الإسكان يتابع مشروعات مياه الشرب والصرف الصحى بالمبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    إيلون ماسك يجدد انتقاده لمشروع قانون ترامب الضخم بشأن الضرائب    زلزال بقوة 5.5 درجة يهز باكستان    السعودية وإيران تبحثان هاتفيا تعزيز التعاون الدفاعي    «أبرزها التسريبات».. 3 أسباب دفعت شيكابالا لاتخاذ قرار الاعتزال    مدرب تشيلسي ينتقد أمريكا: هذا ليس المكان المناسب لإقامة مباريات كرة القدم    تحويل شيكابالا للتحقيق في الزمالك.. تقرير يكشف الأسباب    طقس اليوم: شديد الحرارة رطب نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 37    إعلان تنسيق الثانوية العامة 2025 في الجيزة للناجحين في الشهادة الإعدادية بعد قليل    شيرين عبدالوهاب تفاجئ معجبة وتشاركها الغناء على المسرح بمهرجان «موازين» (فيديو)    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. لميس الحديدي عن فاجعة المنوفية: في الحوادث الكبيرة لازم نعرف نحاسب مين؟ ..عمرو أديب ل أحمد السقا ومها الصغير: «زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف»    الهند تنفى صلتها بحادث الهجوم الانتحارى الذى وقع فى إقليم وزيرستان الباكستانى    حادثة فتيات المنوفية    فرنسا تتوقع اتفاق الاتحاد الأوروبي على حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا خلال أيام    ماسكيرانو: مواجهة باريس سان جيرمان صعبة لكننا سنقاتل بقوة للفوز    فيديو.. كريم محمود عبد العزيز: سعيد بتقديم دراما بشكل جديد في مملكة الحرير    حادث المنوفية.. شاهدة على كفاح شهيدات كفر السنابسة على الإقليمي: التقيت «وجوه القمر» يوم الكارثة    «الندل الكبير مبرشم ومحشش».. خيري رمضان عن حادث الطريق الإقليمي: «ملعون أبوك يا فقر..حوّجنا للأندال» (فيديو)    شاب يقتل والدته ويدفنها في أرض زراعية بالمنيا    الدوماني: المدير الفني الجديد سيكون مفاجأة..والزمالك يسير في الطريق الصحيح    بهدفه في تشيلسي.. دي ماريا ينفرد بصدارة هدافي كأس العالم للأندية    درويش: الزمالك يضم عدد ضخم من الكوادر الإدارية الناجحة    أوركسترا القاهرة السيمفوني يختتم موسمه ال66 بأنغام بيتهوفن    متحدث محافظة المنوفية: تقرير اللجنة الفنية أكد أن الحادث خطأ فردي    يسبب التسمم.. احذر من خطأ شائع عند تناول البطيخ    «زي النهارده».. فلمنج يكتشف البنسلين 29 يونيو 1928    لميس الحديدي تطالب بمحاسبة علنية لمسؤولي حادث الطريق الإقليمي: خلّوا الناس قلبها يبرد وتحس بالعدل    فقرات فنية وتكريم المتفوقين في حفل خريجي مدرسة المنيا الرسمية للغات.. صور    بعد فشل توربينات سد النهضة، خبير جيولوجي يحذر من حدوث فيضانات بالخرطوم قريبا    بعد حادث المنوفية.. طلب إحاطة لحظر نقل الركاب داخل «البيك أب» ومصادرتها    ثبات حتى الرحيل .. "أحمد سليمان".. قاضٍ ووزير وقف في وجه الطابور الخامس    تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ.. الحد الأدنى للقبول    5 أبراج «ناجحون في الإدارة»: مجتهدون يحبون المبادرة ويمتلكون رؤية ثاقبة    ماجدة الرومي تتألق خلال حفلها بختام مهرجان موازين (فيديو)    حادث أشمون.. خيري رمضان: ملعون أبو الفقر ألف مرة.. دفع الفتيات للعمل ب 130 جنيها    والد مصطفى أشرف يكشف كواليس فشل انتقاله نجله إلى الزمالك    «القومي لحقوق الإنسان» عن حادث المنوفية: جرس إنذار لتوفير بيئة عمل آمنة ولائقة للفتيات    للتعامل مع القلق والتوتر بدون أدوية.. 5 أعشاب فعالة في تهدئة الأعصاب    فوائد البنجر الأحمر، كنز طبيعي لتعزيز صحة الجسم    القيعى: 4 ركلات ترجيح غيرت مصير الأهلى فى الموسم الماضى.. وما تم غباء اصطناعى    حادث الطريق الإقليمي والاستراتيجية "صفر"؟!    «الغالي ثمنه فيه».. مؤتمر لابناء المرحلة الإعدادية بإيبارشية طيبة (صور)    «القومي لحقوق الإنسان»: حادث المنوفية يسلط الضوء على ضرورة توفير بيئة عمل آمنة ولائقة للفتيات    شهيدان جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي دراجة نارية جنوب لبنان    الحكومة الإيرانية: مقتل 72 امرأة وطفل إثر العدوان الإسرائيلي على البلاد    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 29 يونيو 2025 (آخر تحديث)    أخبار× 24 ساعة.. إعفاء أبناء الشهداء والمصابين بعجز كلى من مصروفات الجامعات    هل سيدنا الخضر نبي أم ولي؟.. الدكتور عالم أزهري يفجر مفاجأة    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع مستحضرات التجميل (المكياج)؟    عيبك أولى بالإصلاح من عيوب الآخرين    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلبوص
نشر في التحرير يوم 09 - 11 - 2011

تاريخيا مارس المصريون التعرى بحجج عديدة، أبسطها الفقر، ففى كتاب «مصر فى عيون الرحالة» قال الفرنسى شسنو إن أطفال الفلاحين فى القرن السادس عشر كانوا يظلون عرايا حتى العاشرة، والظاهرة تضرب جذورها فى مصر القديمة حيث تكشف تماثيل ورسومات كثيرة عرى الصغار، بل إن واحدا من آلهة مصر الفرعونية وهو الإله (حور -با- غرد) كان على هيئة طفل عارٍ، وفى تفسير الأمر اختلف العلماء، فقال بعضهم إن تلك الهيئة العارية رمز تجريدى للنقاء فى الطفولة، وقال آخرون إن الفنانين كانوا يجسدون ويرسمون أبناء الخدم والعبيد، بينما كانت أجساد الأغنياء والأسر الحاكمة كاسية.
يتعرى المصريون أيضا احتجاجا، وهنا توثقها الأمثال والتعبيرات الشعبية، فتعبير «أكشف راسى وادعى عليه» واحدة من بين الجمل الكاشفة التى كانت تدور على ألسنة النسوة الغاضبات فى الريف والأحياء الشعبية، للدلالة على الغضب، والشعور بالظلم، وامتد الأسلوب الاحتجاجى الفريد إلى ألسنة المثقفين حديثا، فهدد سيد القمنى منذ عام ونصف تقريبا فى حوار لمجلة «نيوزويك الأمريكية» بأنه «سيقلع بلبوص» ويتصدى لكل محاولات سحب جائزة الدولة التقديرية منه، اقتربت عملية السحب أحيانا، خصوصا مع تقرير لمفوضى الدولة، يوصى بذلك، والجميع فى انتظار أن يوفى الرجل بوعده.
ويمارس المصريون التعرى انتقاما، وفى كتاب تراث العبيد لعالم الاجتماع المجهول (ع.ع) إضاءة مفسرة، فيرى أن تعرية الخصم تراث مملوكى، ونوع من الانتقام الجنسى منتشر فى مجتمعات الذل، حيث لا ترى أوروبيا مثلا يفتخر باغتصابه رجلا أو امرأة، بينما تشكل بعض الحالات فى مجتمعاتنا انتقاما وتفاخرا بكسر معنويات الخصوم. بعض هذه التأثيرات تسللت نسبيا إلى مصر المعاصرة، لم تكن تعرية البلطجية فى التحرير، وتعليقهم على الأعمدة بعيدة عن هذا، وفى أثناء الثورة مارس بعض البلطجية الأمر فى حق ضباط من الشرطة، خلعوا ملابسهم وضربوهم ثم زفوهم فى تجريسة مملوكية بشعة.
بعيدا عن الجسد مارس المصريون تعريتهم الخاصة للغة، نحتوها لتقترب من المعنى المباشر دون «لف أو دوران» ربما كانوا يطبقون ملاحظة ميشيل فوكو القائلة: «العقل لا يفهم العالم بشكل صحيح إلا إذا تطابقت الكلمات والأشياء» ففى تقرير بالغ المهنية ل«بى بى سى» عام 2008، عن الدعارة الرسمية فى القرن التاسع عشر، استعرض النص الرُّخص الرسمية المسجلة فى دار المحفوظات بالقلعة، كانت أسماء بائعات الهوى كاشفة بشكل فج، فهذه عزيزة «النجس» وتلك زوزو حسن «طرطور»!! أو «فلة الزايطة»، بل إن الألقاب التى أطلقت على المتورطات فى المهنة كانت دالة وعارية للغاية، فالقوادة هى «العايقة»، أما فتاة الفراش فتسمى «المقطورة».
تبقى زاوية التعرى لإبراز القوة، وإثارة الهلع، فالبلطجى يكشف جسده ولو كان هزيلا ليتباهى بكم «البِشَل» أو وشم السجن، يظهر العارى مستثمرا جسده فى اجتذاب قدر هائل من الهيبة، يهرب الخصوم وتنفذ أوامره.
فى السياسة تتسرب قيمة التعرى الانتقامى فى إطلاق ألقاب قاسية، فرئيس حزب معارض كانت مهمته فى عهد مبارك تفجير المعارضة، أو تهدئتها حسب الطلب يصبح «سيد سرنجة» الحائر بين «حقن البنج السياسى» و«حقن الهواء» القاتلة لتجارب الحرية.
ويخلد فى الأدب والسياسة مَن مارس التعرى، ليقول للتاريخ إن خطايا الإنسان جزء من عظمته أحيانا.. وكان أحمد فؤاد نجم خير مثال برائعته الفاجومى.
كان التحرير ميدانا لتعرى قوانا السياسية كثيرا، فقبل ما عرف بجمعة تورا بورا «تحدثت القوى الليبرالية قبل ساعات من مليونية تأكيد الهوية عن «التوافق ولم الشمل» أدركت للحظة أن تحدى التيارات الدينية يكشف عرى نخبويتها، واقتصار ممارستها السياسة على وسط القاهرة واستوديوهات الفضائيات، تحدث الشباب عن الثورة والمدنية دون الانخراط فى عمل سياسى جاد، يقارع فصائل تتخذ من الدين سلاحا للكسب السياسى، والتصفية المعنوية أحيانا، تركوا الأرياف وغياهب القرى، ثم تذكروا متأخرا أن عليهم التحالف فى كيان واحد.
على الجانب الدينى كان هناك من يتعرى، ليستثمر جسده فى الهيبة، خرج عاصم عبد الماجد الزمر بكل سجله الحافل كإرهابى متقاعد، ليقول ذات مرة إن ميدان التحرير يجب أن يتطهر من المعتصمين.
بينما تعرى صفوت حجازى من كل توافقية مزعومة، ويقول فى تصريحات أخيرة إن المسلم الحقيقى يعطى صوته ل«الحرية والعدالة» أو حزب النور.
بعد الثورة شاهدنا مسلسلا لصراع الثوار العرايا.. تنظيمات اتهمت خصومها بالعلمانية والكفر لتصفّيهم معنويا، رفعت شعاراتها الدينية، وخلعت النسر من العلم المصرى وكتبت الشهادتين.. وأخرى خائفة من الانتقام الدينى، عارية من التنسيق والتنظيم والحشد، متدثرة بالعزلة.. وتدريجيا خلع الفلول أثواب الفضيلة ليواصلوا حفلات النفاق للمجلس العسكرى.
الأسبوع الماضى كانت حفلة التعرى الأبرز، إذ اكتشف الجميع أن السبب الحقيقى لقلاقل الفترة الانتقالية يكمن فى البند رقم 9 من وثيقة على السلمى الذى يطلب للجيش -بموجبه- دورا موازيا للدولة.. وكانت الحقيقة المرة هى آخر ما خفى تحت الملابس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.