الكليات والتخصصات المطلوبة في مسابقة «معلم مادة» | إنفوجراف    اليوم.. «اقتصادية النواب» تناقش موازنة وزارة الصناعة للعام المالي 2024-2025    أسعار البيض والفراخ في الأقصر اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    صابر الرباعي: أدعو العام الحر إلى دعم القضية الفلسطينية    استشهاد 10 فلسطينيين من النازحين في قصف إسرائيلي على عيادة تابعة ل أونروا    الاهلي يخوض تدريباته قبل التوجه إلى تونس اليوم    «حافظوا على الفرصة».. وزير الرياضة: الجماهير ستعود إلى الملاعب والمخالف سيعاقب    انطلاق امتحانات الشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني بشمال سيناء    اليوم.. النطق بالحكم على المتهم بدهس طبيبة التجمع الخامس    اليوم.. نظر محاكمة المتهمين في قضية «رشوة الجمارك»    طرح أهل الكهف ضمن موسم عيد الأضحى 2024    لهذا السبب.. معالي زايد تتصدر تريند "جوجل"    بعد تصدرها التريند.. من هي إيميلي شاه خطيبة الفنان العالمي مينا مسعود؟    عيد الأضحى المبارك 2024: سنن التقسيم والذبح وآدابه    القليل من الأوساخ لا يضر.. صيحة جديدة تدعو إلى اللهو في التراب لتعزيز الصحة النفسية    وزارة المالية تعلن تبكير صرف مرتبات يونيو 2024 وإجازة عيد الأضحى تصل إلى 8 أيام    «التعليم»: ضرورة تسجيل طلبة الثانوية العامة بياناتهم على ورقة البابل شيت    مواعيد القطارات على خطوط السكك الحديد الأربعاء 15    إعلام فلسطيني: شهيدة وعدد من الجرحى في غارة للاحتلال الإسرائيلي بمخيم البريج    اليوم.. مترو الانفاق يبدأ تشغل عدد من المحطات الجديدة بالخط الثالث    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 15 مايو 2024    قطار "حياة كريمة" يصل إلى أهالي قرية البربا في جرجا.. 15 محطة صرف وتغيير 90% من خطوط المياه و3 مدارس وتطوير 51 أخرى    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 15-5-2024 في البنوك    حكم طواف بطفل يرتدي «حفاضة»    «تغيير تاريخي واستعداد للحرب».. صواريخ زعيم كوريا الشمالية تثير الرعب    بسبب الدولار.. شعبة الأدوية: نطالب بزيادة أسعار 1500 صنف 50%    مرصد الأزهر يستقبل وزير الشؤون السياسية لجمهورية سيراليون للتعرف على جهود مكافحة التطرف    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    خبير بالشؤون العربية: قمة البحرين ستكون "قمة الغضب العربي" لكثرة القضايا المؤلمة    الإعلان عن أول سيارة كهربائية MG في مصر خلال ساعات    عرض فيلم Le Deuxième Acte بافتتاح مهرجان كان السينمائي    «تنمية وتأهيل دور المرأة في تنمية المجتمع».. ندوة لحزب مستقبل وطن بقنا    أمير عيد يكشف موعد ألبومه المُقبل: «مش حاطط خطة» (فيديو)    أحمد حاتم بعد انفصاله عن زوجته: كنت ظالم ونسخة مش حلوة مني (فيديو)    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة "فتاة التجمع"    بسبب الخلاف على إصلاح دراجة نارية .. خباز ينهي حياة عامل دليفري في الشرقية    "دوري مصري ومنافسات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    وليد الحديدي: تصريحات حسام حسن الأخيرة غير موفقة    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء بالدوريات الأوروبية والمصري الممتاز والقنوات الناقلة    الهاني سليمان: تصريحات حسام حسن تم تحريفها.. والتوأم لا يعرف المجاملات    بوتين: لدى روسيا والصين مواقف متطابقة تجاه القضايا الرئيسية    كاف يهدد الأهلي والزمالك بغرامة نصف مليون دولار قبل نهائي أفريقيا | عاجل    نشرة أخبار التوك شو| تصريحات هامة لوزير النقل.. وترقب لتحريك أسعار الدواء    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    بعد 7 شهور من الحرب.. تحقيق يكشف تواطؤ بايدن في خلق المجاعة بغزة    نقيب الأطباء: مشروع قانون المنشآت الصحية بشأن عقود الالتزام تحتاج مزيدا من الضمانات    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    «أفريقية النواب» تستقبل وفد دولة سيراليون في القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برما على شط البحر
نشر في التحرير يوم 07 - 11 - 2011


عندما كان برما يقف على شاطئ البحر سألوه:
هل تتفاءل بالمستقبل؟ فقال: لو هتمطر كانت غيّمت.
سألوه عن الزحام الذى يسيطر على البلد، فقال: البلد فاضية قدام.
سألوه عن ضميره، فقال: ضميرى مستريح، لأن الحمد لله ذاكرتى رديئة.
ثم جاء الدور علىَّ، فسألنى برما عن موقف لا أنساه، فقلت له: لن أنسى ما حييت يوم أن زار سيادة محافظ سوهاج لجنة امتحان الفيزياء ليتأكد أن الامتحان فى مستوى الطالب المتوسط، قلت للمحافظ يومها: إن الامتحان جاء من الجزء الملغى من المنهج، فربت على كتفى وابتسم قائلا: القانون لا يحمى المغفلين، لذلك عندما سألنى والدى عن سر رسوبى فى المادة، قلت له بضمير مستريح: لا تعليق على أحكام القضاء.
قال لى: يبدو أنك عانيت كثيرا فى التعليم، فقلت: عموما أنا أحمد الله كثيرا على ما أنا فيه، يكفى أننى خرجت من فترة المراهقة دون أى عاهات فكرية، ففى هذه الفترة لم يكن الكمبيوتر يعمل إلا فى وجود كاسيت، وكان نجم الشباب وقتها وائل نور، وكان فتى أحلام البنات أحمد عبد العزيز الذى نجح مسلسلاه «الوسية»، ثم «المال والبنون» فأصبح بطلا، وأطلقوا اسمه على أهم شارع فى المهندسين «البطل أحمد عبد العزيز»، وكانت فتاة الأحلام جيهان نصر، ثم شيرين سيف النصر، ثم نضجنا فانتبهنا بقوة لفريدة سيف النصر، وكانت النجومية مرتبطة بنظافة الترننج الذى ترتديه على المسرح، وكانت الأناقة تقاس بعدد (الكُسر) الموجودة فى البنطلون وبلون الساتان الموجود فى تنية كم الجاكيت، وكان الكليب الأكثر شهرة وقتها «شك شك مرزوقة تعالى جنبى». كنت أشجع نادى الزمالك، لكننى لم أكن أمتلك أى عضوية إلا فى نادى السينما، وكانت البلد كلها محتلة، ولكن كانت بورسعيد هى المدينة الحرة الوحيدة إلى أن نجح النظام فى احتلالها مؤخرا. كان وقتها الدين ما بيدخلش فى المجموع إلى أن كسر الإخوان المسلمون هذه القاعدة ونجحوا بدرجات الدين فقط، وكانت هدية النجاح دائما ساعة ضد الماء، ومع ذلك كانوا ينبهون علينا ما ننزلش المية بالساعة، وكنا نقضى أوقات الفراغ فى تجميع 10 أحمر و10 ألوان لإرسالها لشركة الشمعدان طمعا فى جهاز أتارى، وبالرغم من أن القنوات التليفزيونية المتاحة كانت 3 محطات فقط، فإننا خسّينا النص بسبب المشاوير الكثيرة التى قطعناها من الكنبة إلى الجهاز لتغيير القناة. كان ظهور الشيش طاووق انقلابا وقتها، حيث كان طعامنا المفضل الأستيكة أم ريحة والتيكيت الذى كنا نبلله بألسنتنا لنلصقه على الكراسات، وكان الصمغ الموجود به من القوة أن ألتصق بأفواه معظم أبناء جيلى، والنتيجة أن معظمنا مش قادر يفتح بقه لحد النهارده.
فى أثناء كلامى مع برما كان يبدو عليه الاكتئاب فسألته: ما لك؟ فقال: بعد سنوات من البرامج والفضائيات ما زال بيننا ناس عندما يتصلون بالبرامج على الهواء يرفعون صوت التليفزيون ليسمعوا أنفسهم وهم يتكلمون. ما زال بيننا ناس يكاد المذيع يقبّل أياديهم (ممكن توطى التليفزيون وتسمعنى من التليفون؟)، كام مرة تصادف هذا الموقف وأنت تتجول بين الفضائيات؟ ماذا تتوقع من شعب يمتلك أجهزة تليفزيون وديكودر وتليفون ووقتا فاضيا للاتصال بالبرامج، ولم يتعلم درسا تافها مثل هذا؟
قال برما: نعيش فى أجواء غرائبية يمكنك أن تلاحظها مثلا فى صالة الجيم التى تم افتتاحها قريبا من منزلى، وقد كتب على بابها «المؤمن القوى أحب إلى الله من المؤمن الضعيف»، أو فى صديقى الذى قال لى: إن العوازل الطبية ليست دائما آمنة، فابن خالته كان يستخدمها لكنه مات فى حادثة سيارة، أو فى صديقى الذى أرسل تلغرافا إلى زميله فى العمل يعزّيه فى وفاة والده قائلا «ما حصلش حاجة!».
عموما لقد اعتدت هذه الأجواء بمرور الوقت، وأصبحت أتعلم شيئا جديدا كل يوم، فقد تعلمت:
(1) أن مسابقات ال0900 تخاطب أذهانا بعينها، ولا تخطئها أبدا فلم يحدث يوما أن وجدت عالم فيزياء قد فاز بهذه الجائزة.
(2) تعلمت أنه.. خرجت المرأة فى أول ظهور لها من تحت باط الرجل لذلك تقضى عمرها وهى تحاول أن تجيب أى رجل تحت باطها.
(3) وأن الزوج يجب أن يعرف أنه معرَّض للعقاب فى أى وقت إذا لم يكن على (حاجة عملها) سيكون على (حاجة ما عملهاش).
(4) وقال لى: لا تصدق أن فى السفر سبع فوائد.. مبدئيّا هى خمسة، وجاء ذكرها على لسان الإمام الشافعى:
تفريج هم، واكتساب معيشة، وعلم، وآداب، وصحبة ماجد.
قلت له: واللهِ أنت عمِّى، فقال لى: عمى الدبب. وعندما شعر أننى انزعجت من تعليقه أعطانى رقم تليفون منزله، ثم قال: على فكرة عمى الدبب عمى ألوان بس، لكنه خطر حيث تفشل فى التمييز بين الجليد وصغار الدببة، والنتيجة أنهم يدهسونهم طوال الوقت لحد ما قربوا ينقرضوا.
قلت له: زدنى يا برما.. فقال:
(5) لا تقل رأيك فى طعام حتى تهضمه، ويتخلص جسمك منه نهائيّا، ولا تقل رأيك فى صديق حتى تطلب منه أن يُقرِضك، ولا تقل رأيك فى امرأة حتى تتأكد أنها ماتت خالص.
(6) وإذا لم تستطع أن تكون قدوة فكن عِبرة على الأقل.
(7) وتيك كير ولا تثق فى أحد، فقد غنَّى هيثم شاكر لمصر «ارمى حمولك علىّ»، راحت مصر مشيّلاه سنة سجن.
(8) ولا تفرح بعروض البنوك، فالبنك هو مكان يُقرِضك مظلة عندما يكون الطقس معتدلا، ويطلب منك استعادتها عندما تمطر.
(9) ولا تثق أبدا فى شخص يبدأ كلامه معك بجملة: أصلى عيبى إنى صريح. كيف يمكنك أن تصدق شخصا يرى الصراحة عيبا أصلا؟
(10) وانتبه للفرص وخد بالك.. تبدو الفرص أوضح وهى فى طريقها للضياع.
(11) ويقول ابن القيم «لما طلب آدم الخلود فى الجنة عن طريق الشجرة عُوقب بالخروج منها، ولما طلب يوسف الخروج من السجن عن طريق صاحب الرؤيا لبثَ فيه بضع سنين»، فليكن سؤالك عن طريق الله.
(12) وعموما يا عُمر ضع فى يقينك أنه ليس هناك مكان ينام فيه الشخص بأمان مثل غرفة أبيه.
كان كلام برما مؤثِّرا فانهمرت دموعى.
بعدها اختفى برما لفترة وتذكرت أنه أعطانى رقم تليفون بيته، فاتصلت وسألت عنه، فقال لى الشخص الذى رد: لا واللهِ النمرة غلط، فقلت له: ولما النمرة غلط بتردوا ليه؟
(مقطع من كتاب «برما يقابل ريا وسكينة»)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.