روايات متضاربة عن الواقعة. المسؤولون المصريون يقولون شيئا، والأردنيون ينفون. لكن لا شىء أكثر إيلاما من رائحة الفساد والإهمال اللتين خرجتا مع ألسنة لهب ودخان العبّارة المحترقة «بيلا» التى توقفت عن التنفس والحركة، اليوم، بعد أن كانت فى طريقها من ميناء العقبة الأردنى، إلى ميناء نويبع، وعلى متنها، 1230 ضحية جديدة (راكبا) بينهم 947 مصريا. عندما كان الدخان يتصاعد، كان يتصاعد الصراخ والعويل، وتقل آمال الركاب فى النجاة، خصوصا بعد مرور ساعة من اشتعال النيران فى فلكهم المشحون بهم إلى الموت هذه المرة، لكن الله سلم. هذه واحدة، أما الثانية، فأخطر من الواقعة نفسها، فرغم أن مصدرا قال إن المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة أعطى توجيهاته بتوفير قوارب نجاه للعبارة المنكوبة، فإن روايات أردنية نفت تدخل أى قوات مصرية لإنقاذ ركاب العبارة، حيث نفى فريد الشرع المتحدث باسم قوات الدفاع المدنى الأردنى مشاركة أى قوات مصرية أو من أى دولة أخرى فى عمليات الإنقاذ والإخلاء ولا فى عمليات إخماد الحريق. المفارقة أن الحادثة وقع بعد أيام قليلة من إعلان هيئة موانى البحر الأحمر، عن نجاح أكبر مناورة بحرية للعبّارات، أجريت الشهر الماضى. المصادر أضافت أن العبّارة كانت قد غادرت ميناء نويبع أمس، وكان على متنها عدد كبير من الركاب، إضافة إلى أعداد كبيرة من الشاحنات «التيكانت» مكدسة داخل الميناء منذ فترة، بينما كانت أطواق النجاة والرماثات، الوسيلة الوحيدة لإنقاذ الركاب، وإخلاء العبّارة بعد التصاعد المتزايد للأدخنة والنيران. مسؤول بموانى البحر الأحمر، قال إن العبّارة (إيلاء)، التى كانت فى طريقها إلى ميناء العقبة، نجحت فى إنقاذ 200 راكب، وقامت بنقلهم من قوارب النجاة، إلا أن طاقتها الاستيعابية لم تسمح بالمزيد، لأنها كانت محمّلة بنحو 530 راكبا وقت خروجها من ميناء نويبع المصرى، مضيفا أن عبّارتين تابعتين لشركة «الجسر العربى» خرجتا من ميناء نويبع فارغتين لنقل بقية الركاب الموجودين داخل الرماثات وقوارب النجاة. الشرع قال لمحطة «BBC»: «مع احترامنا لكل الجهات، فإن كل ما قيل عن مساعدات من أى دولة سواء مصر أو غيرها غير صحيح، فلم تشارك أى قوات فى العملية التى ما زالت مستمرة لإخماد الحريق بعد إنقاذ الركاب، هناك 4 طائرات شكلت فريقا بحثيا جويا للوصول إلى السفينة، ورغم أنها كانت على بعد تسعة أميال بحرية، من العقبة و3.5 ميل من نويبع فإن البحرية الأردنية هى من تولى عملية الإنقاذ بالكامل». المتحدث باسم وزارة الخارجية المستشار عمرو رشدى، صرح بأنه تم إنزال ركاب العبارة إلى قوارب إنقاذ صغيرة لنقلهم إلى ميناء الدرة الأردنى على الحدود السعودية، حيث ينتظرهم هناك طاقم القنصلية المصرية بقيادة المستشار محمود عليوة قنصل مصر فى العقبة، وسيقوم أعضاء القنصلية بتقديم الرعاية اللازمة للمواطنين المصريين والتنسيق مع السلطات الأردنية بشأن أوضاعهم نفى الشرع ذلك، وقال إن الركاب تم إخلاؤهم إلى عبارة أخرى مملوكة لشركة «الجسر العربى» أرسلتها بعد نصف الساعة فقط من استقبال الاستغاثة. رشدى أضاف أن المصابين عددهم 27 أصيبوا باختناق من جراء استنشاق الغاز المنبعث من الحريق الذى شب فى الطابق الأول من العبارة، الذى كان يحوى خمس شاحنات. إلا أن بيانا رسميا صادرا عن القوات المسلحة المصرية أكد مشاركة 6 وحدات بحرية فى عمليات الإنقاذ والسيطرة على الحريق. وذكر أنها نقلت الركاب إلى العبارات التابعة للشركة الموجودة قرب العبارة «بيلا»، التى نقلتهم إلى ميناء العقبة الأردنى. كما قامت إحدى القطع البحرية المصرية بنقل 64 راكبا إلى ميناء «ضبا» البحرى، ومنه نقلوا إلى القاهرة على متن طائرة عسكرية. كما ذكر البيان أن عدد الركاب 1200 راكب، الإضافة إلى 35 فردا من طاقم العبارة.