ثمة مبادرة مهمة طرحتها الجمعية الوطنية للتغيير، وإن كنت أرى أن الزمن قد تجاوز بعض نقاطها، إلا أنها تمثل رؤية وطنية مخلصة جديرة بالالتفاف حولها، والسعى نحو تنفيذ خطواتها، وهى: (1) تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة فورا حكومة إنقاذ وطنى مؤقتة، ومنحها الصلاحيات الكاملة فى إدارة الشؤون الداخلية. (2) ترشيح شخصية مستقلة ثورية لرئاسة حكومة الإنقاذ، على أن يقوم باختيار حكومته بالصيغة التى تضمن استقلاليتها ونزاهتها. (3) الواجب الأول لحكومة الإنقاذ هو تحقيق الأمن وتطهير الداخلية، حتى يمكن إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. (4) تطبيق قانون العزل السياسى على قيادات الحزب الوطنى المنحل، ومن أفسدوا -وما زالوا- حياتنا السياسية. (5) إصدار بيان التوافق على آليات اختيار اللجنة التأسيسية للدستور الجديد، بما يضمن دستورا وطنيا ثابتا، لا يخضع لأغلبية سياسية، وإنما يرعى الصالح الوطنى العام، ويضمن دولة عصرية قائمة على الحرية والعدالة الاجتماعية. (6) تغيير مجموعة القوانين المعادية للثورة التى صدرت فى الشهور الأخيرة مثل قانون تجريم الاعتصامات والتظاهر وغيره. (8) تدعيم استقلال القضاء، من خلال استعجال إصدار قانون السلطة القضائية الجديد، لأهميته القصوى فى ضمان عملية التحول الديمقراطى السليم، وتيسير سبل العدالة لأبناء الشعب. (8) اعتماد نظام القائمة النسبية المغلقة، وإلغاء نظام الدوائر الفردية، الذى يفتح الباب أمام استخدام سلاح المال والبلطجة والعصبيات العائلية والقبلية، وتأكيد الهيمنة الكاملة ل«اللجنة العليا للانتخابات» على جميع مراحل العملية الانتخابية، وضمان عدم تدخل السلطة التنفيذية، وبالذات وزارة الداخلية، فى أى من مراحلها، وتيسير سبل مشاركة المصريين فى الخارج بالعملية الانتخابية، عبر تأمين إدلائهم بأصواتهم فى مقار إقامتهم، وكذلك إقرار حقهم فى التمثيل فى البرلمان بنصاب محدد، يراعى خريطة انتشارهم فى المهجر. والسماح بمراقبة المجتمع المدنى المحلى والعالمى، بما يؤكد شفافية الانتخابات ونزاهتها. (9) إلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين. (10) تضع حكومة الإنقاذ برنامجا تحفيزيا لتعافى الاقتصاد المصرى على المدى القصير لتقليص البطالة ودعم الإنتاج وتمكين المواطنين من تحمل أعباء المعيشة. (11) إلغاء الرقابة على جميع وسائل الإعلام، وإلغاء وزارة الإعلام باعتبارها رمزا للدولة الشمولية المستبدة. (12) فتح تحقيق قضائى مستقل، فى كل حوادث البلطجة والفوضى التى صاحبت فاعليات الثورة، بداية من تهريب المساجين وقتل اللواء البطران، والاعتداء على الثوار أمام وزارة الداخلية، مرورا بحوادث مسرح البالون والسفارة الصهيونية، وأخيرا كارثة ماسبيرو، وضم حوادث الاعتداء على الكنائس إلى هذه القضية، باعتبارها جميعا انعكاسا لمتهم واحد خيّر الشعب بين بقائه أو الفوضى. (13) تحقيق فورى لقاعدة الحد الأدنى والأقصى للأجور، وتعميم زيادات الأجور على جميع قطاعات الدولة، بما يضمن حدا أدنى للعيش الكريم للمواطن. (14) تفعيل الإطار الخاص بتعويض وتكريم شهداء ثورة 25 يناير، ورعاية مصابيها الذين يتسولون العلاج حتى الآن! (15) فور العمل بالدستور الجديد الذى يحدد شكل الحكم، وصلاحيات الرئيس والحكومة، تتم الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة تعبر بحق عن أولى خطوات النهضة التى سعت لها ثورة 25 يناير. أعتقد أننا جميعا نعلم أن المجلس العسكرى لن ينفذ معظم هذه الخطوات الضرورية، لأنه يسير بمنطق مختلف عن منطق الثورة، ولكننا سنحقق فى النهاية أهداف ثورتنا العظيمة، بإرادة شعبنا الواعى، وإصرار الثوار على النصر، فدماء شهدائنا فى رقابنا جميعا، ولن نجعلها تضيع هباء.