«سوزان مبارك سافرت منذ 3 أسابيع...».. الخبر نزل كالصاعقة... على كل من سمعه. قائله ليس من عشاق ترويج الشائعات. لكن لا يمكن تصديق الخبر بهذه السهولة أو البساطة: كيف سافرت؟ ومن أى مطار؟ ولماذا؟ التفاصيل تقول إنها حصلت على تصريح بالسفر لزيارة خالتها أو عائلتها المقيمة فى لندن. لندن؟ لمعت فى ذهنى صورة عاصمة الهاربين من مصر، وهى تستقبل مديرة الجناح العائلى لسلطة مبارك. ماذا ستفعل زوجة الرئيس فى العاصمة التى يلتقى فيها كل صباح مجموعة من الأوزان المالية الثقيلة؟ وقبل كل شىء: هل سافرت سوزان مبارك حقا؟ هل حصلت على تصريح من الجهات القضائية؟ هل سيجيب أحد عن هذه التساؤلات. أتمنى.. أن يكون الخبر مجرد شائعة، لأننا نريد أن نثق أكثر بإدارة ملف محاكمة مبارك... وعائلته ونظامه. سوزان مبارك ليست زوجة عادية، ولا زوجها متهم عادى، إنهم عائلة دمرت مصر وحولتها إلى خراب، وشاركت عصابة كاملة فى نهب مصر، شاركت وأشرفت على توزيع غنائم العصابة. سوزان العادية، لم يعد لها وجود بعدما قررت أن تلعب دورا فى حكم مصر. هل ارتبط دورها باختراع حلم لابنها جمال يتصور فيه أنه سيرث مقعد أبيه؟ أم كان الدور قبل ذلك بمراحل لم تظهر للعلن؟ غالبا تضخم هذا الدور بعد شعور مبارك بالقلق من شيخوخته، وإرادته فى إثبات عدم وجودها، بداية من اعتماد صبغة الشعر كإحدى أدوات الحكم، وإلى إبعاد الجيش عن مركز الحدث باعتباره القوى المساندة لحكمه. كان مبارك يخشى من الجيش، وقلقه الزائد دفعه إلى البحث عن جناح مساند آخر، لا يجعل الجيش وحيدا، ولا يضع مصير المقعد العالى فى يد قوة واحدة فقط. اكتشف مبارك أنه من الممكن الاعتماد على جناح مالى، أو ما كان يسمى رجال الأعمال، وهم فى الحقيقة سعداء حظ بتوزيع هبات ومنح وعطايا تنقل ثرواتهم إلى الآفاق الخيالية. العائلة كانت هى الجسر بين الرئيس والجناح المالى، أو الساتر الذى تخفت وراءه الرغبة فى إحداث توازن مع القوة العسكرية. وهذا ما جعل دور سوزان مبارك محوريا، ومهما بعدما تحول قصر الرئاسة إلى بيت عائلى، وموظفوه إلى حاشية رئاسية، ومناخه العام يتشابه مع قصور العائلات الملكية. سوزان مبارك، أصبح لقبها الهانم، دليلا على تفردها ولعبها أدوارا واضحة، لم يكن من الممكن معها استخدام اسمها من دون الشفرة التى تدل على احترام وتختصر هيبتها وتبجيلها بين كل المحيطين بقصر الرئاسة. كيف انتقلت الحالمة بموقع مضيفة الطيران إلى سيدة قصر يتصور أنه قادر على اختراع واقع أو فرض واقع من صنع خيال أصحابه. بمعنى كيف أصبحت السيدة العادية، بهذه القوة التى تصور لها أنها قادرة على تغيير الواقع ليتوافق مع شهوتها فى استمرار عائلتها على رأس الحكم أو حتى فى انتقال إدارة القصر من الأب إلى الابن فى حياة الأب نفسه؟ من أين قفزت هذه الأفكار التى جعلت سوزان مبارك بهذه الأهمية فى نظام يدار غالبا بشكل محافظ منذ 1952 حين أراد العسكر إثبات أنهم مختلفون عن الملك فاروق بكل الحكايات المتناثرة عن فساده الأخلاقى وغرامه باصطياد نساء ولعب القمار. النظام المحافظ سمح للسيدة بأن تمدد نفوذها إلى درجة جعلتها فى الأساطير المحيطة بالقصر، شريكة لزوجها لا مجرد محركة لمسيرة الشهوات العائلية فى الخلود على رأس السلطة... أو حتى فى التحكم للأبد بمفاتيح إدارة البلاد. هل سافرت سوزان مبارك؟ وفى زيارة عائلية؟ وهل من منحها تصريح السفر يعرف ما دلالة خروج سوزان مبارك فى هذا التوقيت من مصر؟ أين سوزان مبارك؟ أين؟