أسماء الجريدلى، شابة مصرية، شاركت فى الثورة المصرية منذ اليوم الأول، وأحد أعضاء حزب «التحرير». ركبت أسماء المترو -وده طبعا لأنها عميلة لجهات أجنبية وبتاخد تمويل فظيع يخليها تقدر تدفع بتاع اتنين جنيه فى التذكرة- واستقلت عربة السيدات. توقف المترو فى إحدى المحطات ليستقل عربة السيدات رجل يحمل عصا مقشة، ويشير إلى النساء بالعصا، وهو يعظهن موعظة دينية شديدة اللهجة، وحيث إن أسماء طالبة فى الأزهر، فقد استاءت من الأخطاء الجسيمة التى ارتكبها فى موعظته، فطلبت منه أن يكف عن الحديث، وأن الموعظة مكانها المسجد ولا تجوز لغير العالم، فما كان من بعض النساء إلا أن زجرنها، بينما انطلق الرجل يسبها بأقذع الألفاظ. تجاهلت أسماء سيل السباب الذى خرج من فم الرجل، والتفتت إلى النساء تخبرهن بأنه يرتكب أخطاء علمية، فتهجم عليها «عم الشيخ» وضربها بعصا المقشة، سارعت أسماء لتتصل بالشرطة من هاتفها المحمول، فأخذه منها عنوة وألقاه على الأرض، ولما همت بالرد عليه، تكتل بعض النساء «المؤمنات» ليحلن دونها والرجل الذى نزل مسرعا من عربة المترو ليركب عربة الرجال. نزلت أسماء خلف الرجل، ومعها فتاتان تطوعتا للشهادة معها، وذهبت خلفه فى عربة الرجال، وصرخت فى الناس طالبة أن يمسكوا به كى تحرر محضرا، فلم تجد من أهل النخوة سوى شابين أمسكا به، بينما تطوع بقية الرجال لتهدئة أسماء قائلين: معلش قَدّ أبوك! ذهبت أسماء مع الفتاتين والشابين مصطحبين الرجل إلى قسم سراى القبة/ ثان، وحاولت تحرير المحضر، إلا أن كل من بالقسم كانوا غاية فى السلبية، بل إن الرجل تهجم على أسماء فى القسم وقال لها: لو معايا مسدس كنت قتلتك يا فاجرة. الغريب أن ضابط الشرطة حاول تهدئة الرجل وقال: تعالى معايا بس.. ما تخافش. أخيرا، قام أحد أمناء الشرطة بتهريب الرجل خارج القسم ومعه اثنان من المدنيين الذين ساعدوه على ركوب المترو. قررت أسماء أن تقدم شكوى فى أمين الشرطة، وبعد أن «مطوحها» كل من بالقسم، حررت محضر تعدى برقم 9/150، وقدمت شكوى فى أمين الشرطة، ثم ابتسم لها مأمور القسم قائلا: مش انتو اللى دمرتوا أمن الدولة؟ ما كان حايش عنكم البلاوى دى! عادت أسماء إلى منزلها لتجد جروحا غائرة فى جسدها، وتورمات فى رأسها. هى ليست حزينة بسبب رد فعل الشرطة التى لا ترجو منها خيرا، وإنما تشعر بالصدمة من سلوك الجمهور فى المترو. الله الله الله... هى بقت كده؟ بلطجى يعتدى على امرأة على مرأى ومسمع من الناس، ولا يتدخل ذو نخوة، أو ذات شرف، ليذودوا عن الفتاة، فقط لأن من يضربها شخص ملتح و«من دور والدها»؟ الفاتحة لقلة الأصل، وقلة الرجولة، وقلة الشهامة، وقلة الدين، وقلة الشرف، وقلة الأخلاق، وقلة الإنسانية. أهكذا عدنا أدراجنا لنقرأ فى الصحف مرة أخرى عبارة: «وسط ذهول المارة»؟ ذلك الذهول الذى قتل خالد سعيد فى الطريق على يد اثنين من المخبرين دون أن يتدخل ذكر أو أنثى لينقذ حياة البرىء،؟ قبل الثورة كان الناس يهابون التدخل بين الشرطة والمواطنين، أما الآن فهم يهابون التدخل بين المتاجرين باسم الله والمواطنين، بل وتتبرع بعض «المؤمنات» لتقييد الفتاة وتعطى فرصة أكبر للرجل -اللى فى سن والدها- أن يضربها. أعتذر عما سأقوله الآن لكننى مضطرة: أسماء محجبة. فكيف إن كانت لا ترتدى الحجاب؟ ونهار مدوحس لو كانت مسيحية بقى. لا بجد.. أريد أن أفهم. أنا أفهم تماما تصرف الشرطة الذى لخصه المأمور بقوله: تستاهلوا.. ما كانش عاجبكم أمن الدولة اللى كان حايش عنكم ده كله. لكننى لا أفهم سلوك الناس، سواء من راكبات عربة السيدات اللاتى قرر بعضهن المشاركة فى «تطبيق الحد» على أسماء، والبعض الآخر وقفن متفرجات، ومن ركاب عربة.. أقول إيه؟ الرجال؟ فشر.. لا رجال ولا يعرفوا عن الرجال حاجة ولا يسمعوا عنهم فى التليفزيون أصلا. ما هذا البله؟ امرأة تستصرخ وتستنجد بنخوة الرجال ليساعدوها على القصاص من ذلك البلطجى فلا تجد إلا شابين؟ والباقى إيه؟ أنا مش مدحت بس عايزنى أبقى مدحت حابقى مدحت؟ وبما أننى بقيت غلاوية اليومين دول: إلهى وأنت جاهى، كل من حضرت ما حدث لأسماء ولم تتطوع للدفاع عنها أن يسلط عليها من يفعل بها ذات الفعلة.. إلهى وأنت جاهى، كل رجل حضر ما حدث لأسماء ولم ينجدها.. ياكل بالشبشب من مراته.. ده إذا ما كانش بياكل منه كل يوم!