الرصاصة التى قتلت العقيد الليبى معمر القذافى لتضع نهاية مذلة لحياته، كانت فى واقع الأمر رصاصة البدء فى سباق محموم وخطير على السلطة فى ليبيا بعد القذافى.. مقتل القذافى ربما يمثل خطوة مهمة على طريقة تحرير ليبيا وتفوق أقصى أحلام وآمال الشعب الليبى الذى عانى طويلا فى ظل حكم العقيد الليبى، الذى امتد على مدار أكثر من 4 عقود، غير أنه من الممكن أيضا، بحسب مجلة «تايم» الأمريكية، أن يمثل صداعا هائلا لحكام ليبيا الجدد.. فالعدو المشترك الذى كان يوحد تحالفا من جماعات متنوعة ومختلفة تنضوى تحت لواء المجلس الانتقالى، رغم أنها تنتمى إلى مراكز قوى قبلية وإقليمية وسياسية مختلفة، لم يعد موجودا، وفق المجلة الأمريكية المرموقة، والمجلس الانتقالى الذى تصفه ب«الهش» يصارع منذ سقوط طرابلس من أجل السيطرة على بيئة سياسية متمردة بشكل متزايد، مع تحدى عديد من المجموعات المسلحة المقاتلة للقذافى لقيادة المجلس. كثير من هؤلاء المقاتلين ينظر إلى المجلس باعتبار أنه واقع تحت هيمنة مسؤولين سابقين فى نظام القذافى ويستمدون سلطاتهم من علاقاتهم بالغرب، لا من تأييد الليبيين.. وفى مقابل التحديات النابعة من صفوف الثوار لشرعية المجلس، كرر أعضاؤه فى الأسابيع الثلاثة الأخيرة تعهدهم بعدم المشاركة فى الانتخابات التى وعدوا بإجرائها فى الأشهر الثمانية التالية على إعلان تحرير ليبيا. لكن بموت القذافى بدأت ساعة الانتخابات تدق الآن، وحتى تشكيل الحكومة الانتقالية التى وعد المجلس بأن يكون فى غضون 30 يوما من إعلان تحرير ليبيا، ربما يشهد اقتتالا سياسيا عنيفا بين مجموعات الثوار المتناحرة. كما أن تنظيم انتخابات ديمقراطية خلال ثمانية أشهر فقط فى بلد لا يحمل فى ذاكرته المعاصرة أى تجارب حزبية أو فكرة عن سيادة القانون التى تمزقها القبلية والاعتبارات الإقليمية والسياسية، سيكون «مهمة صعبة بكل تأكيد» على حد قول المجلة.. المجلس لن يتمكن كذلك من عمل أى تأجيلات فى العملية الانتقالية، من دون توافق بين الجماعات المسلحة المتناحرة التى تتنافس الآن على السلطة. وقبل يوم واحد على مقتل القذافى قال رئيس الوزراء الليبى المؤقت محمود جبريل، لمجلة «تايم» إنه خطط للاستقالة من منصبه هذا الأسبوع، معزيا ذلك إلى الصراع الناشئ على السلطة، بقوله: «لقد انتقلنا إلى صراع سياسى بلا حدود.. الصراع السياسى يتطلب تمويلا وتنظيما وسلاحا وأفكارا.. أخشى أننى لا أمتلك أيا من هذه الأشياء». وبات جبريل فى الأيام الأخيرة موضع انتقادات شديدة من جانب المقاتلين الإسلاميين ضمن المجلس الانتقالى، ومقاتلى مدينة مصراتة الذين لعبوا دورا مهما فى إسقاط القذافى وقتله. وتعتقد تلك الجماعات أنه سيتم إقصاؤهم من عملية صناعة القرار عن طريق تحالف من التكنوقراط المدعومين من الغرب والنظام السابق، وهم يتوعدون بالقتال ضد هذا الأمر.