لم يكن حسنى مبارك الوحيد من الطغاة الذى أهان نفسه وأذلها بعد إهانة الشعب المصرى كله فى حكمه الاستبدادى وفساده عبر 30 عاما.. ليختفى حول ادعاء مرضه فى محاكمته على فساده وقتله المتظاهرين السلميين. لقد جعل من نفسه «فرجة» للعالم كله.. بعد أن أصر أن يبقى فى مصر -بعد أن أجبرته الإرادة الشعبية فى ثورة 25 يناير العظيمة على رحيله من منصبه الذى اغتصبه لمدة 30 عاما- مدعيا أنه لم يفعل السوء بوطنه وشعبه. وها هو القذافى، الطاغية الأكبر، الذى جعل من ليبيا دولة متخلفة، رغم غناها المالى والبشرى والجغرافى، واعتبر نفسه ملك الملوك وعميد الحكام ومحرر العالم.. ليتحرر منه الليبيون قبل العالم.. ويتفرج العالم على مصيره الأسوأ، وهو يجرى اعتقاله بعد هروبه من قصوره وخيماته المرفهة والمنيعة.. بل يقتل ويضرب ويتم التمثيل بجثته، ويجرى سحله، وإن جرى ذلك فى عمل همجى بربرى. لم يكن نريده لثورة شعبية خرجت ضد الطغيان والاستبداد، ومن أجل الكرامة والحرية.. ولعل تجد من يدافعون عن ذلك بأن القذافى وعائلته لم يتركوا بيتا فى ليبيا إلا انتهكوا حرماته وقتلوا وسحلوا أفرادا منه.. بل إنهم «سحلوا» ليبيا كلها. وقد فعل القذافى عبر تاريخه فى حكم البلاد ما لم يفعله أى ديكتاتور فى العالم. قتل وعذَّب وسحل وخطف سياسيين معارضين، وذوبهم فى «الحمض»، ولم ينج منه زملاؤه فى ثورة ليبيا عام 1969، ليظل الوحيد القابض على السلطة والمتحكم فى ثروات البلاد، ويعمل على توريثها لأبنائه الذين لقوا نفس مصيره. أفسد واشترى ذمما من أجل الدعاية له، واشترى حكاما ودولا بأموال الشعب الليبى، لينصب نفسه ملك الملوك. أضاع على ليبيا حقها فى أن تكون فى مقدمة الأمم. فعل كل شىء لإذلال الليبيين وإهانتهم.. وكان يراهم جرذانا لا يستحقون الحياة.. إلى أن تم هروبه مع عائلته كالجرذان.. ليكون هذا مصيره. ويكون الانتقام منه وأسرته وكبار مواليه الذين ظلوا ملاصقين له حتى آخر لحظة بهذا الشكل البربرى، وهو أمر لم يكن يجب أن يكون من سلوك الثوار، الذين خرجوا من أجل الحرية والكرامة لا على طريقة القذافى نفسه. وبموت القذافى بتلك الميتة المهينة.. فقد أغلقت صفحة الطاغية الليبى.. وليبدأ المجتمع الليبى فى التحرر وبناء مجتمع جديد. لقد أوصلوا الشعوب إلى أن تعتبر مراحل حكمها كالاستعمار.. تم التحرر منه بعد طرده والتخلص منه. لقد نجا من هذا المصير من البداية الطاغية التونسى زين العابدين بن على، الذى آثر الهروب قبل القبض عليه، ليجد ملاذا آمنا فى السعودية.. ولم يتعلم منه بعد ذلك حسنى مبارك، ليكون مصيره إهانته فى محاكمتة، بغض النظر عما ستؤول إليه تلك المحاكمة.. وها هو مصير القذافى «المنيل». ولكن بعد ذلك.. ألا يتعظ جزار سوريا الذى ما زال يقتل شعبه على مدار سبعة أشهر، الذين ما زالوا يناضلون سلميا من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية. ويسقط كل يوم الشهداء على أرض سوريا بدبابات ومدرعات وآلات الجيش السورى الذى يستخدمه بشار الأسد ضد شعبه. ألا يرى هو وطاغية اليمن على عبد الله صالح مصير المستبدين، الذين لا يحترمون إرادة شعوبهم. لقد انتهكوا حرمات الناس.. ويصرون على اغتصاب كرسى الحكم بعد أن أفسدوا وطغوا.. لكن إرادة الشعوب لن تلين. وستنتصر فى النهاية على جزار سوريا وسفاح اليمن. لقد سقطت دماء الشهداء.. فلن تضيع هدرا. وتحررت تلك الشعوب من الطغيان والاستبداد. يسقط الطغاة.. وتحيا إرادة الشعوب.