الدراما مبدئيا مش يعنى حاجة نكد. النكد اسمه تراجيديا، والمفرفش اسمه كوميديا، والاتنين دراما. والدراما زى ما درستها هى فى الأساس «محاكاة الواقع». يعنى تقليد الواقع. قوم الكتّاب اللى زى حالاتى يشوفوا الحياة من حواليهم فيها إيه، ويعيدوا حكى اللى بيشوفوه من وجهة نظرهم اللى بيتدخل فيها طبعا خيالهم -الواسع أو الضيق- حسب ظروف كل كاتب. وفى الدراما الواقعية على وجه الخصوص، الكاتب بيستوحى عمله من الواقع بكل ما فى الواقع ده من خير وشر وحب وكره وكل حاجة خلقها ربنا وبنعيشها. يبقى البديهى بعد المقدمة الطويلة العريضة دى إن الفنون الدرامية زى السينما والمسرح والتليفزيون تبقى هى اللى بتقلد الواقع. لكن لأ.. أبدا. البديهى طلع مش بديهى ولا حاجة والآية اتقلبت. وبقى المفهوم السائد إن الناس هى اللى بتقلد الدراما. وبالتالى فلازم الأعمال تبقى قدوة حسنة لأنها بتأثر فى الناس. فتظهر مطالبات بفلترة وتنقية ومنخلة الأعمال عشان المتفرج بيقلد اللى بيشوفه، وكأن المتفرج ده قاصر. فتظهر -على سبيل المثال وليس الحصر- أصوات تنادى بمنع التدخين فى الأعمال الدرامية عشان المتفرج هيدخن سجاير لما يشوف البطل بيدخن. طب ما هو أكيد الكاتب اللى كتب إن فى سيجارة فى المشهد المعين ده كان شايف إن فى ضرورة درامية. أو ده اللى المفروض يكون لأن كل تفصيلة فى العمل لازم يكون ليها ضرورة درامية. ده غير إنه من طريقة معالجة نفس التفصيلة ممكن العمل الدرامى يخليك تحب السجاير أو تكرهها. ومش متصورة يعنى إن فى عمل درامى بيروج للتدخين، إلا لو كان المنتج صاحب مصنع سجاير كليوباترا مثلا. ونقيس على كده أكم من التفاصيل الحياتية السلبية -مع اختلاف وجهات النظر حول ما هو سلبى وما هو إيجابى- اللى بنقابلها كل يوم فى واقعنا وبنطنشها واحنا مرتاحين البال. لكن لو صناع الدراما ناقشوا نفس التفاصيل يبقوا هما اللى بيحرضوا المتفرج إنه يقلد السلبيات. يعنى بدل ما نعالج أصل الأشياء عايزين نكتفى بإننا نعالج الصورة. ملحوظة: يا ريت عزيزى القارئ ما تختصرش المقال كله فى إنى بادافع عن التدخين، لأنى أحب أقول لحضرتك إنى باكره التدخين كره العمى.