إذا استمرت الحال على ما هى عليه وظلت الجماهير على انفلاتها وشماريخها ولسانها الطويل، فأبشركم بأن الأهلى والزمالك لن يلعبا مباراة واحدة على استاد القاهرة وأنهما سيعيشان مشردين طوال الموسم، وربما يضطر سمير زاهر إلى نقل مباراة القمة إلى قطر، وطنه الثانى، حيث يوجد هناك أهله وناسه وسبوبته وبنوك الذهب والياقوت والفضة والمرجان. إن استمرار الجماهير فى إطلاق الشماريخ وعدم مبالاتها بالعقوبات والغرامات ونقل المباريات هو تعبير عن التمرد والعصيان والاستخفاف بالعقوبات، وكنت أتفهم أن يحدث ذلك قبل الثورة، حيث الكبت والضيق والملاحقة الأمنية أو فى أثنائها بعد أن انفتح باب الحرية على مصراعيه ورحل من أظلموا الدنيا بفسادهم، أما الآن فلا أجد مبررا واحدا لاستمرار إطلاق الشماريخ سوى إلحاق الأذى بالأندية، وأنا لا أفهم حتى الآن كيف لمشجع أهلاوى يدعى حب الأهلى وعشق تراب نجيلته ويقوم بهذا الأذى المباشر، أو زملكاوى أصيل يشجع فريقه بلا أمل أو طموح، ولو حتى فى كأس دورة رمضانية، وفى نفس الوقت لا يتردد فى إيذاءة وإشعال شمروخ احتفالا بفوز لم يتحقق وبطولة لم تمر على النادى من 8 سنوات، فمن أين جاء بهذه الفرحة؟ فهذا هو الجمهور الوحيد فى العالم الذى يفرح وفريقه خسران. وبغض النظر عن السبب فإن إطلاق الشماريخ يحمل أذى مباشرا، فيه سبق إصرار وترصد، فالمشجع يذهب بنفسه ويدفع من جيبه ما يقرب من 40 جنيها فى الشمروخ، ويتجه إلى الاستاد ويشعل الشمروخ وهو فى كامل وعيه وإدراكه بأن ناديه سيدفع غرامة مالية، وأن فريقه سيلعب المباراة القادمة خارج أرضه، كل ذلك حتى يستمتع الباشا المشجع بالشمروخ وهو يشتعل فى يده، ثم تتحول متعة الشمروخ إلى لذة التلذذ بتعذيب النادى الذى تشجعه، وأسمع الآن مشجعين منتشين من تأوه رؤساء الأندية وآهاتهم العالية من ألم الغرامات وتكاليف الانتقالات واللعب خارج الدار. ومن الواضح أن هذا العرض لن يحل بالعقوبات ونقل المباريات، فالغرامة يدفعها النادى، والمباراة التى تنقل يتحمل عناءها النفسى والبدنى والمعنوى اللاعبون والجهاز الفنى، أما مرتكب الجريمة فينام فى بيته سعيدا، فلماذا لا يكررها مرة واتنين وتلاتة وعشرة؟ إذن علينا أن نبحث عن حلول تضمن أن يتحمل المشجع نتيجة خطئه ويعاقب على ما يفعل، وظنى أن هناك وسائل كثيرة لعقاب المشاغبين والمؤذين، منها على سبيل المثال، تفتيش المشجعين ذاتيا، وهو الطريقة التى رفضتها جماهير الألتراس والوايت نايتس فى أيام الرئيس المخلوع ووزير سلخانته حبيب العدلى بدعوى تعرضهم للإهانة والضرب فى أثناء التفتيش، أما الآن وبعد أن حصلوا على حريتهم فلم يلتزموا بمسؤولياتهم، ويفعلون كل ما هو مؤذٍ لأنفسهم وأنديتهم، الآن وبعد تجربة، علينا إقرار مبدأ تفتيش الجماهير، وبالمناسبة هذا الأمر معمول به فى كثير من دول العالم التى تقدر قيمة الإنسان وتحافظ عليه من المتهورين والمهووسين الذين قد يرتكبون بتهورهم أخطاء يموت بسببها العشرات. من المهم أيضا أن تتحمل الجماهير نتيجة أخطائها بشكل مباشر، وأن تتحمل دفع الغرامات ونفقات التلفيات، فلا يعقل أن يدفع نادٍ يشحت مرتبات عماله ألوف الجنيهات لأخطاء مجموعة مشاغبين يدعون أنهم يحبون النادى، والله يغور هذا الحب فى ستين (....)، والحل الأفضل أن تقوم الأندية بتحميل الغرامات على تذاكر المباريات، واللى يغلط يدفع ثمن غلطته، واللى معاه فلوس يشترى شماريخ ويضربها فى الهوا (على وزن اللى معاه قرش محيره يجيب حمام ويطيره) يدفع ضعف التذكرة، والقول إن هذا سيضر الفريق وسيصرف الناس عن الذهاب إلى الاستاد، والرد أن هذا أخف الضرر وأقل أذى مما عليه الحال الآن، فخروج الأهلى إلى الإسكندرية، حتى وإن كان يلعب وسط جماهيره الغفيرة هناك فيه تكاليف على خزينة النادى وإضرار نفسى ومعنوى، فهم ينفذون عقوبة لا ذنب لهم فيها، ويلعبون على غير ملعبهم الأصلى، إضافة للمجهود البدنى من السفر. الآن هذه الحلول وغيرها لن تجد طريقها إلى النور، لأن مجالس إدارات الأندية تخاف من الجماهير أكثر من الشماريخ.