كانت ثورة.. والله العظيم كانت ثورة.. وكل من رأى أو سمع عن كوبرى قصر النيل يوم 28 يناير يعرف أنها كانت ثورة، وكل من رأى بعينه الدخان الأسود يتصاعد من مبنى الحزب الوطنى يعرف أنها كانت ثورة، وكل من جلس على الرصيف أمام كنتاكى التحرير وبعد أن قام من مكانه اكتشف أن الهباب الناتج عن الدخان لوّن ملابسه بلون أسود يعرف أن الحزب الوطنى وأمن الدولة ومبارك والعادلى تحولوا إلى ذرات سوداء تملأ الهواء الذى نتنفسه وستقوم أجهزتنا التنفسية ودورتنا الدموية بتنقية الهواء تلقائيا ودون مجهود غير الشهيق والزفير فقط. وكل مَن مر فى شارع الشيخ ريحان فدمعت عيناه من آثار قنابل غاز مسيل للدموع ضربت على متظاهرين قبل أسبوع يعرف أنها طبعا ثورة. وكل مَن بكى على زياد بكير ومحمد بسيونى وأصحابهما يعرف أن دماءهم هى ثمن الثورة. اسألوا هبة السويدى، السيدة التى اصطحبت مئات الشباب إلى أطباء عيون وخرجت باكية لأن العين التى تُفقد لا يمكن إعادتها. ستقول لكم إنها أكيد ثورة. طيب.. لماذا يُحاكَم الثوار عسكريا.. وبقانون الطوارئ؟ الإجابة: لأن الثورة أصبحت انقلابا عسكريا. ولماذا تُطلَق الأعيرة النارية على الشباب منذ 15 مايو حتى 9 أكتوبر، فتصيب مَن تصيب وتقتل مَن تقتل (لا يهم الأرقام فواحد يكفى) ولا يصدر قرار اتهام واحد يتهم أى إنسان بإطلاق النار؟ الإجابة: نفس الإجابة. ولماذا يتحدث وزير الإعلام بهذا الفخر عن تليفزيونه بينما نتوقع منه الاستقالة اعتذارا؟ الإجابة: نفس الإجابة. ولماذا دخلت الشرطة العسكرية على الهواء فى قناتى «الحرة» و«25» لتقدم مشهدين تاريخيين، يستحقان جائزة أحسن كوميديا رعب فى العالم؟ ولماذا دهس عميدان لكليتين من جامعة المنصورة طلابا يتظاهرون ضدهما؟ ولماذا اختفى د.أحمد عاطف منذ أربعة أيام؟ ولماذا رفضت محكمة النقض التماس أيمن نور بإعادة محاكمته؟ ولماذا كان رئيس الدائرة هو نفسه رئيس لجنة شؤون الأحزاب التى رفضت حزب الغد؟ اسألوا كل الأسئلة الممكنة وغير الممكنة، ستجدون أن الإجابة واحدة. أصبحت الثورة انقلابا عسكريا، والمفاجأة أن عامة الشعب موافقون.. أليس السكوت علامة الرضا؟!