أول ما ستفعله التيارات السلفية، إذا ما آل إليها حكم البلاد، هو ما ستفعله أى جهة أخرى، وهو أن تستبدل جميع القيادات الأمنية، والعسكرية، بقيادات سلفية الفكر، تؤمن بأنها منفذ شرع الله، سبحانه وتعالى، فى الأرض، والمحافظ على كلمته، عز وجل، ولكن من منظورها الخاص بالطبع، وهو منظور يرى الأمور بشكل مختلف، ويعيد تفسيرها من منطلق محدود، ولكن باسم الدين، وهنا تكمن مشكلة المشكلات، فأساسيات الدين لا يختلف عليها أحد، ولا يحاول أن يختلف عليها أحد، ولكن الأمر هنا يتعلق بالتفسيرات والفتاوى، التى يختلف فيها حتى السلفيون أنفسهم، والتى قد تضع المجتمع كله فى حالة من الارتباك، أو فى ديكتاتورية قمعية لا مثيل لها، خصوصا مع تقديس صاحب التفسير أو الفتوى، واعتباره فوق مصاف البشر، وأنه وحده، ومن دون البشر أجمعين، غير قابل للخطأ، فأنت عندما تختلف مع نظام حاكم، له قانون ودستور، فأنت فى خانة المعرض، الذى ربما يكون على حق، أو حتى على باطل، لأنه فى النهاية قانون أو دستور وضعى، يدرك حتى أى ديكتاتور، أنه قد يحوى بعض الأخطاء، ولكن عندما تختلف مع من يرى أنه منفذ كلمة الخالق عز وجل، وأنه وحده يدرك كل التفاسير وكل المعانى، فأنت فى هذه الحالة لست فى خانة المعارض، بل فى خانة المخالف شريعة رب الكون العظيم، جل جلاله، فهل ستكون هناك، فى هذه الحالة، مساحة لحرية الرأى والفكر ؟! وماذا عن الحرية بشكل عام؟ هل سيسمح بها نظام سلفى، أم أنه سيضع كومة من الممنوعات والمحظورات، تشمل كل ما يراه مخالفا الشرع، خصوصا أنه سيمتلك لحظتها الشرطة والجيش، ونظم الأمن والاستخبارات وغيرها، وما رأيناه فى التجربة الأفغانية، وما سمعناه هنا، من السلفيين أنفسهم، يجعلنى أجزم بفكرة كومة الممنوعات والمحظورات هذه، وتجعلنى أرى مصر السلفية معزولة عن العالم، بعيدة عن سباق العلم والتطور والتكنولوجيا، تواجه أعداءها بأسلحة تحصل عليها منهم، دون أن تملك العلم وأسس التطور، التى تتيح لها أن تعد لهم ما استطاعت، من القوة، ومن رباط الخيل، وترهب عدو الله وعدوها بالتهديد والوعيد والعمليات الاستشهادية، وهو يتطور ويتطور، حتى تتسع الفجوة بينه وبينها، إلى حد يجعل هزيمتها فى المستقبل أمرا حتميا، لأن الأولويات السلفية تختلف عن أولويات بناء الدولة الحديثة، التى يرفضونها، ويحاربونها، ويرون من منظورهم أنها كفر ما بعده كفر، وهذا ليس رأيا شخصيا، بل ما قالوه، وسجلته شبكة الإنترنت، ويمكن الرجوع إليه فى أى لحظة، أما عن الديمقراطية. فللحديث بقية